أيها المجرمون لن تؤخروا الربيع

عيسى سيار*
وأنا اتابع عن كثب مجريات الحرب الوحشية الهمجية على غزة من قبل الكيان الصهيوأميركي أوروبي يوم طاف بمخيلتي وأنا أشاهد أهلنا فى غزة يتوجهون إلى البحر غير عابئين بل متحديين القصف الصهيوني المتواصل ليل نهار، وانتشار قواته المنكسرة في أنحاء قطاع غزة، المقولة الشهيرة للمناضل التشيكي دوتشك: “يمكنك أن تدوس على الأزهار لكن لن تؤخر الربيع” تلك المقولة التي قالها، بعد أن تم القضاء على ربيع براغ في تشيكسلفاكيا عام 1968 من قبل الجناح المحافظ في الحزب الشيوعي، وبدعم من الاتحاد السوفياتي آنذاك. ولكن بعدها بثلاثة عقود تقريبأ من انهيار الاتحاد السوفياتي برمته هبت رياح الربيع من جديد على دول الكتلة الشرقية ونبتت أزهار جديدة.
بعد مرور 200 يوم على العدوان الصهيواميركي أوروبي النازي الصليبي على أهلنا في فلسطين بشكل عام وغزة الأبية بشكل خاص، واستشهاد أكثر من 33 الف فلسطيني غير آلاف المفقودين والجرحى والأسرى، ارتكب خلالها الصهاينة في غزة أبشع مجازر العصر الحديث بحق البشر والحيوان والشجر والحجر بشهادة كافة منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان جرائم يندي لها جبين الإنسانية، ووصل بهم الإجرام إلى وقف الأوكسجين حتى عن الأطفال الخدج في حضاناتهم، وهذا ما نادى به علنا حاخاماتهم! أمام مرآى ومسمع المجتمع الدولي ومن دون أن يتخذ العالم الغربي الصليبي المنافق حتى الآن أي إجراء على الأرض بحق الكيان الصهيوني، وحتى المحاكم الدولية ما زالت تتفرج!

إنها إبادة جماعية بكل المعايير والقوانيين الدولية مهما حاول الرئيس المتصهين بايدن وعصابته الأوروبية التفنن في التخفيف من بشاعتها وإيجاد تخريجات سياسية لها، وذلك من أجل تغطية عورة الكيان الصهيوني المكشوفة أصلا.

يعتقد الكيان الصهيواميركي أوروبي بعمله الجبان هذا بأنه سوف يقضي على روح الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه وبثوابته الوطنية، وصولا إلى نكبة ثانية كالتي حصلت عام 1948، ولكن لا يعلم هذا الكيان اللقيط بأنه لن يستطيع أن يؤخر الربيع، ولا يعلم أيضآ هذه الكيان المجرم حتى الآن بأنه في مواجهة مباشرة مع شعب الجبارين الذي يعشق الشهادة كما يعشق الفرح، ولا يعي هذا الكيان المجرم بأن الفرح قد يخرج يوم ما من رحم الأحزان.

إن طوفان الأقصى البطولية هي الملحمة البطولية التي أعادت كتابة تاريخ الوطن العربي أو لن أبالغ إن قلت حتى العالمي من جديد، وشكلت وعيا عالميا جديدا من شأنه أن يعجل بقدوم الربيع الفلسطيني الذي ظن واهما الكيان الصهيواميركي، وبعض من العرب العاربة والعرب المستعربة والغرب الصليبي، من أن الدوس على الزهور (أهل فلسطين) سوف لن يؤخر ربيع الحرية الفلسطينية فحسب، بل سينهي القضية الفلسطينية، ولكنهم لا يعلمون حقيقة أن أهل فلسطين كطائر الفينيق الذي يخرج من تحت الرماد أكثر صلابة وحيوية عن ذي قبل.

إن الشعب الفلسطيني انتصر على آلة الحرب الصهيونية، ليس مع بدء عملية طوفان الأقصى ولكن منذ أكثر من 75 سنة، حيث أن كل يوم يمر على هذا الشعب رافعا هامته إلى السماء مستنشقا عبير الحرية تحيط به زغاريد نسوة فلسطين يعد نصرا على هذا الكيان اللقيط.

إن صمود أهل فلسطين بشكل عام وأهل غزة بشكل خاص، وبعد مرور أكثر من ستة شهور على هذه الحرب الكولونية على القضية الفلسطينية، وهذا الاصطفاف الغربي غير المسبوق من أجل تصفيتها، يعد انتصارا حتى قبل أن يرفع الكيان الصهيوني الراية البيضاء الصريحة ويهرب من رمال غزة المتحركة التي غاص فيها، كما حدث للمجرم شارون عام 2005 عندم هرب من غزة الأبية يجر أذيال الهزيمة والانكسار، إن من يعرف جيدا نفسية الصهاينة المتسمة بالصلف والعنجهية فى ظل دعم أميركي أوروبي غير محدود تجعلهم لا يرفعون الراية البيضاء إلا للغة القوة، وهذا ما فعله بهم طوفان الأقصى والصمود البطولي للمقاومة، والتي أبهرت العدو قبل الصديق.

إن الصهاينة المجرمون كانوا وما زالوا يدوسون على الأزهار الفلسطينية أمام مرآى ومسمع من العالم الحر المتشدق بقيم الحرية والعدالة، ومن دون أن يحرك ساكنا، لم ولن يؤخروا الربيع، فهو قادم لا محالة وقريبا جدأ وسوف يكون على يد شعب الجبارين وإن لناظره قريب.
فمن يرفع الشراع؟
* باحث وأكاديمي بحريني

ملاحظة:
حقوق المقال محفوظة للكاتب، ومن يرغب في إعادة نشر المقال له الشكر ولكن من دون إضافة او تعديل.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى