يعقوب: قضية الوالد باقية شعلة للمحبة والعطاء
لقاء بعنوان "محبة وعطاء" عن نهج الشيخ المغيب يعقوب في العيش الاسلامي- المسيحي لمناسبة الذكرى الـ 46 للتغييب
عقدت مؤسسة الشيخ الدكتور محمد يعقوب للتنمية بالتعاون مع “المجلس اللبناني – السعودي الثقافي” ومطرانية جبل لبنان للسريان الارثوذكس لقاء تحت شعار “محبة وعطاء” في عين سعادة، لمناسبة الذكرى الـ 46 لاختطاف السيد موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين في 31 اب 1978 وانتقال السيدة العذراء في 15 آب بهدف تسليط الضوء على نهج الشيخ المغيب الدكتور محمد يعقوب في العيش الاسلامي – المسيحي المشترك تخلله كلمات علمائية من الطوائف كافة من ضمنها كلمة لنجل الشيخ المغيب محمد يعقوب الدكتور علي يعقوب وكلمة لشيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى وكلمة للسيد علي محمد حسين فضل الله ورئيس المجمع المقدس للسريان الارثوذكس المطران جورج صليبا ورئيس محكمة جبل لبنان السنية القاضي الشيخ احمد الكردي وقصائد من وحي المناسبة للشعراء الدكتور ميشال كعدي والدكتور ميشال جحا ومداخلات من الشيخ محمود صبوح وإعلاميين، وحقوقيين وكتّاب وبعض الشخصيات المشاركة. كما ألقى ختاما كلمة عاطفية ووجدانية حفيد الشيخ محمد يعقوب الناشط السياسي والاقتصادي فضل علي يعقوب.
حضر اللقاء لفيف من العلماء والمطارنة وحضور نوعي من النخب التي تعمل في إطار الحضارات والحوار والتعايش منها عضو المجلس التنفيذي في “مشروع وطن الانسان” ورئيس مؤسسة “وان فويس فاوندايشن” الدكتور انطوان قلايجيان والامين العام للقاء الاسلامي – المسيحي عن سيدتنا مريم ومنسق “أكادمية الانسان للتلاقي والحوار” الدكتور ناجي الخوري وعدد من ممثلي منظمة العالمية لحوار الاديان والحضارات وجمعيات ومنظمات حقوق الانسان محلية ودولية ورؤساء بلديات وفاعليات اجتماعية وعلمية.
استهل اللقاء بكلمة ترحيب وتعريف ألقتها رئيسة سيدات المدن السيدة ورئيسة “المجلس السعودي – اللبناني الثقافي” الشيخة أماني الحقيل التي قالت:” نجتمع اليوم في هذا اللقاء المميز في لقاء شهر آب تزامنا مع انتقال السيدة العذراء وتغييب رجالات كبار غيبوا لانهم يؤمنون بالعيش الاسلامي المسيحي المشترك لكي نتحدث عن نهج الشيخ الدكتور محمد يعقوب في هذا السياق من رؤساء طوائف لبنان واصحاب العلم والمعرفة.
ثم قدمت أول المتحدثين رئيس “مؤسسة الشيخ الدكتور محمد يعقوب للتنمية”، نجل الشيخ المغيب محمد يعقوب الدكتور علي يعقوب الذي اكد ان “هذا الحضور الحاشد والرائع من جميع اطياف لبنان خير دليل أن قضية الوالد والامام الصدر ما زالت حية وراسخة في وجدان الشرفاء”.
وقال:”من معجن السماء خبز الفقراء – ومن صحراء محمد لهيب الرجاء ومن نهج علي عدالة وعزيمة ومضاء – ومن طف حسين منطق شهادة والفداء – ومن تسامح المسيح فعل محبة وعطاء نعم أعزائي ومن هذا المنطلق ومن هذه الروحية وببركة التوجه الاللهي الذي نستمده من محمد والمسيح نجتمع اليوم تحت هذا الشعار “محبة وعطاء” لكي نسلط الضوء على نهج الشيخ الدّكتور محمّد يعقوب في العيش الاسلامي المسيحي المشترك”.
أضاف:”بداية لزام علينا وبايجاز ان نبدأ من ولادة ونشئة الوالد الذي غيب قبل ان اكمل عامي الاول ومن ثم على عمله ونهجه وتغييبه مع السيد موسى الصدر، ففي عامٍ بهيٍّ، الا وهو عام 1945، لعلَّهُ العامُ، الّذي تعالَت شمس المحبَّة على بلدةِ “مقنة” البقاعيّة، أبصر النورَ فتىً، مثقل الكاهلِ بالمسؤولياتِ والأماناتِ، وسُموِّ الرِّسالةِ، كأنما الله شدَّهُ إلى الدُّنيا ليكون وجهاً رَسوليّاً، وهادياً للدّين الحنيفِ والمؤمنين”.
تابع:”على قُدسية الكلمةِ، نهض في سِنّ مبكِّرةِ، بهمَّةٍ صلبةٍ شمَّاءَ، أملَتْ على طلعتِهِ الغرّاء الصَّدْقَ، والوثبَ نحو مبدإٍ مُسَّى بجِناحِ الشَّجاعةِ من دون تردُّدٍ أو تعوُّج، فتارةً قبلتُهُ البقاع، وشموخ الأعمدةِ السّتة، وطوراً في مغامرةِ الحقّ والمناقبِ المُدافعة عن الكرامةِ، حيثُ كان اللّقاءُ الأوَّلْ الّذي جمعهُ بالإمام موسى الصّدر، خالقِ الانفتاح والمحبَّة في منزل آيةِ اللهِ الشّهيد محمد باقر الصّدر في العراق، وقد استقرّ به الطّوافُ، على وقعِ سليلِ الأصلابِ الشّامخةِ حتّى طريقِ سدادِ القصدِ واستقامةِ المنهجِ. وقفتنا اليوم أمام رجلٍ كبيرٍ، إن هي إلاّ تذكيرٌ بعظيمٍ من لبنان، امتلأ بقيَمٍ، لا أعظمَ ولا أجلَّ، فكان حضورُهُ تأكيداً لعنفوانٍ وَصِدقٍ حسينيٍّ من شأنهِ النّخوةُ ونكرانُ الذاتِ، والاكتفاءُ بشرفِ الهدفِ، كما هي محبة المسيح واكتمالُ الوفاءِ والإخاءِ على التَواصلِ وتوطيدِ الرأي، ومشعبِ الهدايةِ. هذا العظيمُ، نَقَل أبواب هياكل المعرفةِ الشاملة على الزهادةِ والرصانةِ، موطِّناً نفسه على الصّبرِ، وملاذِ الأحكامِ، فهو كنَّازٌ مُدَّخِرٌ، بالتَّبِعات الإرثية”.
اضاف:”سماحة الوالد الشّيخ محمّد يعقوب عُرِفَ بصراحةِ القولِ والتَّديُّن، حتّى امتزجَ فيه القلقُ الرُّوحيُّ بالتَّحسُّسِ البشريِّ، حتى إذا سُئِلَ أبو حسن عنِ السُّوَرِ القرآنيّة والفقه، تحدّر بقوَّةٍ، وثقة ، فتخشع له الجوارحُ، هكذا وصَفه سماحة السيد موسى الصَّدر، والذي قال فيه عند زيارتهما للرئيس الجزائري ” هوراي بو مدين” قبل أشهر من تغييبهم وفي مقابلة مع مجلة القبس الكويتية شرف ومقولة: ” قمة الثقة”. المعروف عن الدكتور الشّيخ محمّد يعقوب أنَّ له مواقفَ في الإفتاءِ. الإفتاءُ عنده لونٌ من ألوانِ المنطقِ العلميّ القريب من الصَّلاةِ، فهوَ أبداً في وقارِ الدِّقةِ وميزانِ العدلِ العلميِّ والأئمَّةِ الهادين، والمحاجِّ الواضحةِ والمنطقَ وموضعِ الصواب السديد. وإذا صلّى تياسرت له العِبادةُ، وخصوصاً إذا وَقَفَ للكلامِ، فكأنّما يَكشفُ الزمن بأرواقٍ تشيرُ إلى مُخبّآت الصُّدور وإحناءِ الضُّلوع في جلاءِ البَصر، على كثيرٍ من البيانِ واللِّسان. لو تسمعُهُ يقولُ: ” هكذا يتعلّمُ رفاق الجهاد في الجنوب أنصعَ الصّفحات وأكثرها خلوداً، وأبقاها أثراً، وأصلبها عوداً وأعدلها قضيّةً…”. ” في بلدة بقاعية وهي الكرك سكانها مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وهي رمز للعيش المشترك وتبيان لنهجه الذي يحمل عنوان هذه الندوة، قال يجب التمسك بكل مسيحي في لبنان ليكون لنا سفيرا في الغرب”.
وقال:”اليوم في ظل التوترات والحرب القائمة في الجنوب كان سباقا حين قال: ” في الجنوب البداية، ومِنَ الجنوب النهاية”، ” شهداؤنا مشاعل الطّريق… طريقهم طريقنا إلى الحرِّيَّةِ”. وَلشيخنا، مقالاتٌ كثيرةٌ منها الاجتماعيّةُ والسياسيّةُ، والقوميّةُ وغيرُها. وعلى هذا الطّريق، احتلَّ الشّيخُّ محمّد يعقوب، مكانةً ساميةً بين رجال الدّين، وهكذا حَلَمَ به معارفُهُ، وهُو ببالهم، كما لو كانَ قطعةً صلاةٍ. وفي هذا السِّياقِ، كان السيد موسى الصّدر يراهُ قدوةً ومجاهداً، ورفيقاً، وعلّامةً في الفكر والدّين، وَفَهّامةً في الحياةِ وفاعلاً في شتَّى الميادين، وناصراً للمستضعفين، ونموجذا يحتذى به لتعزيز العيش المشترك بين جميع طوائف لبنان للوصول الى الانصهار الوطني الحقيقي. كلُّ ذلك، يمتازُ بإيجابيّةٍ فاعلةٍ بنّاءَةٍ، وروحٍ إنسانيّةٍ شاملةٍ مبنيّةٍ على روح العدلِ، وصوتِ الرِفقِ، والتَّغييّرِ الّذي يُريح المرءَ في الوطن، والإحسان، والعِلْمِ والتّسامحِ المنبثق عن مواطنيّةٍ صالحةٍ. ففي تعاليمه دينٌ للجماعات، يُقْرأُ بخشوعِ التَّأمُّلِ، وغرِّ الصّفاتِ، أمّا عظاتُهُ، فهي من مقلعِ الإيمان، يُرادُ بها وجهُ الخالقِ. هذا الرائدُ النَّظريُّ، العالِمُ، احتشد في عُمرِهِ القُدوةُ، والرِسالةُ، فاستوعب النّاس، وكان حالُهُ كحال السيد موسى الصّدر يسعى في كل يوم معرضا حياته للخطر من اجل وحدة لبنان والعيش الاسلامي المسيحي المشترك فحقق اول وقف اطلاق نار عندما ازال المتاريس بين عين الرمانة والشياح مع داني شمعون رغم محاولة اطلاق النار عليهم من قبل جماعة خفية مشبوهة ارادت الفتنة في لبنان”.
تابع:” أحبَّ العاملينَ في حقل الإصلاح. دعا إلى المنفعةِ العامَّةِ، وَمَقت النّفاق. وفي زيف هذه الدُّنيا ومتاهاتها، عرفَ كيف يتلقّى الأُمور بثباتٍ وَلَيانٍ، داعياً إلى التجمُّلِ والسَّكينةٍ. والدي، ما عرَفَ الدّين عبادات وحسب، بل صوتَ إنصافٍ، لأنَّ تقويم الرَّعّيةِ، وإصلاحها، لا يكون بالسَّيفِ، وإنّما بالعدلِ والحقّ. هذا القديرُ كريمُ المَعينِ، لا يَعرِفُ المذَلّة، مِن هنا أراد التّغيير، على وقعِ الجُرأةِ الصّارخةِ، وَهو الوطنيّ بإمتيازٍ، والنّواةُ الواعيةُ، الّتي لا تفرِّقُ بين طائفةٍ وطائفةٍ، ففي هذه الحالةِ كان رائداً، وميزاناً لا يخيفُ. أمّا القُدرةُ على التَّسامحِ، فهي سِمةٌ بارزةٌ في حياتِهِ، وظاهرةٌ في كلِّ تصرفاتِهِ وأفعالِهِ، على أنّ الدّعوة إلى الرّحمةِ، فهي شأنٌ في مواقفِهِ، وإن قال، تتمثَّلُ له أقوال الرَّسول (ص) الِّذي عفَا عن مكّةَ وأهلِها، وهُنا تحديداً بدا لنا إماماً للعفوِ. يتضحُ ممّا أقولُهُ، أنّه رَسَمَ صورةً للتَّساوي بين المؤمنين بالله والموحِّدين، وذلك بأسلوب دقيقٍ، صفيق الدّيباجةِ والبلاغةِ والبيانِ والفصاحةِ الملأى بالرَّونق. وقد لَمَحَ عارفوه الحقيقة في أقوالِهِ وخُطَبه الفاعلةِ في النّفوس المتماديةِ بالإيمانِ والفضيلة، انطلاقاً من هذا الدّافِعِ، تلاقى في شخصهِ إعجابُ الملأ والمجتمع. ثم تمكّن سماحتُهُ أن يَلعبَ لُعبة الحُكماءِ المُصلحين، القادرين على التَّبديلِ نحو الأَفضل، ومن ثمَّ أوتيَ محابَّ الأفئدةِ والمشاعرِ والأرواحِ، وهكذا انتشر قولُهُ في الأديانِ كافَّةً، حتّى باتَ صِنوَ الثبات وضوء لا يخبو، فَنِعمَ الاب ونعم الارث والحمد الله رب العالمين على نعمه والشكر لكم”.
المطران صليبا
ثم ألقى مستشار المجمع المقدس للسريان الأرثوذكسي مطران جبل لبنان وطرابلس مارثافيلوس جورج صليبا كلمة قال فيها: “من الذين أحبوا الإمام الصدر سماحة الشيخ الدكتور محمد يعقوب كان مقرّباً إليه عزيزاً على قلبه لصفات مشتركة جمعت بين الرجلين، كما كان رفيق دربه في لبنان وفي رحلة الاختطاف الى ليبيا. إن الشيطان هو عدو الخير ويقول عنه السيد المسيح: “إن الشيطان منذ البدء كان عدو الإنسان بل قتّالاً للناس”. وصار الشيخ لقربه الخاص من الإمام محسوداً من كثيرين حركهم ابليس عدو الخير، فنصبوا الشرك لرسالته ونهجه. إن الشيخ محمد يعقوب جليل الوقار وعلم في الديانة الاسلامية والشيعية”.
اضاف:”نستنكر ما جرى له في ليبيا ونحن اليوم متضامنون مع كل من تأثر لغيابه وعدم عودته وندين المجرمين وكشف الحقيقة، قال الأولون: الظلم مرتعهُ وخيم وذلك أصاب الظالم. نسأل الله أن يلهم القادرين أن يعلنوا الحقيقة فيتم قول المسيح: “تعرفون الحق والحق يحرركم”.
الشيخ الكردي
القى رئيس محكمة جبل لبنان الشرعية السنية سماحة القاضي الشيخ احمد درويش الكردي كلمة قال فيها: “حديثنا اليوم في الذكرى السادسة والاربعين لغياب سماحة العلامة الشيخ الدكتور محمد يعقوب الذي أكرمه المولى بصحبة ومرافقة السيد موسى الصدر الذي حمل معه راية المحبة والعطاء ليس لطائفته فحسب وليس للمسلمين فقط بل تجاوز ذلك حتى شملت وغمرت راية المحبة والعطاء جميع اللبنانيين على حد سواء. وما أجمل كلمات الشيخ محمد يعقوب حينما قال موضحا منهجه وطريقه فقال: ” حرصنا أن نكرس لغة جديدة في التعامل، لغة شعارها القيم، سلوكها التضحية، وخطها البذل والعطاء، إنتماؤها حسيني المنهج، قادر على إنتزاع الخير من كل ذواتنا، هذا الحرص على هذه القيم أملى علينا موقف الدفاع عن النفس، وأن نقف موقف النضال في سبيل وحدة لبنان وأن نقف جميعا لتحقيق العدالة الاجتماعية في لبنان بين جميع أبناء وأطيافه وفئاته وطوائفه على قدم المساواة في الحقوق الوطنية والواجبات الانسانية الضرورية ل=لتحقيق المساواة بين أبناء الوطن الواحد مسلمين ومسحيين يرفعون شعارا مشتركا بينهم من أجل الولاء للوطن وترابه والدفاع عن حقوقه وحدوده وترابه العبق الطاهر ولقد جاء في الأثر حب الاوطان من الايمان، ومن دافع عن أرضه فهو شهيد، والسلام عليكم ورحمة الله.”
شيخ العقل
ثم ألقى الشيخ أبي المنى سماحة عضو مجلس المذهبي الشيخ سامي عبد الخالق قال فيها: “نجتمع الیوم في ذكرى شخصیات غیبت قسریاً عن الساحة الانسانیة والوطنیة وتركت ارثاً عظیماً في مجال الحوار والتلاقي بین مختلف الدیانات والمذاھب والثقافات عنیت تغییب الامام الصدر والشيخ يعقوب ورفیقیھما، لقد كان الشیخ محمد یعقوب الرفیق المخلص للامام الصدر وخازن اسراره ومستشاره الخاص، وقد اعطى الامام والشیخ بعداً خاصاً لعملھما في الساحة اللبنانیة من خلال انغماسھما في الحیاة اللبنانیة المتنوعة ثقافیاً ، وتمسكا كما قال الامام الصدر ” بثروة یجب التمسك بھا ” وھي التعایش الاسلامي المسیحي . والقیا خطباً في كنائس كثیرة ، واقاما حوارات مع مختلف الطوائف اللبنانیة لتقریب وجھات النظر ، وكان ھمھما مصلحة الناس والشعب ولیس مصالحھما الشخصیة لذلك ادى ھذا النھج الى استھدافھما ومحاولة اغتیالھما جسدیاً فلم یابھا لھذه التھدیدات واعتبرا ان الغرائز یجب تھذیبھا، اما الشیخ محمد یعقوب فیقول : “نحن اتینا لندیّن السیاسة ولیس لتسییس الدین “. لقد كانت الاولویة لدیه العلم ، فاعد رسالة الدكتوراه في العلوم الفلسفیة من جامعة السوربون الفرنسیة بعد قراره الذھاب الى النجف لیتشرف بالدراسة على ید السید باقر الصدر . وقد تمیز الشیخ محمد یعقوب باطلالة على الملفات الاقلیمیة والدولیة ، وكانت له شخصیة فریدة زاد من فرادتھا ثورة وھو اي الشیخ محمد یعقوب التزم بالمبدأ القرآني في تربیة الفرد على الفضائل الاخلاقیة المثلى التي تروض النفس على الوازع الدیني ، كالصبر والصدق والعدل والاحسان والحلم والعفو والتواضع . وسار على نھج الحسین علیه السلام في الشھادة للحق والعدل لتكون شعلة مضیئة ، وصرخة للاحرار ومسیرة للصادقین الاوفیاء یستلھمون مسارھم الى احقاق الحق”.
ختم:”نشكر الشیخة اماني الحقیل والدكتور علي یعقوب على ھذا اللقاء الجامع الذي نعتبره مناسبة مھمة لتأكید المحبة والعطاء التي مثلھا الشیخ محمد یعقوب في مسیرته العطرة وعقلانیته لارساء قواعد واسس بناء الدولة على الحق والعدالة”.
فضل الله
ثم ألقى كلمة سماحة العلامة السيد علي محمد حسين فضل الله الشيخ الدكتور محمد حيدر قال فيها: “لم يكن لسماحة الشيخ محمد يعقوب أن يحتل هذه المساحة الواسعة في عقل الإمام الصدر وقلبه، وأن يكون رفيق رحلة جهاده المضنية والمليئة بالتضحيات، لو لم يمتلك من الرؤى والتطلعات الرسالية والإنسانية، ومن المزايا النفسية والشخصية، ومن الانفتاح والتواصل مع الافرقاء كافة لاسيما العلاقة العميقة التي ربطته بسماحة السيد محمد حسين فضل الله” .
تابع:”لقد كان سماحة الشيخ يعقوب ثقة الإمام، حيث كلفه بالكثير من المهمات التي تندرج في تثبيت الخط الإيماني الوطني رغم المخاطر التي كانت تحملها، وأهمها ما يتصل بانتهاز كل فرصة لوقف الحرب الأهلية وحفظ الوحدة الوطنية وحماية لبنان من أطماع العدو الصهيوني والقضية الفلسطينية من التصفية، فيما كان هذا الخط يواجه عقبات لم تفت من عضد الشيخ ولا هزت من قناعة ما يحمله من أفكار وقيم توحيدية ووطنية وقومية تستند إلى إيمان عميق بالله وثقة بقدرة هذا الشعب على تجاوز كل الازمات. .تجاوز كل الأزمات، وبالفعل فإن ما شهدناه، وبعد التغييب الظالم، ولم يكن مضى عليه وقت طويل، إلا وصدقت توقعات الشيخ الغائب من نهوض لهذا الشعب في الوعي والقدرات والإمكانات والنجاح في تحرير الأرض من العدو وتعزيز قدرات الردع الوطنية لمنع أي عدوان، وهو ما يشهد على حس استشرافي فريد وتميز في الرؤية للمستقبل”.
ختم:”ألف تحية وشكر للإمام ولرفيق دربه الشيخ محمد يعقوب الذي نقول في ذكرى تغييبه التالي:موسى كليم الله والصدرُ الذي في جوفه يعقوبُه خفقا قلبٌ توجّعَ لليتامى كلّهمْ وطنُ اليتامى أرزه احترقا ما زال يوسفُ في الظلام ببئرهِ وأبوه أمسى ضوءُهُ غسقا يا أيّها الزمنُ الرديء ألا أقِلْ بلدًا تمادى فيه مَنْ نعقا وأعِدْ إلينا من جنائنِ زهرهِ عطرًا تسرّبَ في الدُّنا حبقا”.
فضل يعقوب
وألقى فضل يعقوب كلمة قال فيها: “أخاطبكم اليوم بقلبي المليء بالفخر والاعتزاز، لأتحدث عن جدي الحبيب الشيخ محمد يعقوب، الذي غيبه القدر عنّا منذ ستة وأربعين عامًا. إن غياب جدي لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان فصلًا تاريخيا، ترك آثره على المسيرة الإنسانية، نشتاق إليه كل يوم ونتذكره بكل تفاصيله وأعماله. كان جدي الشيخ محمد يعقوب رجلًا استثنائيًا، عاش حياته محبةً وعطاءً، متفانيًا في خدمة الناس ومجتمعه. كان مثالا للإنسان الصادق، الحكيم، والمتواضع، وكان يفيض خيرًا وبركةً في كل خطوة يخطوها”.
أضاف:”لقد كان جدي، الشيخ محمد يعقوب، نموذجاً فريداً لرجل الدين الذي لم يقتصر دوره على المنبر والمسجد، بل امتد ليشمل ساحات النضال والعمل الاجتماعي والسياسي حيث ترعرع على قيم الايمان و المحبة و العطاء الجاد. كان جدي قريباً من القلوب والعقول، وكانت كلماته تتردد في كل بيت وشارع، تدعو إلى الوحدة والتسامح والعدالة. أسس مع الإمام موسى الصدر ليكون صوتاً للحق والمظلومين، ويداً تبني وتعمر في وجه الدمار والخراب و أصبحوا منارة للعلم و العمل في آن واحد. في زمنٍ كانت فيه الأزمات تتوالى والمحن تتكاثر، كان جدي يقف كالجبل الراسخ، يمسح دموع الحزانى، ويزرع الأمل في قلوب اليائسين. كان كريما معطاءً، يفتح بيته لكل محتاج، لا يرد سائلًا ولا يغلق بابه في وجه من جاء مستجيرًا. كانت يداه دائمًا ممدودتين بالعون، وعينه ترى حاجات الآخرين قبل حاجاته”.
تابع:”بكل اختصار، جدي الشيخ محمد يعقوب، رجل العطاء والمحبة، كان نورًا في ظلام الأيام وصوتًا للحكمة والتقوى. كان حضوره رمزًا للأمان والراحة، واسمه يتردد على الألسن بكل احترام. في غيابه نشعر بفراغ كبير، لكنه ترك لنا إرثًا لا يُمحى، علمنا أن نحب ونعطي دون انتظار مقابل. كان جدي يزرع الحكمة ويقدم الإرشاد، و كانت كلماته الهادئة تنير العقول وتزرع السكينة في القلوب. إرثه هو إرث من القيم النبيلة، والمحبة اللامحدودة، والعطاء الذي لا يعرف حدودًا”.
ختم: “إن تذكرنا لجدي في هذه المناسبة هو تجديد للعهد، عهدنا على مواصلة النضال والعمل من أجل العدالة والحرية والكرامة. إننا نستمد من ذكراه القوة والعزيمة، ونستلهم من سيرته العطرة الدروس والعبر. لأننا أو لأنني سأبقى وفيا لقضيتهم، مستمرين في المطالبة بكشف الحقيقة وتحقيق العدالة. أود أن أقول، إن المحبة والعطاء بدون تفرقة بين مسلم او مسيحي، هما أعظم ما يمكن أن يتركه الإنسان خلفه. فلنكن جميعًا على نهج جدي الشيخ محمد يعقوب، ننشر المحبة ونعطي دون حساب. أسأل الله أن يرد لنا جدي الشيخ محمد يعقوب، و سيدي الإمام، وأن يوفقنا في حمل رسالتهم ومواصلة دربهم”.
قصيدتان
وفي الختام القى الشاعر والاستاذ الجامعي الدكتور ميشال كعدي قصيدة بعنوان “سماحة الشيخ العلامة محمد يعقوب – نهج المحبة والعطاء” منها:
“إثنان من رسل، والبدر مكمل‘ والدين في رجح، قد زانه القمر
موسى، محمد، سادت مريم بهما، في موضع القدس؟ هنا أن بدا الكبر
محمد، ولنقل يعقوبنا رشد، فكم يحن، الى أقوالك العمر
مريم سألت، وأحمد حكم، يعقوبنا شغف، بالله مؤتزر”.
كما ألقيت قصيدة لشاعر كبير مستشاري المنظمة العالمية لحوار الاديان والحضارات الدكتور ميشال جحا بعنوان: “سماحة الشيخ محمد يعقوب – أعمدة الهدى بسيف علي” منها:
“أاسأل عته والامام جناحه، ويشرق حتى في الظلام صباحه
ومن بعلبك أختطى أعمدة الهدى، بسيف علي والنجوم وشاحه
هو الشيخ من مثلى رؤاه، وكيف لا وحكمة ركن المرسلين سلاحه
محمد يعقوب نبيان بإسمه، لذا الصبر والايمان كان كفاحه”.
إلى ذلك تكلم بإيجاز عن المغيب الشيخ الدكتور محمد يعقوب ونهجه الوطني في جلسة نقاش بإدارة رئيسة سيدات المدن الشيخة أماني الحقيل كل من الدكتور ناجي خوري، الدكتور إنطوان قلايجيان، الدكتورة صونيا الاشقر، العميد فؤاد الخوري، الدكتور رائد المصري، الاعلامية ميرنا رضوان، السيد شربل أبو جودة، الدكتورة شادن حيدر، السيدة أريج بدر، الكاتبة ميرنا جحا، السيدة بيسان مرتضى، الانسة نورة سعادة، والسيد إدوار أبي رميا.
يذكر أن “مؤسسة الشيخ الدكتور محمد يعقوب للتنمية” تنظم ايضا ذكرى السادسة والاربعين للتغييب تحت الشعار نفسه “محبة وعطاء” في قاعة المؤتمرات في مسجد الامام علي في عاصمة الدانمارك كوبنهاغن يوم الذكرى الأولى والنصف من بعد ظهر 31 أب الجاري.