الجمعيات التعاونية في البحرين… مسيرة ومصير – 2

كتب محمد حسن العرادي
أصبح معلوماً للجميع بأن العمل التعاوني في الكويت قد سبق العمل في البحرين بعشر سنوات كاملة، فالكويت وضعت قانونها في 6 اغسطس 1962، بينما قانون الجمعيات التعاونية في البحرين صدر في العام 1972، لكن الكويتيون ساروا بتجربتهم التعاونية خطوات واسعة وشاسعة للأمام بعيداً عن التجربة البحرينية، الأمر الذي جعلها تتطور وتنمو وتتسع، بينما راوح العمل التعاوني البحريني محلك سر بسبب عدم احتضان التجربة رسمياً بشكل كافٍ في المقام الأول.

لقد كانت أمام تجربة العمل التعاوني في البحرين فرصة رائعة للتطور واتساع آفاقه، بل ومواكبة التجربة الكويتية التي ارتفع عدد جمعياتها إلى 48 جمعية تعاونية تمتلك الكثير من الفرص والدعم الرسمي والشعبي، حتى باتت بوابة لكل من يريد الترشح لانتخابات مجلس الأمة، فقد دأب الراغبين في خوض التجربة النيابية الكويتية على التدرج في العمل والاهتمام بالشأن العام من خلال الترشح والانخراط في مجالس إدارات الجمعيات التعاونية التي أصبحت مختبرات شعبية لقياس قدرات المترشحين ومستوى تأهلهم واهتمامهم ودرايتهم بالشأن العام.

لكن التجربة الموؤدة في البحرين تحولت إلى عبئ ثقيل على العمل الأهلي بدل ان تصبح قاطرة لقيادته، وذلك نظراً لكثرة العراقيل التي وضعتها الجهات الرسمية أمام هذه الجمعيات، ويكفي للدلالة على ذلك الاشارة إلى أن آخر تحديث أدخل على قانون الجمعيات التعاونية رقم 8 لعام 1972 كان في العام 2000، اي أن هذا التعديل مضى عليه 23 سنة، ومما يؤسف له أن عدداً من الجمعيات التعاونية البحرينية قد لجأت إلى حل نفسها، بعد أن وجدت البيئة التنافسية غير إيجابية وغير صالحة للاستمرار، نتيجة التسهيلات الكبيرة التي مُنحت للقطاع الخاص دون توفير الحماية الوطنية للتعاونيات.

لقد تُركت الجمعيات التعاونية في البحرين تواجه مصير الفشل والتراجع دون سند أو عون رسمي، بل أن الوزارة المعنية ساهمت بقراراتها الملتبسة في إذكاء الخلافات المدمرة بين قيادات الجمعيات، حتى تحولت هذه الخلافات إلى حالة من الكباش الطائفي والمذهبي في عدد من الجمعيات التعاونية وساهمت في فشلها، وحتى في قيادة الاتحاد التعاوني الذي تأسس في 8 سبتمبر 2003 بمشاركة ست جمعيات هي: جمعية مدينة حمد التعاونية الاستهلاكية، جمعية الحد التعاونية الاستهلاكية، جمعية عالي التعاونية الاستهلاكية، جمعية السنابس التعاونية الاستهلاكية، جمعية الدير التعاونية الاستهلاكية، جمعية مدينة عيسى التعاونية الاستهلاكية،

لقد كانت فرص نجاح العمل التعاوني متوفرة والمحيط الاجتماعي متحفز لدعمه، لو توافرت مسببات الدعم والرعاية الرسمية، لكن ذلك لم يتحقق حتى أن الجمعيات التي قاومت الظروف التنافسية القاهرة، أضطرت إلى التخلي عن دورها الأساسي المتمثل في فتح الاسواق الاستهلاكية، فقامت بإغلاقها أو تأجيرها كما حدث لجمعية مدينة عيسى، جمعية المحرق وجمعية عالي على سبيل المثال، في حين جُمدْ نشاط جمعيات اخرى كجمعية الدير وحلت جمعيات أخرى نفسها كجمعية الدراز وجمعية الرفاع اللتان تأسستا في العام 1989.

إننا نطالب باعادة النظر في قانون الجمعيات التعاونية وتوفير الدعم الرسمي القوي والمنتظم لهذه الجمعيات وتهيئة الظروف المناسبة لنجاحها، بل وإعادة تفعيل اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، حتى لو اقتضى الأمر توفير دعم مالي لهذا القطاع الذي يستطيع توفير وتخليق العديد من فرص العمل الجيدة للمواطنين في مختلف الوظائف الإدارية والفنية، إضافة إلى ضرورة تعديل هذا القانون بشكل يوفر المزيد من الحماية الوطنية والقانونية لهذا القطاع الأهلي بصورة عامة، وللحديث تتمة.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى