هل بدأ الاستجداء الأميركي للمقاومة؟

عيسى سيار *

نشرت بتاريخ 11/12/2023 مقالة قصيرة تحت عنوان “أميركا ستطلب صاغرة إيقاف الحرب”، وتشي الأخبار والتسريبات هذه الأيام بأن الاستجدء الأميركي والأوروبي للمقاومة الفلسطينية واللبنانية من أجل الموافقة على وقف الحرب، والشروع في الموافقة على صفقة تبادل الأسرى في ذروته، وأن العد التنازلي لوقف الحرب الهمجية الصهيواميركية أوروبية على أهلنا فى غزة قد بدأ، وقد وصل الاستجداء إلى درجة أن يطلب الأميركيون من الجيش اللبناني حماية الكيان الصهيوني من خلال الفصل بين حزب الله والجيش الصهيوني! وهذا الاستجداء ما كان له أن يحصل لولا الصمود الأسطوري لأهلنا فى فلسطين وغزة ومقاومتهم الباسلة، أضف إلى ذلك توسع رقعة الحرب في الجبهة الشمالية، وكل هذا الاستجداء كما ذهبنا في مقالنا السابق من أجل وضع السلم للنتن ياهو لكي ينزل من أعلى الشجرة قبل السقوط المميت، حيث أن سقوطه من فوقها بات مؤكدا ومميتا.

ويتجلى هذا الاستجداء الأميركي من خلال العديد من المؤشرات:
أولا: التغير الواضح فى التصريحات الأميركية والتي دأبت على القول إن إيقاف الحرب هو هدية مجانية لحماس. أما الآن فيطالبون حماس بل يستجدونها بشكل مباشر أو عن طريق الوسطاء لوقف الحرب ليس من أجل إيقاف المجازر الوحشية التي ترتكب بحق أهل فلسطين ليل نهار، ولكن لأن الكيان الصهيوني في أسوء وضع وجودي يمر به منذ تأسيسه 1948، وضع يهدد بتفكك أوصال دولة الاحتلال.
ثانيا: تصويت مجلس الأمن قبل أيام على المقترح الأميركي، والذي نص على وقف الحرب في غزة مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن (الأسرى)، وكما يعلم العالم بأن أميركا استخدمت الفيتو ضد 3 قرارات طالبت بوقف الحرب، سبحان مغير الأحوال! فالذي تغير في الموقف الاميركي هو قناعتهم التامة بأن أهداف الحرب الثلاثة على غزة لن تتحقق وهي: (تدمير حماس وتحرير الرهائن والتأكد من حماس لن تعود لحكم قطاع غزة).

كما تأكد للاميركيون بأن الجيش الصهيوني قد غاص بالفعل في رمال غزة المتحركة، ويجب وضع السلم له قبل فوات الأوان. وبالرغم من ضبابية هذا القرار وغياب آلية التنفيذ، إلا أن قيام أميركا بصياغة مسودة القرار وتسويقه على أعضاء مجلس الأمن يعد مؤشرا حيويا على ما ذهبنا إليه.
ثالثا: إعلان بايدن وليس النتن ياهو عن الصفقة، وهي رسالة واضحة لا تخطئها البصيرة بأن الصهاينة جالسين على خازوق، وقد أكدت البيانات الصادرة عن قمة السبع وعن الاتحاد الأوروبي ومن بعض الدول العربية، والتي تحث الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية بالموافقة على وقف الحرب وإنجاز صفقة التبادل، وذلك تجنبا للمزيد من الخسائر البشرية.

كل هذا الزخم من أجل إنجاز الصفقة يؤكد، وبما لا يدع مجالا للشك بأن الكيان الصهيوني على شفا حفرة.
رابعا: الزيارات المكوكية التى يقوم بها المسؤولون الأميركيون والأوروبيون إلى مصر والسعودية وقطر والأردن والكيان الصهيوني وآخرها وزير خارجية أميركا الصهيوني بلينكن، وأيضا تواجد رئيس المخابرات الأميركية وليم بيرنز، ومنذ شهور بشكل شبه دائم فى الشرق الأوسط ينتقل بين عواصم الدول الوسيطة والكيان الصهيوني لعل وعسى يوجد حلا يحفظ ماء وجه الكيان الصهيوني القبيح كقبح قادته.

وحاليا يجوب المنطقة مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى لبنان هوكشتاين واجتماعه بالمسؤولين اللبنانيين، والذي يحمل في حقيبته استجداء وتهديد مبطن لحزب الله من أجل وقف التصعيد فى الجبهة الشمالية.
خامسا: توسع رقعة المواجهة على الجبهة الشمالية بين الكيان الصهيوني وحزب الله، والذي اشترط الأخير لايقافها انسحاب الجيش الصهيوني من غزة، حيث أوصلها الحزب عبر المسؤولين اللبنانين للمبعوث الأميركي الخاص، وحسب تقارير صهيونية أدت المواجهة فى الشمال إلى نزوح غير مسبوق للصهاينة من المستوطنات والتي اصبحت مدن أشباح، وأن، اضف إلى ذلك محاصرة الحوثي مضيق باب المندب وارباك الملاحة البحرية فيه ما أثر سلبا على التجارة الدولية بشكل عام وانسياب البضائع إلى موانئ الكيان الصهيوني بشكل خاص.
ختاما لقد بات الكيان الصهيوني في حالة دفاع ومشكلته في هذه الحرب انه ليس فى مواجهة جيوش عربية نظامية يمكن الضغط على حكوماتها وتمتثل “لماما” أميركا، وإنما أمام حركات ثورية هى سيدة قرارها، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ المواجهة بين الكيان الصهيوني والعرب، ما أدى إلى تغيير استراتيجي في موازين الردع، قطعا ليس لصالح الكيان الصهيوني الذي انهارت صورته الردعية أمام العالم، وأيضا أمام جبهته الداخلية.
إن العرب أمام لحظة تاريخية فارقة، وهي ترنح الكيان الصهيواميركي أوروبي أمام ضربات المقاومة فى الجنوب والشمال، فهل لنا أن نري جمالا (جمال عبدالناصر) وفيصلا (فيصل بن عبدالعزيز) ينتصر للمقاومة الفلسطينية، ويلحق هزيمة تاريخية بالصهاينة وينهي صلفهم وغرورهم ووحشيتهم وللأبد؟ أم سيفعلها رجال المقاومة البواسل بعيدا عن الأنظمة الغارقة في أحضان الصهاينة والأميركيين؟
فمن يرفع الشراع؟

* باحث وأكاديمي بحريني
ملاحظة: حقوق المقال محفوظة للكاتب ومن يرغب في إعادة نشر المقال له الشكر ولكن من دون إضافة او تعديل.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى