
التأزيم المفتعل في لبنان يستهدف خنق سورية وتجويع اللبنانيين
ميخائيل عوض
شو عدا ما بدا حتى أعلنت جمعية المصارف إضراباً عاماً واقفلت أبواب مغارات علي بابا ورفاقه من منظومة اللصو المافياوية، وهل فعلها اصحاب المصارف من رأسهم وبدون املاءات واستهدافات؟ فلا المجلس انعقد لإقرار قانون الكابيتول كونترول والتمديد للمدراء العامين، ولا الاستدعاءات وطلبات القضاء بحق المصارف لها قيمة فعلية أو ستكون طريق عودة الودائع والتعويضات المنهوبة لأصحابها، وأصلا لا القضاء قضاء ومؤسسة بعد الذي جرى في ملف المرفأ… ولا التحقيق الأوروبي وصل لخواتيمه، ووضع يده على أموال حاكم المصرف وشلته واضطره لكشف خزنة أسرار المنظومة وما نهبت وأين خزنت منهوباتها.
شو عدا ما بدا وقد أطلق العنان لصاروخ الدولار الذي دق سقف الخمسة والسبعين وزيادة والله يعين… وكنا على وعد بتخفيضه دراماتيكيا عبر حبس الصرافين وفتيان التصريف على المفارق وتحت الجسور… ومحطات المحروقات علقت خراطيمها والصيدليات والسوبر ماركت الأفران تستعد لإغلاق الأبواب.
فشاحنات نقل المساعدات للمتضررين في سورية أيضاً تحتاج للمشتقات النفطية لتصل إلى مقاصدها.. وإقفال السوبر ماركت والصيدليات، وتعليق الأسواق أيضاً سيودي إلى الامتناع عن بيع المتبرعين المواد الغذائية والحاجات التي سترسل إلى سورية.
الأصح ماذا في جعبة من بيدهم المخارج والحلول وأين هي فعلاً مفاتيحهم في الدولة؟ وما هي المؤسسة التي يمونون عليها بقدر ما تمون شيا والسفراء؟ ومن ولماذا ما زال للنظام المفلس والذي تدير بقاياه شيا، وقد تفسخت جثته وتعفنت وما زال البعض مصرا على إلقائه وحمايته والدفاع عنه بذريعة التوافقية وانتظار أن تستيقظ ضمائر ماتت وباعت نفسها للشيطان للحوار، وأي حوار يمكن أن ينتج مخارج وحلول في واقع الانهيار وتحكم السفارات؟ ومن ذا الذي يبذل ويراهن على تمديد عمره بالفراغات وإدارتها، بعد إن صار الفراغ شاملاً وعاما، وقد تأتي البقية على آخر المؤسسات التي ما زالت تكابد لتبقى ولو بالشكل؛ المؤسسة العسكرية.
الجواب الأصلي بلا رتوش ولف ودوران، كل هذا التأزيم المفتعل وعن سابق قصد وبادرة شيا لدولتها العميقة في لبنان، ومن خلف ضهر الغافين على حرير القوة والقدرة والتمكن ولعدم معرفتهم بما يجري، على رغم أن باربرا معاونة وزير الخارجية الأميركية كانت قد قالتها مرتين بصريح اللسان: سنقود لبنان إلى الفوضى والمؤسسة العسكرية إلى الانهيار… هل تذكرون؟ بل ماذا فعلتم يا أصحاب وورثة النظام والمصرين على ميثاقيته ومد عمره، ولو على حساب أعمار اللبنانيين ومرضاهم بلا دواء وأولادهم بلا مدارس وجامعات؟ وماذا باستطاعتكم ان تفعلوا؟
والأمر المؤكد أن وراء كل هذا التعطيل إضراب المصارف غير المبرر البته ورفع سعر الدولار الفلكي واقفال المحطات والصيدليات والسوبرماركتات وتأزيم الحياة العامة سبب محوري وهو التضييق على سورية وزيادة مفاعيل ازماتها وتعميق خسائرها، وحرمانها من الرئة الوحيدة التي تتنفس منها وتؤمن عبرها بعض الحاجات…
وتثبيتا لحقيقة ان المستهدف بتجويع اللبنانيين أيضاً مزيداً من تجويع سورية وحرمانها من أي فرص للحياة والنجاة، وهي تأن تحت ثقل الزلزال والحصارات الأخطر من الزلزال، نحيلكم إلى ما صرح به وزير الصحة وبرر رفع الدعم عن الأدوية بالقول: إن لبنان يستورد لدولتين. ودأب الكثير من الاقتصاديين والسياسيين ومنهم المحسوب على محور المقاومة بترداد مقولة: إن لبنان يستورد ب19 مليار دولار سنوياً إشارة إلى أنه ممر لواردات سورية ومحاولاتها الالتفاف على قيصر العدواني والجائر، فمن غير المنطقي أن يبقى لبنان في ظل أزمة الإنهيار أن يستورد ب19 مليار لسوقه ولتغطية حاجاته، وقد افقرت الأسر وتعيش على الضروريات جداً.
انتبهوا أيها سادة يا من تفترضون أن بيدكم الحل والربط والنائمون على حرير الاعتداد بالقوة والواهمون بأن النظام آل اليكم وأنكم قادرون على تدوير زواياها وتمديد عمره، ومعاناة الناس بادرة الدولة بالفراغ، فتلك سياسات واستراتيجيات تدميرية وقد تذر ولا تبقي.
الهدف واضح والظروف التي تجري فيها الأحداث وإعلانات الإدارة الأميركية واستهدافاتها والوقائع الجارية لا تخطئها عين فاحصة وعقل سليم.
فلبنان الذي يذبح وشعبه الذي يجوع لتجويع سورية وزيادة معاناتها، ومحور المقاومة أول المستهدفين، وكما قال المثل: الزائد خي الناقص, فالدفاعية والانتظارية زادت وطالت كثيراً.
والله خير العارفين.
إن غدا لناظره بقريب، فما غزي قوم في ديارهم قط إلا ذلوا، فكيف بمن يجري تجويعهم وتجويع شعوبهم بقصد قاصد وتحت الأنظار، ولا يحركون ساكناً ولا من يحزنون.