أيها الصهاينة لن تؤخروا الربيع

عيسى سيار

لقد استشهد القائد اسماعيل هنية وقبله استشهد مئات القادة منذ بداية الكفاح الفلسطيني المسلح في نهاية ستينات القرن الماضي، ولن يكون أبو العبد أخيرهم، ولكن مع كل هذه التضحيات الجسام لم تمت أو تخبو الثورة الفلسطينية، قد تهدأ أحيانا كاستراحة المحارب من أجل تضميد جراحاتها وترميم البيت من الداخل، ولكن سرعان ما تعود اقوى واكثر عنفوانا. لقد استشهد أكثر من مليون جزائري ومثلهم او اكثر فى فيتنام وجنوب أفريقيا وتشيلي وغيرها ولم تمت ثوراتهم، بل انتصرت فى آخر المطاف لأن قضيتهم حية في وجدانهم، فمقاومة المحتل ليست فكرة فحسب كما يرددها قادة الكيان الصهيوني وبعض المثقفين بل هي أيديولوجية وعقيدة وثقافة متجذرة ومتأصلة في دماء الشعوب الحية.

إن من انخرط فى العمل السياسي الثوري السري منه ام العلني او من اطلع بعمق على ثقافة الحركات الثورية الرائدة، والتي سطرت انتصاراتها في سجل التاريخ بحروف من دم ونور، يعلم تمام العلم بأن الثورة الحية ولادة وأن التحرير له ثمن باهض، وهذا ما دفعة ويدفعه الشعب الفلسطيني، وحماس والجهاد والشعبية وفتح وغيرها من حركات فلسطينية مقاومة حركات ولادة. أين الشيخ ياسين المؤسس؟ أين خليل الوزير ابو جهاد؟ أين الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي؟ أين أبو علي مصطفى؟ أين يحى عياش؟ أين المبحوح؟ أين غسان كنفاني؟ أين ناجي العلي؟ أين وأين… القائمة تطول، هل ماتت او انهارت المقاومة الفلسطينية بعد استشهادهم على يد الصهاينة؟ بل على العكس تزداد المقاومة يوما بعد يوم توهجا وبريقا وتألقا سياسياً وعسكريا، وطوفان الأقصى هو تاجها الذي ضرب الكيان الصهيوني في نخاع عظمه، وفي تقديري هو مسكها إن جاز لي ذلك.

إن أراد النتن ياهو بقتله الشهيد أبو العبد تحقيق نصرا يسوقه على الجبهة الداخلية الصهيونية المفككة والمنقسمة على نفسها رأسيا و عمودياً وبشكل غير مسبوق في ظل شبه انهيار تام لكافة مظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك من أجل انجاز صفقة تبادل الأسرى، فنود أن نقول لهذا المجرم وعصابته لا تفرحوا طويلا، لانكم تعيشوا وجبهتكم الداخلية منذ طوفان الأقصى في أسوأ وضع معنوي واقتصادي مر به الكيان الصهيوني منذ تأسيسه، يصاحبه هجرة عكسية كبيرة وقلق وجودي غير مسبوق.

لقد اثبت طوفان الاقصى ان الصهاينة أوهن ورق الحمام، والعالم اجمع يعرف بأنه لولا الدعم الأميركي والأوروبي المفتوح لما استمر الكيان الصهيوني في المعركة لأكثر من ثلاثة شهور حسب تقديرات خبراء دوليين، ومن هذا المنطلق يجب أن لا تعول المقاومة كثيراً على الرد الإيراني أو تدخل من أي دولة عربية، فإيران دولة لها حساباتها السياسية البرجماتية، وعلى المقاومة الفلسطينية التعويل على امكانياتها وقدراتها وأن يكون ردها مزلزلا كما توعدت به الكيان الصهيوني فى غزة والقطاع والقدس والداخل المحتل.

وأما الانظمة العربية، فهي غارقة فى مصالحها الخاصة الضيقة وأحيانا الشخصية للحكام ولم تعد القضية الفلسطينية هي القضية العربية المركزية، بل هناك البعض منها يري انها اصبحت عبئا يجب التخلص منه وبثمن بخس!؟ وثم رسالة للأنظمة العربية والإسلامية المتفرجة على ما يحدث في فلسطين والتي لم تحرك ساكناً حتى الآن تجاه العربدة الصهيونية، إنتبهوا نكم تقفوا ضد إرادة شعوبكم! وحتى البعض من هذه الأنظمة لم تحفظ ماء وجهها بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني أو حتى تجميدها من باب أضعف الإيمان، نقول لهم لا تأمنوا غدر الصهاينة والغرب، فقد تؤكلون يوما ما كما أكل الثور الأبيض!

إن استشهاد القائد هنية لن يوهن المقاومة ولن يحسن من صورة الردع عندكم أيها المجرمون، التي انهارت بإمتياز داخليا ودولياً، وانكم بفعلكم هذا لم ولن تؤخر ربيع الثورة الفلسطينية شئتم أم أبيتم والذي يتجلى الآن في أبهى صورة، سوف توقعون الصفقة (الصفعة) مكرهين وسوف يحتفل الشعب الفلسطيني باسترداد حقوقه المسلوبة واراضيه المسروقة شئتم أم أبيتم، وستقوم الدولة الفلسطينية وسيختار الشعب الفلسطيني قيادته الوطنية المجمع عليها وليست زمرة أبو مازن المتمرغة في أحضان الكيان الصهيواميركي حتى النخاع والمحمية من قبله. لقد طوي طوفان الأقصى صفحة الخونة والمتآمرين على الثورة الفلسطينية والنائمين على الحرير والديباج وسوف يأتي رجال اسماعيل هنية ومروان البرغوثي وأبو علي مصطفى وأبو جهاد وابو ابراهيم يحى السنوار ليحملوا شعلة الثورة والدولة في آن واحد؛ الثورة على التآمر والفساد الداخلي والذي يقوده ابومازن وزمرته وعلى الكيان الصهيواميركي اوروبي المجرم العنصري، ومن ثم إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية والتي يتطلع إليها الشعب الفلسطيني في ان تكون انموذجا يحتذي به العالم. فالتضحيات الجسام التي قدمها ويقدمها الشعب الفلسطيني يجب أن يكون ثمنها الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية الحقة وليست ديمقراطية صممها الغرب على قياس زمرة السلطة الفلسطينية.

وقد أثبت التاريخ بأن الكفاح المسلح هو السبيل لاسترداد الأوطان السليبة والعزة والكرامة، لا مفاوضات أبو مازن العبثية أو تنسيقه الأمني الدنيء مع الكيان الصهيواميركي المجرم.

فمن يرفع الشراع!؟

ملاحظة: حقوق المقال محفوظة للكاتب، من يرغب في إعادة نشر المقال له الشكر والتقدير ولكن من دون إضافة او تعديل.

* باحث وأكاديمي بحريني

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى