دروس من الحياة -11

المتغطي بالأميركيين... عريان

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

بعد فترة من السكون والنزول إلى العمل السري الذي فُرض على أغلب النشطاء وخاصة المنتمين للتنظيمات السياسية، كاد الجميع أن يصل إلى قناعة تامة بأن الحراك الجماهيري في البحرين قد ذهب إلى غير رجعة، وبينما كان إيان هندرسون (رئيس المخابرات العامة) يُعد نفسه لتقاعد مريح في إحدى الجزر أو المنتجعات السياحية، إندلعت الأحداث الكبرى في المنطقة على خلفية الغزو العسكري الغاشم الذي شنته قوات الحرس الجمهوري العراقي على دولة الكويت الحبيبة فجر 2 أغسطس 1990، وفي لحظة تاريخية فاصلة سقطت كل الذرائع والشرائع الدولية والقانونية، وبدى أن زلزالاً ضرب المنطقة فانهارت كل الآمال والأحلام في بقاء الوضع الأمني تحت السيطرة…

لقد دب الحراك السياسي في المنطقة على خلفية الحدث وفق مسارين متوازين، مسار رسمي يهدف إلى تحرير الكويت وردع القوات العراقية حتى لا تتمدد إلى دول مجلس التعاون الخليجية مستعينة بالتحالف الدولي بقيادة أمريكا، ومسار أهلي مجتمعي يهدف إلى تعزيز المشاركة السياسية من أجل تحصين المنطقة شعبياً عبر فتح خيارات ديمقراطية تساهم في تعزيز الوحدة والتماسك الوطني، وكانت أمريكا اللاعب الأبرز على مستوى المسارين المذكورين، ففي الوقت الذي بدأت تحشد جيوشها وقواتها العسكرية، بدات التواصل مع القوى والفعاليات السياسية من أجل تأمين وضمان هدوء الجبهات الداخليه، ما أدى إلى إغراق المنطقة بالوعود البراقة حول الديمقراطية وبرامج المشاركة السياسية التي دغدغت أحلام كثير من السياسيين والنشطاء الإجتماعيين.

كانت الأنظمة السياسية في الخليج الأكثر قدرة على المبادرة بسبب أستقرارها في الحكم دون أي منغصات أو تحديات طوال أكثر من عقدين من الزمن (منذ إنتصار الثورة الإسلامية في إيران 1979)، وقد تمثل ذلك في إقدام دول المنطقة على إطلاق وضخ جرعات من الأمل، على شكل مجالس شورى تلبي الحدود الدنيا من الوعود والرؤى الشعبية، وقد تُرجم ذلك من خلال قيام مجلس الشورى في دولة البحرين عام 1992، لكن ذلك لم يلبي طموحات الفعاليات السياسية التي قد تكون تسلمت رسائل محفزة وربما محرضة من قبل الأميركيين لإطلاق حراك جماهيري متصاعد.

لقد نظرت بعض الفعاليات السياسية إلى خطوة تشكيل مجلس الشورى بإعتبارها نقطة ضعف لدى النظام السياسي، وترتب على هذا الفهم، إنطلاق تحركات سياسية ومجتمعية أفرزت ما توافق على تسميته عريضة النخبة في العام 1992، وقد وقع على تلك العريضة حوالي 280 شخصية بحرينية بارزة كان من بينهم: الشيخ عبدالأمير الجمري والشيخ عبداللطيف المحمود والشيخ عيسى الجودر، وحميد صنقور ومحمد جابر الصباح وأحمد الشملان وإبراهيم كمال الدين وعلي ربيعة وعبدالله مطيويع وغيرهم، وقد طالبت العريضة النخبوية المغفور له الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بإعادة إجراء إنتخابات المجلس الوطني الذي تم حله في أغسطس 1975، وبدأت الناس يسمعون (شعار البرلمان هو الحل) بكثرة، فهل خدع الأميريكيين الجميع؟ ذلك ما سنتحدث عنه في المقالات التالية وللحديث تتمة

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى