معضلة التجنيس في البحرين… إلى أين -1

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

ملف التجنيس في مملكة البحرين، كان ولايزال من الملفات الشائكة بل والملتهبة، لذلك يتحاشى كثيراً من المواطنين الحديث عنه خشية أن تصيبهم بعض أشواكه، أو يحرقهم بعض لهيبة المشتعل، فلقد إعتدنا طوال عقود على الإستماع لنغمة تقول أن التجنيس ملف سيادي وليس من حق العامة الحديث عنه أو حوله، وكان البعض ينظر لهذا الملف بإعتباره أداة توازن وإتزان تضبط إيقاع الأمور في المملكة، حتى لا تميل كفة مجتمعية على الأخرى، أما وأن الجهات المعنية قد فتحت الحديث حول التجنيس وطالبت بتعاون المواطنين لمعالجته فإن من المهم تناوله بموضوعية قدر الإمكان.

لاشك ان كل بلاد العالم تحتاج إلى التجنيس، وهي تختلف باختلاف أنظمتها وقوانينها، لكن المتعارف عليه عالمياً أن لا يؤثر التجنيس على التركيبة الديموغرافية للبلد ولا يؤدي إلى تحول المواطنين إلى أقلية أو تتهدد مصالحهم ومكتسباتهم، لذلك يتم التجنيس في حدود الضوابط والأنظمة التي تنتقي المجنسين من ذوي الكفاءة العلمية أو الملاءة المالية، الذين من شأن تجنيسهم تقديم إضافة نوعية للبلد الذي يتم تجنيسهم فيه، لهذا التجنيس لا يأتى كردة فعل أو إنفعال لحدثٍ معين مهماً كان هذا الحدث جسيماً ومؤثراً، ذلك أن التجنيس المبالغ فيه سوف يؤدي إلى إحداث تغييرات عميقة ومعقدة يصعب معالجتها لاحقاً عندما تنتهي تلك الأحداث الجسام مهما طال أمدها وقد يصاحبه تفكك مجتمعي وإضطرابات عرقية وإثنية وتضارب مصالح إقتصادية ومجتمعية.

وبالنسبة للبحرين فإن التجنيس قد يكون أحد الحلول التي قدمها المستشارون لتجاوز بعض المشاكل السياسية والتوازنات الطائفية التي مرت بها المملكة، وربما كان ذلك نتيجة للهلع والفزع الذي أصاب بعض الجهات والأطراف جراء أحداث جسام عانت منها البلاد خاصة ازمة 2011 ، والتي تم تصويرها كنوع من الصراعات السكانية والطائفية، وبدل أن يبحث المستشارين عن حلول مجتمعية واقعية تراعي المصالح الاستراتيجية للبلاد، فإنهم لجأوا إلى الحلول السهلة المتمثلة في التجنيس بكميات وأعداد كبيرة تكسر حدة الاصطفافات الطائفية وتفكك التماسك المجتمعي حتى تسهل السيطرة عليه وفق قاعدة فرق تسد، لذلك فإن القرار الذي إتخذته الحكومة لمراجعة حالات التجنيس يمكن اعتباره خطوة في الإتجاه الصحيح يمكن البناء عليها من خلال فتح حوارات وطنية جادة للبحث عن مكامن الخطأ والخطر وتدارس الأضرار التي وقعت في الداخل والخارج، ومن ثم العمل على إصلاحه ومعالجته بالقدر الممكن، وللحديث صلة .

هناء حاج

صحافية لبنانية منذ العام 1985 ولغاية اليوم

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى