إيران سترد؟ ماذا إذا لم ترد؟

ميخائيل عوض
الرغبات جامحة والدعوات من كل فج وعميق تطالب ايران بالرد على امتهان سيادتها والتطاول عليها بقصف مقر القنصلية في دمشق واغتيال قادة قوة القدس في سورية ولبنان.
المطالبون بالرد فئات ورغبات. بعضها صادق ومستعجل والكثير منها مزاود ومتشكك ويقصد التجريج والتطاول.
إيران لم تقل يوماً أنها ستحرر فلسطين من البحر إلى النهر.
ولم تلتزم المهمة أمام أحد ولا ورطت نفسها.

تبنت إيران القضية ورفعت من شأنها وناصرت المقاومين ومولتهم وسلحتهم وأسندتهم وقاتلت معهم، حيث وجب القتال.
خصصت نسبة من واردات حكوماتها لتحرير القدس وأعدت قوة للقدس، وأعلنت أسبوعاً للقدس ويوم عالمي للقدس…
حوصرت  وجرت محاولات تجويعها واستهدفت بكل الحروب وتمت مساومتها ولم تفرط أو تتخلى.

مشروعها الاستراتيجي لفلسطين قالته علناً ومنذ زمن، استفتاء شعبي للفلسطينيين بما في ذلك اللاجئين واليهود المقيمين في فلسطين برعاية وإشراف أممي وليختاروا ما يناسبهم.
وفي التهديدات التي دأب عليها قادة إيران كانت اللازمة واضحة، إذا اعتدت إسرائيل على إيران فقادرون على إزالتها وتحويلها إلى رماد.

ويسجل لإيران أنها عندما تعرضت لاعتداءات بالواسطة أو في المسارح ردت، كما جرى في حرب السفن والناقلات، وعندما تمكنت استولت على طائرات أميركية مسيرة تجسسية ولم تتردد بإسقاط طائرة مسيرة، عندما اعتدت على السيادة وهي درة الإنتاج العسكري التقني الأميركي. وعندما قرر ترامب قصف مواقع لإيران ووسط روسيا والوسطاء لإقناعها بقبول الضربة المنسقة والمبلغة بها والاتفاق على الأهداف، رفضت حاسمة وقالت لن أكرر تجربة سورية.

فأي ضربة ستقابل برد ولتكن الحرب ما ألزم ترامب بسحب القرار بتوجيه ضربات لمواقع إيرانية خالية.

وعندما استهدفت بالحرب السرية الاغتيالات والتفجيرات في المدن الإيرانية ردت واجتاحت كردستان العراق وألزمت قيادتها بتأمين الحدود وتصفية الجماعات التي تستهدف إيران منها. وحالما جرت تفجيرات في كرمان ردت بالصواريخ وقصفت مواقع ومقار المعارضة في كردستان وفي باكستان وباكستان دولة محورية وأهم من إسرائيل وأقدر بكثير.
وعندما اغتيل القائد سليماني ردت وضربت قاعدة عين الأسد التي تشغلها قوات أميركية.

نستنتج مما تقدم:
إيران ملتزمة بدعم واسناد فلسطين والمقاومات ولم ولن تفرط بها.
إيران لا تضع على جدول أعمالها والتزاماتها تحرير فلسطين بالحرب ومعها بمبادرتها أو برد.
إيران لا تفرط بسيادتها ولو بالشكل.
فكل متاجرة بإيران وتحميلها مسؤولية عدم التحرير أو عدم دخول الحرب هو افتراء ومزاودة ومحاولات توريط.
في قصف القنصلية عدوان مباشر على السيادة والكرامة الإيرانية وعلى القانون الدولي والمعاهدات، وهذه تعطي ايران الذريعة الذهبية لترد وردها  في زمن حرب غزة وطوفان الأقصى سيمثل لحظة تحول نوعية وجوهرية في مسارات الحرب وفي تطورات القضية ومستقبل العرب والاقليم والوجود الغربي في المنطقة.

لإيران فرصة ذهبية هائلة الاهمية.
فالرد هو دفاعي وحماية للقانون الدولي وعقاب للمنفلت والمتفلت من كل القوانين. وإسرائيل في حالة عجز في غزة وتوتر بنيتها وأميركا منسحبة ومنحسرة وعاجزة في اليمن ومازومة ومشتبكة مع نتنياهو وفي قلب معركة انتخابات رئاسية هي أقرب إلى بيئات اشتباك داخلي عصيب.
الفرصة ذهبية والظروف مؤاتيه جداً فإذا استثمرتها إيران وردت فستصير شريكاً فاعلاً في ردع إسرائيل واستعجال هزيمتها في غزة وانكفائها على أزماتها وتصاعد توتراتها الداخلية في ظل تسارع انشغال العالم، وخاصة عالمها عن حمايتها واسنادها.
إيران سترد وملزمة ان ترد وفرصتها أن تثأر لكرامتها ولمصداقيتها ولا عذر أو ذريعة لها بألا ترد.
لنتوقف عميقاً عند قول السيد حسن نصرالله؛ (الرد محسوم وإيران كلّها على قلب رجل واحد، الكل يجب أن يحضّر نفسه وأن يرتّب أموره وأن يحتاط كيف يمكن أن تذهب الأمور وأن نكون جاهزين لكل احتمال).
وإذا لم ترد إيران فستخسر بعض من سمعتها ومكانتها والثقة بها وبوعودها وستفقد فرصة ذهبية أن تحصد نتائج ما زرعت في المقاومات وأسبوع ويوم القدس.
الفرص سريعة الانحسار ولا يفيد معها ضبط النفس ولا استراتيجيات الصبر والبصيرة والصبر الاستراتيجي والانتظارية وانتظار زمن الظهور.
إيران ملزمة قيميا وأخلاقيا ولحماية سمعتها وكرامتها ومصداقيتها وسيادتها.
وإذا لم ترد أو كان ردها بالأذرع والواسطة فسيطالها الكثير من النقد والتجريح وستخسر كثيراً من مكانتها ومصداقيتها وفرصها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى