السيد “لبعض الداخل اللبناني”: نحن قوم لا نخاف الحرب ولا نخشاها لأنّ أقصى ‏ما يمكن أن تأتي به هو الشهادة

ألقى الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله في يوم العاشر من محرم كلمة قال فيها: “الوضع العام هذه السنة، إحياء ذكرى أبي عبد الله الحسين ‏في الكثير من المناطق في العالم لم ‏تُواجه مشاكل خاصة، هذه من نِعم الله، اليوم مثلًا ‏اليوم العاشر انتهى، كان العاشر اليوم في إيران ‏وتركيا واليمن وفي بلدان أخرى، أظن أغلب ‏الشرق، شرق إيران كان اليوم لديهم العاشر، غدًا إن شاء الله ‏العراق، لبنان وبقية البلدان الأخرى، ‏ عادة كل سنة كان يُسجل قتل هنا وتفجير هناك، اعتداءات هنا ‏وهناك، مثلًا في نيجيريا ‏كان هذا الأمر يحصل وفي أكثر من بلد، باستثناء سلطنة عمان والتي سوف أتكلم ‏عنها قليلًا، كل ‏الأخبار المتداولة والمعروفة أنّه والحمد لله هذه السنة وهذه من نِعم الله سبحانه وتعالى علينا، ‏أنّ ‏الحضور لإحياء ذكرى أبي عبد الله الحسين عليه السلام في كل الدول وكل الأماكن التي أُحييت ‏في هذه ‏الذكرى كان الحضور الشعبي فيها كبيرًا وعظيمًا ومُتعاظمًا وآمنًا أيضًا، هذه من نعم الله ‏سبحانه وتعالى. ‏ نعم يوجد حادثة مؤسفة حصلت في سلطنة عمان قضى فيها عدد من الشهداء ‏من المدنيين ومن الشرطة ‏ويُقال في وسائل الإعلام أنّ المهاجم قُتل ويوجد حديث عن أكثر من ‏مهاجم، على كل حال هذا كله يتبين ‏لاحقًا، نحن هنا نُعبّر عن أسفنا وعن حُزننا وعن تعازينا ‏للشهداء، الشهداء من المدنيين والشهداء من ‏الشرطة العمانية الذين كانوا يقومون بواجب حماية ‏هذا المجلس وهذا المسجد وباحته التي أقيمت فيها ‏الذكرى، ولكن في نهاية المطاف هناك بعض ‏الجهلة، الحاقدين، المتعصبين، الكارهين، لا يخلو منهم ‏الزمان، والحمد الله أنّه على امتداد الكرة ‏الأرضية لدينا حادثة واحدة، يعني بحسب معلوماتي، يمكن أن ‏يكون هناك حوادث أخرى لا ‏علم لنا فيها، ولكن بحسب الظاهر، هذه من نِعم الله سبحانه وتعالى. وفي كل ‏الأحوال هذا النوع ‏من الأحداث كان يحصل في الماضي وسيحصل في المستقبل، لا يخلو الأمر، لن نصل ‏إلى ‏مرحلة ينتهي فيها هذا الأمر طالما هناك أحقاد وضغائن ويزيديون وأعداء للحسين عليه السلام ‏وأعداء ‏لرسول الله ولأهل بيت رسول الله، وهؤلاء قلّة قليلة جدًا جدًا في أمتنا الإسلامية، المسلمون ‏عمومًا على ‏اختلاف انتماءاتهم المذهبية سنة وشيعة، كل انتماءاتهم يحبون أهل البيت ويودون أهل البيت، قد نختلف في ‏مسألة الإمامة والولاية والخلافة ولكن في مسألة التعظيم والتكريم ‏والحب والود هذا أمر مُشترك ومسلّم ‏ومُجمع عليه بين المسلمين، يخرج عليه بعض من نُسمّيه ‏بين هلالين، نحن نسميه وأيضًا إخواننا السنة ‏‏”النواصب”، يعني الذين ينصبون العداء لآل رسول ‏الله صلى الله عليه واله وسلم. وهذه الأحداث لم تمنع ‏في الماضي رغم ضخامتها في الماضي، لم تمنع من استمرار إحياء هذه المجالس وتعاظم هذه المجالس ‏وهذه الذكرى، ‏وعلى كل حال هذا كان خبرًا من زينب عليها السلام التي تنتمي إلى أهل بيت النبوة وعلمها ‏من ‏علم أبيها وأمها وجدها صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين التي قالت في أصعب الأيام وأصعب ‏‏الظروف ليزيد القاتل “والله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا”، كل هذه الجرائم طوال التاريخ لم ‏تستطع أن ‏تمحو ذكرى محمد وآل محمد، لم تستطع أن تمحو ذكرى الحسين وزينب وأحداث ‏كربلاء. ‏ من هذه النقطة أود أن أدخل إلى النقطة التي تليها وهي أنّه في طوفان الأقصى هذا العام ‏ومن بركات ‏طوفان الأقصى ومن بركات تضامن جبهات الإسناد مع بعضها البعض، وبالأخص ‏أنّ جبهات الإسناد في ‏لبنان واليمن والعراق عندما تُصنّف مذهبيًا تُصنّف باتجاه معين، هذا الأمر ‏ترك أثارًا طيبة وإيجابية ‏وعظيمة جدًا في الأمة، وساعد في تخفيف الاحتقان الطائفي والذهبي ‏الذي خُطّط له وعمل له من قبل ‏المخابرات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية خلال العقد ‏الماضي، ووصل خلال العقد الماضي أي خلال ‏العشر سنوات الماضية إلى الذروة، التحريض ‏الطائفي وخصوصًا بين الشيعة والسنة. من بركات طوفان ‏الأقصى أنّه ساعد في تهدئة هذا المناخ ‏الى المستويات الدنيا، لكن مع ذلك من سمّيناهم قبل قليل بالنواصب ‏وبعض الذين تخاذلوا عن ‏نصرة، الآن كثيرون تخاذلوا عن نصرة غزة، ولكن هؤلاء الكثيرين ساكتون، ‏ولكن بعض هؤلاء ‏المتخاذلين ليغطوا تخاذلهم وتركهم لغزة وأهل غزة يلجؤون إلى إحياء القضايا المذهبية ‏والطائفية ‏ويفتحون ملفات قديمة ويُثيرون الأحقاد وكأنّه لا توجد معركة ولا توجد أولويات ولا توجد ‏‏مجازر في غزة ولا يوجد تحديات ولا يوجد شهداء، هذا المناخ لا يزال موجود ولكن محدود، ‏لكن من ‏المتوقع بعد انتهاء معركة طوفان الأقصى بالانتصار إن شاء الله سوف نجد أنّ أجهزة ‏المخابرات في ‏المنطقة وفي العالم سوف تعمل على إحياء هذا الأمر من جديد، سوف نرى من ‏جديد في الفضائيات ‏ومواقع التواصل الاجتماعي وسيُعاد فتح هذا الملف من جديد ‏من أجل مُصادرة واحدة من النتائج المباركة ‏لطوفان الأقصى وهي تلاقي المسلمين وتوحّد ‏المسلمين وتجمّع المسلمين في مُقابل الخطر الكبير الذي تُمثّله ‏إسرائيل والمشروع الصهيوني، ‏ولذلك يجب أن نكون حذرين الآن وفي المستقبل، خصوصًا الناس التي ‏تجلس على مواقع ‏التواصل الاجتماعي، لأنّ من يجلس على التلفاز وإن قام برد فعل يبقى جالسًا في ‏المنزل”.

وتابع: “لكن من يجلس على ‏مواقع التواصل الاجتماعي يستطيع أن يُعلّق ويرد بإجابات، هؤلاء يجب أن ‏نَحذرهم، يجب أن ‏نتركهم، يجب أن نتغافل عنهم، حتى لا نكب الزيت على هذه النار، أنا تعرفون طريقتي ‏التي ‏دائمًا أوصي بها أنا وإخواني ولكن طبعًا البعض يستجيب والبعض لا يستجيب، نحن نقول دعوهم ‏‏واتركوهم يكتبون، ليكتبوا ما يشاؤون ويُحرّضوا على من يشاؤون، عندما لا يجدون من يصغي ‏إليهم ومن ‏يُعلّق على كلماتهم ومن يتأثر بهم ومن يهتم لهم، في نهاية المطاف يتعبون ويسكتون. هذا الأمر ينسحب في ‏الدائرة الضيقة اللبنانية، هنا نتكلم على مستوى الأمة والعالم، لكن ‏حتى في الدائرة الضيقة أنا أدعو إلى هذا ‏المنهج، منهج التغافل عن الأصوات والأشخاص الذين ‏لا قيمة لهم، يعني اليوم مثلًا بالمقابلات التلفزيونية ‏والمقالات التي تكتب وبمواقع التواصل حقًا يوجد شريحة من الناس مع احترامنا لكل الناس لا قيمة لهم ولا ‏تأثير، يعني إذا تكلموا ليل نهار لا يرد عليهم أحد ولا يسمع لهم أحد ولا يقرأ لهم أحد، لا أتكلم عن أنفسنا ‏نحن فقط، عموم ‏الشعب اللبناني والناس عمومًا لا تهتم بهم، حتى عندما ترى مثلًا أرقام التفاعل أو الانتباه ‏أو ‏التعاطي، تجد أرقامًا محدودة جدًا، لكن أحيانًا نحن نُساعد هؤلاء، يعني هناك شريحة إذا أحببت أن ‏أسميهم أقول عنهم تافهون، تافهون يجلسون على مواقع التواصل الاجتماعي ليلًا نهارًا ويثيرون ‏الفتنة بين ‏المسيحيين والمسلمين في لبنان، يفتح ملفات قديمة، عندما يجد الشيعة والسنة التمّوا على ‏بعضهم يفتح ‏ملفات شيعة وسنة، وهو ليس له اي علاقة لا بالشيعة ولا بالسنة، وقضايا من هنا ومن هناك، لكن بعض ‏الإخوة وبعض الأخوات وبعض الناس عندما يعتبرون أنه من واجبهم وهم مشتبهين أن يردوا على هؤلاء ‏ويُعلّقوا عليهم فيزداد الدخول إلى حساباتهم وإلى مواقعهم فهؤلاء يزدادون جرأة ويعتبر نفسه حقًا مؤثر ‏ومسموع ويُصغى إليه، هناك كثير من المواقع والحسابات الوهمية ويوجد مواقع وحسابات حقيقة ‏لأشخاص كثير منهم تافهون، نعم، من كان له تأثير في المجتمع، معروف من خصومنا يوجد أشخاص لهم ‏تأثير في بيئاتهم، في مجتمعهم، وعندما يتكلمون، عندما ينطقون، عندما يجرون مقابلات الرد على هؤلاء ‏أو توضيح الالتباسات التي يصنعونها قد يكون مفيداً أحياناً وقد لا يكون مفيداً أحياناً، هنا لا أتكلم بالمطلق، ‏ممكن مفيد يكون الرد عليهم والتعقيب وممكن أن لا يكون مفيدًا، حسب الموضوعات. لكن غير هؤلاء ‏الذين هم “مؤثرين”، غير هؤلاء الذين لا تأثير لهم، هم لا قيمة لهم ولا يُصغى إليهم، وغالباً هؤلاء مرتزقة ‏يتقاضون أموال ودولارات على ما يكتبون، لأنّ هؤلاء جزء من الجيوش الالكترونية التي تعمل على الفتنة ‏وعلى تمزيق الصفوف وعلى تخريب الساحات وعلى استغلال أي حادث ممكن أن يحصل هنا وهناك. ‏ لذلك أنا مجدداً أيضاً الليلة في هذا الحضور المبارك والكبير أدعو الإخوة والأخوات إلى الانتباه إلى هذه ‏النقطة، هناك أناس أصبحوا مشهورين بسببنا وأصبح لهم اعتبار أنّه والله موقعهم والاهتمام بموقعهم ‏بسببنا، أصبحوا يظنون انهم مهمين بسببنا، بسبب ماذا؟ هذه الشبهة، أنه لا نريد أن نوضح، هنا الإهمال هو ‏السياسة الصحيحة، أدر ظهرك. ماذا نكتب يا سيد؟ ما شاء الله لدينا الكثير، نحن الذين لدينا كلام كثير لنكتبه ‏ولدينا كلام كثير لنقوله، لأنّه نحن موجودين في كل الجبهات، في كل الساحات، في كل القضايا، في كل ‏المهمات، لنجعل حضورنا الإعلامي وخصوصاً في مواقع التواصل يكون من موقع الفعل وليس من موقع ‏رد الفعل، اجعلوا حضوركم الإعلامي من موقع الفعل كما أنّ المقاومة هي في موقع الفعل، كما أنّ كل ‏محور المقاومة اليوم هو في موقع الفعل ويفرض معادلات والقواعد وما شاكل. ‏ طبعاً أريد التأكيد بالمناسبة على أهمية التثبت من الأخبار والشائعات وما يُكتب وما يُقال سواء في وسائل ‏الإعلام المختلفة، المرئية، المسموعة، المقروءة، ومواقع التواصل، لأنّ كثير مما يكتب هو كذب واختراع ‏وتأليف والناس ببساطتها تأخذه وتبني عليه، يجب أن نُدقّق وهذا ليس أمر جديد، طوال التاريخ هكذا كانت ‏الأمور، تضليل، تزوير، تحريف، تغيير الحقائق، مثلُا بعد ما جرى يوم العاشر في كربلاء وموكب السبايا ‏بالكوفة ما كان فيهم يخفوا الحقيقة لأنهم هم الذين قاتلوا بكربلاء، لكن بعد الكوفة في الطريق إلى الشام لما ‏كان يدخلوا من بلدة إلى بلدة ومن مدينة إلى مدينة لم يجرؤ جيش يزيد أن يقول للناس أنّ هؤلاء السبايا هم ‏بنات رسول الله صلى الله عليه وآله أو أن يقول للناس أنّ هذه الرؤوس المعلقة المرفوعة على الرماح هي ‏رؤوس أبناء رسول الله وحفيد رسول الله أبي عبدالله الحسين عليه السلام، لم يتجرأوا، وفي كل بلد وإنما ‏كانوا يكذبون عليهم، مثل الكذب الموجود الآن في الإعلام ولكن وقتها ما كان في فضائيات ومواقع ‏تواصل، الآن يوجد فضائيات ومواقع تواصل، ماذا كانوا يقولون لهم؟ في تلك الأيام كان هناك معارك ‏وكان بعدها، يعني ليس كل الأتراك دخلوا بالإسلام، ليس كل الديالمة دخلوا بالإسلام، فكان في تلك ‏المعارك يؤتى بأسرى وسبايا من الترك والديلم، فكان يُقال للناس هذه الرؤوس وهذه النسوة وهؤلاء ‏الأطفال هم أسرى وسبايا بين هلالين “أمير المؤمنين” أمير الفاسقين والمجرمين يزيد الذي نصره الله على ‏الترك والديلم، وهؤلاء من الترك والديلم وهم أبناء وبنات من؟ محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم ‏الذي يحكم بني أمية باسمه، التزوير إلى هذا المستوى. لذلك في الأماكن التي عُرف فيها حقيقة الأمر حصل ‏فيها مواجهات، تحديات ومخاطر من جملتها مثلاً مدينة بعلبك كما ينقل التاريخ ومن جملتها في نفس مدينة ‏دمشق وفي نفس مسجد بني أمية. لذلك نحن في هذا الزمن الذي تكثر فيه هذه الوسائل ويوجد إبداع بالكذب، ‏أيام زمان كان الكذب ليس معقدًا بل بسيطًا، الآن هناك إبداع بطريقة الكذب والتزوير والتحريف والتضليل ‏واختراع الأحداث والأخبار، لذلك يحتاج إلى مزيد من التثبت والتأكد. ‏ اليوم معركة طوفان الأقصى هي من أطول وأضخما لمعارك كما يعترف العدو نفسه الذي يُواجهها ‏المشروع الصهيوني في المنطقة، وأهمية هذه المعركة أنها معركة شعوب وحركات مقاومة وليست معركة ‏جيوش نظامية من طرف جبهة المقاومة. نحن أيها الإخوة والأخوات، الذي أريد أن أتحدث عنه هو له ‏علاقة بالثقافة وليس بالسياسة لكن هو ثقافة تدخل إلى السياسة”.

اضاف: “نحن نقاتل في معركة أفقها واضح ‏بالمعطيات المادية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والشعبية والاجتماعية أفقها واضح، ‏وسأرجع لها لاحقاً، لكن ما أريد أن أضيفه الليلة أنّه حتى في البعد الغيبي والوعد الإلهي أفقها واضح، نحن ‏لدينا وعد قرآني بزوال هذا الكيان، هذا كان يقال في المنابر وأحياناً يُكتفى بالجملة العامة، أنا لا أريد أن ‏أقول كيف؟ ويمكن نحن اليوم بهذه المعركة أمام هذا المستوى من التحدي وقساوة المواجهة نحن نحتاج إلى ‏أن نوضح هذه الفكرة أكثر من أي وقت مضى. ‏ في الآيات في بداية سورة الإسراء يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: “وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ‏الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي ‏بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ‏وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا ‏وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ ‏عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)”. ‏ في تاريخ بني إسرائيل هناك الكثير من الإفساد والكثير من المصائب التي أصابتهم، أربعة، خمسة، ستة، ‏سبعة، أحداث ضخمة وكبيرة حصلت.‏ عندما نعود لليهود وكتب اليهود وعلماء اليهود، وعندما نعود الآن إلى الإسرائيليين الموجودين في ‏إسرائيل، وهذا الموضوع يتحدث به ليس فقط المتدينين، أي الحريديم وبن غفير وسمودريتش وبنيت، لا، ‏يتحدث به حتى العلمانيين، ليبرمان يتحدث بهذا الموضوع، بقية العلمانيين يتحدثون بهذا الموضوع، ‏غانتس يتحدث بهذا الموضوع، الذي هو موضوع خراب الهيكل الثالث. تتذكرون قبل طوفان الأقصى كان ‏هناك كلام كثير في الكيان عن عقدة الثمانين، عقدة العقد الثامن، ماذا يعني؟ أي أنّ إسرائيل التي أصبح لها ‏‏75 سنة تُكمل ثمانين سنة أو تزول قبل أن يصبح عمرها ثمانين سنة؟ ما سبب هذا الكلام؟ هذا ليس له ‏علاقة بالسياسة فقط، هذا له علاقة بالتراث الديني والثقافي الموجود عند اليهود أنفسهم، والذي يقبل به ‏المتدينون من اليهود والعلمانيون من اليهود، والشاهد هو حديثهم عن خراب الهيكل الثالث الآن. ‏ إجماع المفسرين، ما قبل قيام الكيان وما بعد قيام الكيان، القدامى والجدد، إجماع المفسرين وليس له تفسير ‏إلا هكذا، “وإن عدتم عدنا، وإن عدتم إلى الإفساد عدنا إلى العقوبة، ليس هناك تفسير آخر، واضحة الآية ‏جلية مشرقة. ‏ ما يجري في منطقتنا منذ 1948 إلى اليوم، هذا إفساد، هذا إفساد عظيم، كبير، هذا العلو، هذا العتو، هذا ‏الاستعلاء، على كل شعوب المنطقة، على كل حكومات المنطقة، على كل جيوش المنطقة، منذ 1948 ‏إسرائيل وكيان العدو وبدعم من الغرب وأميركا يُمارس الإذلال والقهر لمئات الملايين من العرب، لأكثر ‏من مليار مسلم، ويرتكب يوميًا المجازر، الآن في هذه الأحداث الأخيرة، أيوجد إفساد أعظم من هذا ‏الإفساد؟ أيوجد علو أعظم من هذا؟ يتحدون العالم والمجتمع الدولي والإرادة الدولية والمحاكم الدولية ولا ‏يهمهم أحد ولا يسألون عن أحد، هذا هو العلو، ما هو العلو الكبير؟ “وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا”، ما هو الإفساد؟ ‏هذا من أعظم الإفساد، وقد يُناقش أنّ الإفساد الحالي بالـ 75 سنة قد لا يُقاس به أي إفساد سابق ما سوى ‏قتل الأنبياء عليهم السلام، لأنّ قتل الأنبياء كان شيئًا فظيعًا من بني إسرائيل. ‏ طالما تجدّد هذا الأمر فالوعد الإلهي آتٍ، الوعد بالعقوبة، هذا الإفساد وهذا العلو لا يمكن أن يبقى، لا يمكن ‏أن يستمر، نعم المسألة هي مسألة وقت”.

وقال: “‏ هناك ملاحظة مهمة، العقوبة الإلهية على بني إسرائيل كانت مختلفة عن عقوبات الأمم السابقة والأقوام ‏السابقين، مثل قوم هود، لوط، قوم صالح، قوم نوح، هناك أناس عاقبهم بطوفان الماء وهناك أناس جعل ‏عاليها سافلها، هناك أناس أرسل عليهم رياح، لكن هنا العقوبة الإلهية عقوبة بواسطة البشر، لم تكن عقوبة ‏بواسطة الوسائل الطبيعية، لا بالعواصف ولا بالطوفان ولا بالزلازل ولا بالملائكة، وإنما بالبشر، “بَعَثْنَا ‏عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ”، وفي المرة الثانية “لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا ‏الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ”، الشاهد هنا أنّ العقوبة بشرية، بواسطة البشر، الله سبحانه وتعالى بعث عليهم ‏بشرًا، لم يرسل عليهم جرادًا وما شاكل كما فعل بفرعون، بعث عليهم البشر. وفي العقوبة الثالثة من ‏المنطق والطبيعي أن تكون من سنخ العقوبتين السابقتين، أنّ العقوبة الثالثة على الإفساد الثالث والعلو الثالث ‏ستكون بواسطة البشر. من هم هؤلاء البشر؟ أولًا هم الذين يؤمنون بأنّ إسرائيل عدو وبأنّ إسرائيل وجود ‏عنصري وبأنّ إسرائيل غدة سرطانية، وبأنّ إسرائيل أم الفساد، وبأنّ إسرائيل شر مطلق، وبأنّ التعامل مع ‏إسرائيل حرام، وبأنّه يجب اجتثاث هذه الغدة السرطانية من الوجود، العقوبة تكون علي يد هؤلاء، وليس ‏على يد الذين يريدون أن يعترفوا بإسرائيل أو أن يقيموا سلامًا معها أو يطبّعوا العلاقات معها، ولو في ‏حدود 67. ‏ وهنا تأتي ميزة محور المقاومة في هذا الزمن، والمسألة مسألة وقت، نحن لا نعلم الغيب، اليهود أنفسهم هم ‏موقتين بين 70 و 80 سنة، الآن نحن بالـ 76 سنة، ولذلك يتحدثون عن 80، طبعًا الذي يزيد عندهم القلق ‏والخوف أنّ المعطيات الطبيعية والتاريخية والاجتماعية أيها الإخوة والأخوات وتحدثنا تفصيلًا بهذا سابقًا ‏واليوم هناك كتب ودراسات أنّ هذا الكيان وهذا المجتمع بحسب القوانين التاريخية، الاجتماعية، الطبيعية، ‏أصبح في نهايته، يعني عندما نحكي بالعلم، علم اجتماع، علم سياسة، علم تاريخ، بشكل طبيعي هذا أصبح ‏في نهايته، ولذلك بدأوا يتحدثون عن 80 سنة وغير 80 سنة، نحن لا نعرف 80 أو أكثر أو أقل، لكن الذي ‏نعرفه أنّه يجب أن نعمل جميعًا ليكون هذا على يدي أجيالنا الحاضرة والحالية والأجيال الحالية والحاضرة ‏هي التي تستطيع أن تحقق هذه العقوبة الإلهية وهذا الوعد الإلهي، وإن لم نفعل فالعقوبة ستأتي ولكن على ‏يد الأجيال الآتية، “يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ”، “فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ”، يأتي الاستبدال، لكن ‏الظاهر من المؤشرات أنّه إن شاء الله هذه الأجيال الحاضرة التي تقاتل اليوم في غزة، في الضفة، في ‏جبهات الإسناد، في المنطقة، وأنا أعلم وأنتم تعلمون أنّه من خلفها لو قدر لشعوبنا العربية والإسلامية بحق، ‏لو قدر لها، لو أجيز لها، لو فتحت الفرصة أمامها لتعبر عن موقفها الحقيقي لوجدنا أنّ هذا هو الموقف ‏الحقيق لمئات الملايين، ما تفعله جبهات المقاومة وما تفعله المقاومة في غزة. ‏ إذًا نحن نقاتل وأمامنا هذا الوعد الإلهي وبين أيدينا هذه المعطيات الحقيقة والميدانية التي تتعلق بمجتمعهم، ‏بمعنوياتهم، بجيشهم، بفشلهم، بخوارهم، بضعفهم، بتمزقهم.‏ أيها الإخوة والأخوات، في امتحاناتنا الصعبة على مدى عقود من الزمن وخصوصًا في هذا العام، في ‏معركة طوفان الأقصى، نحن نتقدّم في امتحان ننجح فيه، لأننا في معركة نصرة المظلومين والمستضعفين ‏والمقدسات والمعتدى عليهم، وفي هذا الجو العالمي من الخذلان والتخلي عن المسؤولية والسكوت وتعاظم ‏جبهة العدو وقلّة الناصر والمعين، مع ذلك نلتزم واجبنا، نلتزم قضيتنا، نلتزم بيعتنا، ونقاتل ونقدّم الشهداء ‏والجرحى ونُواجه الأخطار وتُهدم بيوتنا ونُطعن في صدورنا وأحيانًا في ظهورنا دون أن نتخلى عن ‏المسؤولية، حالنا اليوم بكل صدق كحال أصحاب الحسين عليه السلام الذين أجاز لهم الحسين عليه السلام ‏في تلك الليلة أن يتركوه وأن يُغادروه، مثل هذه الليلة أنا وأنتم نُعيد نفس الحديث ونفس الكلام، وما دُمنا ‏على قيد الحياة سنُعيده، ولكنهم ماذا قالوا له؟ أنذهب؟ أنتركك؟ أنبقى بعدك يا أبا عبد الله؟ لا طيّب الله العيش ‏بعدك يا حسين، أو كما قال له بعضهم والله يا أبا عبد الله لو أني أعلم أني أقتل ثمّ أحرق ثمّ أذرى في الهواء، ‏ثم أحيا ثم أقتل ثم أحرق ثم أذرى في الهواء، ثم أحيا ثم أقتل ثم أحرق ثم أحيا ثم أقتل يُفعل بي ذلك ألف مرة ‏ما تركتك يا حسين. أنا وأنتم نُكرّر ما قاله أصحاب الحسين عليه السلام، نقول هذا لمن يُهدّدنا بالحرب وهو ‏يعلم أنّنا لا نخاف من الحرب، لمن يُهدّدنا بالموت وهو يعلم ما هو موقفنا من الموت، نقول لكل هؤلاء أمام ‏ما تمثله قضية الحسين اليوم من واجب الانتصار للمعتدى عليهم والمظلومين والمقدسات، والله يا أبا عبد ‏الله لو أني أعلم أني أقتل ثم أحرق ثم أنشر في الهواء ثم أحيا ثم أقتل ثم أحرق ثم أنشر في الهواء ثم أحيا ‏يُفعل بي ذلك ألف مرة ما تركتك يا حسين.‏ في هذه الليلة وغدًا نُجدّد بيعتنا للحسين عليه السلام، لطريقه، لقضيته، لجهاده، لكربلائه، نُجدّد بيعتنا ‏لحفيده صاحب الزمان أرواحنا له الفداء، لنائبه بالحق سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي دام ظله، لكل ‏قادتنا وعلمائنا، لسماحة الإمام السيد موسى الصدر أعاده الله بخير وأخويه، لقائدنا الشهيد السيد عباس ‏الموسوي، لكل قادتنا الشهداء في لبنان وفي المنطقة وفي محور المقاومة، ونحن نمضي في طريق صنع ‏الانتصارات ولكن لا نخاف الموت ولا نهاب الموت، لأولئك الذين يُخوّفوننا بالحرب، الإسرائيلي ‏والأميركي والغربي وبعض الداخل اللبناني، نقول لهم نحن قوم لا نخاف الحرب ولا نخشاها، لأنّ أقصى ‏ما يمكن أن تأتي به الحرب وإن كانت الحرب إن جاءت لن تأتي إن شاء الله إلا بالنصر العظيم المبين فإنّ ‏أقصى ما يمكن أن تأتي به الحرب هو الموت، هو الشهادة، ونحن أبناء أولئك الذين وقفوا في مجلس عبيد ‏الله بن زياد ، زينب وزين العابدين عندما هدّدهم بالموت ماذا قالوا له؟ الذي أصبح ثقافة وشعار حتى ‏أطفالنا، أبالموت تُهدّدني يا ابن الطلقاء إنّ القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة. بهذه الأرواح، بهذه ‏النفوس، بهذه العقول، بهذه القلوب، بهذه الإرادات، بهذا العشق، بهذه القبضات، سنمضي، لن يقف في ‏طريقنا شيء على الإطلاق وعيوننا مشدودة إلى القدس التي يمضي على طريقها شهداؤنا، شهداء على ‏طريق القدس، شهداء على طريق الحسين، في قضية الحسين، في تلبية صرخة أبي عبد الله الحسين عليه ‏السلام، التي كانت صرخته هي دعوة لنصرة كلّ مُعذّب وكل مظلوم وكل مضطهد عندما وقف يوم ‏العاشر، وهذا ما سنُردّده غدًا، ووقف وقال، هو لم يكن يُخاطب هؤلاء القتلة أمامه وإنّما كان يُخاطب ‏الأجيال في أصلاب الرجال وفي أرحام النساء، هل من ناصر ينصرني”. ‏

وختم نصرالله: “إلى اللقاء غدًا إن شاء الله نُجدّد بيعتنا وإيماننا والتزامنا ونُعبّر عن حبنا وعشقنا. ‏ السلام عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك عليكم مني جميعًا سلام الله ‏أبدًا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم، السلام على الحسين وعلى علي بن ‏الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين، وعظم الله أجوركم وتقبل الله منكم وشكر الله سعيكم ‏وبيض الله وجوهكم في الدنيا والآخرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى