الكرة اللبنانية.. مزيد من الهجرة والحالة مرّة
سامر الحلبي
اتخذ رئيس نادي البرج فادي ناصر قراره النهائي الذي لا رجعة عنه بهجر لعبة كرة القدم بسبب “القرف” كما وصف الحالة المزرية التي وصلت إليها اللعبة في لبنان، وبسبب السياسة الكيدية التي يقود بها اتحاد اللعبة مسار الأمور.
وكان قد سبقه رئيس نادي العهد تميم سليمان الذي ابلغ المعنيين في ناديه بأنه “راحل” في نهاية الموسم، ولكن المسؤولين في نادي العهد لا يزالون يحاولون اقناع “أبو جاسم” بنسيان الفكرة والبقاء على سدة الرئاسة.
وعلم “أجواء برس” بأن أمين سر ناد عريق يفكر أيضا في الابتعاد نهائيا عن أجواء كرة القدم اللبنانية بسبب سوء الإدارة الاتحادية والفشل الذي لحق باللعبة والتعامل الذي لا يصل إلى أقل مستوى من المهنية في التعاطي.
طبعا، يبدو ان الحبل على الجرار وحبات السبحة قد تكر تباعا فقد لا يبقى لعبة اسمها كرة القدم أصلا..
وباستعراض شريط سريع للأحداث على الساحة الكروية لا يمكن أن نستخرج حسنة واحدة لأداء اتحاد اللعبة الذي أمعن في ضرب صورة اللعبة ولم يحصد إلا الفشل تلو الفشل، فالملاعب التي هي أساس اللعبة “مغيبة” فأين الأموال التي تأتي من الفيفا وتدخل صندوق الاتحاد؟ أليس الأولى به أن يصلح أرضية بعض الملاعب قبل أن يطلق الدوري العام، أين دوره في التعاطي المباشر مع البلديات ووزارة الشباب والرياضة ورؤساء الأندية والمعنيين وكل من له صلة بالملاعب لحل النقاط العالقة قبل بداية الموسم، ولماذا كانت المباريات قبل سنوات تقام على ملاعب المدينة الرياضية وصيدا وبيروت البلدي وغيرها والآن تغير الحال، لماذا “النوم” كل هذه السنوات بدلا من إيجاد الحل، وهل من يمنع من إقامة مباراة كرة قدم على ملعب خاص بلعبة كرة القدم؟.
أين هو الملعب الخاص بالمنتخب الوطني وكافة المنتخبات وكيف للاعبين الدوليين أن يقدموا مستوى جيد في الخارج إذا لم يكن لديهم ملعب عشبي لإقامة التدريبات والمعسكرات؟ أما عن المنتخب نفسه فحدث ولا حرج عن الإنجازات أقصد عن الخسارات والمشاركات “الفولكلورية” التي أوصلت تصنيف لبنان الدولي إلى قعر البئر، وعن كيفية اختيار اللاعبين والمدربين وباقي الأجهزة الفنية والعاملين والموظفين والاداريين وطريقة تعيين البعض على حساب آخرين إما بالواسطة أو لأنه يقدم الطاعة والولاء للنافذين في المؤسسة أو أنه وصل بتوصية من سياسي ما، فالمحسوبية موجودة وليس هناك أكثر من المطبلين في زماننا..
وهناك إعلام خاص وأبواق تنادي باسم المسؤول وتلمع صورته “المهترئة” مقابل حفنة من الدولارات أو رحلات إلى الخارج، وبالطبع فهؤلاء الإعلاميين لا يجرؤون على قول الحق والتصويب على الأخطاء التي ترتكب بحق اللعبة الشعبية، والأخلاق المهنية تقتضي أن تعطي كل ذي حق حقه عندما يصيب تثني على عمله وعندما يخطئ تنتقده ضمن الأصول وتقوّمه حتى يستقيم ويصلح عمله.
أما عن بطولة الدوري ونظام “السداسية” فهي بنظر الكثيرين بدعة لا طائل منها خصوصا متى علمنا أن دوري السداسية يشهد محطات توقف طويلة بين المرحلة والمرحلة تضر باللاعبين من الناحية الفنية والبدنية والذهنية، بمعنى آخر ان ما يجري هو “سلق بسلق” والمهم فقط أن يمشي الموسم.
أما عن التحكيم فحدث ولا حرج، فالمهازل التحكيمية تكاد تكون بشكل متواتر ومستمر والكل يشتكي منه ولكن لا يجرؤ أن يرفع الصوت عاليا، وبالطبع فإن الأندية هي مسؤولة أيضا لأنها هي من ساهمت برفع قيمة الاتحاد ومنحه الثقة في العمل.
خلاصة القول، لا يمكن أن يتغير الواقع الكروي الحالي إلا بتغيير شامل واستقدام عناصر قديمة وجديدة تفهم في أصول كرة القدم، على عكس غالبية الوجوه الحالية في المؤسسة الكروية التي لا تفقه في اللعبة والبعض لم يمارس كرة القدم لا لاعبا ولا مدربا، ولكن البعض يعرف أن كرة القدم “مدورة” فقط.. فهل يعقل أن يبقى الفاشلون في مناصبهم وعلى كراسيهم وهم يبعدون ويحاربون كل ناجح وفي كل لحظة، هذا هو واقعنا اليوم والأشخاص الحاليون هم نتاج الأحزاب والميليشيات ولن نختبئ وراء إصبعنا، بل هذا هو حال البلد كله، فالكل مشترك في الفساد والتدمير الممنهج وكم الأفواه وتهشيم العقول الواعية وتغييب الشعور الوطني وحب النهوض بالجيل الحالي إلى الأمام.
على ما يبدو فإن اللعبة تسير إلى مزيد من الانحدار وتسير بسرعة البرق نحو الهلاك على عكس ما يحصل في رياضة كرة السلة التي هي مثال ناجح للإدارة الرياضية وتحفيز الشباب نحو مستقبل أفضل.