
بوتين… حامض على بوزهم – 3
كتب محمد حسن العرادي
اعتقدت المحكمة الجنائية الدولية بأنها تلعب مع رئيس دولة صغيرة حين أصدرت قرارها بالقاء القبض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنها وضعت نفسها على المحك، وكشفت ازدواجية المعايير التي تتعامل بها مع الشخصيات التي تستدعيها للمحاكمة، فهي لم تجرؤ على استدعاء أو محاكمة الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الذين شنا حرباً كارثية مدمرة لا هوادة فيها على العراق الشقيق عام 2003 بالاعتماد على أكذوبة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل التي يهدد بها الغرب كما ادعو حينها.
لكن الجنائية الدولية وجدت في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخصم اللدود والعنيد، خاصة بعد أن سّفه أحلام اسيادها في كسر
عزيمة الجمهورية العربية السورية وإسقاط نظامها حتى انتصرت سوريا، وساهم في تغيير موازين القوى واعادة رسم خارطة التحالفات الدولية عبر اطلاق سلسلة من الحوارات الهادفة للتسوية، وابعاد منطقتنا عن الحروب والفتن الطائفية التي لشعلتها أميركا منذ أكثر من أربع وأربعين سنة.
لقد مثل الرئيس بوتين عقبة كأداء أمام المخططات الأميركية وساهم في إفشال سياستها في إحتواء الصين وايران وكوريا والسيطرة على غيرها من الدول، وخاصة حين استدار وبادر للوقوف في وجه تحويل أوكرانيا الى بعبع يبتز ويخوف روسيا نفسها، وهكذا انتقل بوتين من حرب دفاعية في سوريا ومناطق أخرى إلى حرب هجومية استباقية في اوكرانيا.
لقد تكسرت حساباتهم وفُككت مخططاتهم الاستراتيجية وهم يشاهدون أوكرانيا تغرق في أتون المعارك الكارثية، وتخسر الكثير من أراضيها تحت ضربات الجيش الأحمر ، ثم تفقد الملايين من سكانها بسبب ويلات الحرب ونتائجها، حتى وجد الأوكران أنفسهم في محنة لم يكونوا مستعدين لها أو متوقعين حدوثها، ورغم الكثير من الوعود الامريكية والأوربية بتوفير الدعم والاسناد إلا أن كلام الليل يمحوه النهار.
وحين عجزت الآلة العسكرية الغربية عن لجم الاندفاعة الروسية، أو ضبط إيقاعها عبر العقوبات الاقتصادية والسياسية والرياضية والعسكرية، لجأت إلى اللعب بآخر أوراقها وهي التحريض على تقديم بوتين إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وهو أمر يبدو في غاية الغرابة والاستهجان بعد ان أغمضت المحكمة عينها عن جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين، وجرائم الامريكان في سوريا والعراق وليبيا وافغانستان، ويبدو أن بوتين ماض في تكسير أحلام وأحلاف ومؤامرات أمريكا في المنطقة، بابتسامة ساخرة تقول حامض على بوزكم، وللحديث صلة.