الغزو البري لغزة جار ماذا عن السيناريوات والنواتج؟
ميخائيل عوض
استخدم الجيش الإسرائيلي بإدارة ضباط الأركان الأميركيين وبمشاركة الأطلسيين وبعد أن زجت اميركا بنخبة وحداتها العسكرية الميدانية من قوات دلتا فورس والمارينز. وناورت القوات المهاجمة واختبرت بالنار لأيام وقطعت الاتصالات وارتكبت المجازر وقصفت المشافي، ونفذت الطائرات والوسائط النارية تدميرا شاملا للخط الأمامي من الأبنية والتي المفترض بان المدافعين قد تمترسوا بها وأعدوها قلاعا دفاعية.
كالمتوقع اختارت القوة المهاجمة مناطق مكشوفة زراعية غير مأهولة وغير مبنية، واندفعت إلى شارع صلاح الدين، لتسجل نصرا ميدانيا أقله أمام الكاميرات تعطي نتنياهو وقيادة الأركان الحجة لتصوير الأمور بأنها عادت لصالح إسرائيل، والقول ان الجيش اعاد ترميم نفسه والثقة به وانه صاحب المبادرة والقدرة.
وكرر الناطق الرسمي الاسرائيلي باسم الجيش هدف العملية؛ سحق حماس واستعادة الاسرى.
كثيرا من الحريصين على غزة والمقاومة متوترين وينتابهم الخوف على كتائب القسام والفصائل وعلى غزة واحتمال تدميرها وتهجيرها الى صحراء سيناء وتاليا ابادة المقاومة وكسر ظهرها وظهر المحور، لتامين إسرائيل والسيطرة الامريكية والاطلسية على العرب والاقليم والاستقواء على روسيا والصين واحباط نهوض افريقيا والجنوب.
بالمبدأ هذه من اكبر واهم واخطر الحروب العربية الإسرائيلية الامريكية والاطلسية. وهي بكل حال ستكون حرب بنتائجها كاسرة لموازين القوى ومغيرة حديا في تحولات ومسارات المستقبل.
وفي مبادئ الحروب والكبرى كالتي تجري في غزة ومع محور المقاومة على جغرافيا واسعة تمتد من الناقورة في لبنان الى الجولان والضفة وصولا بباب المندب والبحر الاحمر الى العراق والضربات المتتالية للقواعد الامريكية في سورية والعراق، تحتسب وتقيم بالنتائج عندما تضع اوزارها ليكون النصر فيها لمن حقق اهدافه او بعضها وليس من قتل مدنيين ودمر ابنية اكثر.، ولا يتقرر النصر والهزيمة بمساراتها وبنواتج المواجهات والمعارك التكتيكية واو بقدر الخسائر البشرية والمادية.
وباعتبارها حرب تحرير وطنية فالشعوب على مر الأزمنة والدهور قدمت تضحيات بشرية هائلة وانتزعت الانتصارات فالمواجهات تجري بين قوى بغي وتدمير وابادة تمتلك قدرات تدميرية هائلة وشعوب تملك الحق والشجاعة وعنصر التفوق البشري والقيمي.
العملية التكتيكية الجارية ونجاح القوات الإسرائيلية من دخول غزة من خواصر رخوة والسيطرة على مواقع في شارع صلاح الدين، تشكل نجاح تكتيكي في معركة تكتيكية في معانيها ومسارحها ونتائجها لا توازي ١% مما حققته كتائب القسام يوم ٧/١٠/٢٠٢٣ لجهة مساحات الاختراق والمواقع القيادية والحصينة عسكريا التي اسقطتها، والسيطرة على المستوطنات وحجم ما وقع من قتلى وجرحى واسرى وفيها جرت المواجهات من مسافة صفر اي مقاتل لمقاتل دون اية فاعلية للطائرات وللصواريخ والمدافع والذراع الطويلة.
الان تبدا المواجهات في الميدان رجل لرجل فمسرح العملية يفقد إسرائيل وقواتها التي توغلت الغطاء الناري الكثيف والتدميري فلم تعد الطائرات والصواريخ والمدفعية والرمايات عن بعد ذات فاعلية.
والمنطقي وبحسب المعطيات الواقعية المعاشة فقد اعدت غزة وفصائلها العدة والقوة والانفاق والرجال لهذه المنازلة وامنت المدافعين بالسلاح المناسب الذي لم يمس لا هو ولا القوة العسكرية المنظمة التي اعدتها الفصائل وادلة غزة كثيرة ليس اقلها نجاح الكتائب بالإنزالات خلف خطوط العدو في اراضي ال ٤٨ ومازالت وحدات الصواريخ تمطر العمق الإسرائيلي بالرشقات.
في الاختراق ومسرح الاشتباك يختل التوازن وعناصر القوة لصالح مقاتلي غزة وجلهم باعوا ارواحهم ويندفعون بثبات وحماس للاشتباك المباشر ويطلبون احد الحسنيين الشهادة او النصر بينما الامريكي والاسرائيلي غاز وات لتخديم مشاريع ودول وشركات وليس له فيها مصلحة او قيمة ولا دوافع للموت.
سبق للجيش الإسرائيلي في عدوان ٢٠٠٨ و٢٠١٤ ان جرب الاختراق والغزو البري وعجز وخرجت قواته مدمرة ومكسورة الجناح وفي حي الشجاعية ٢٠١٤ تم تدمير لواء غولاني نخبة الجيش الاسرائيلي وتم اسر جنوده ومازالوا بيد فصائل غزة.
وفي قواعد الحروب وتكتيكاتها ايضا يعمل المدافعون المتمكنون والواثقون من سلاحهم ورجالهم وقوتهم على استدراج قوات العدو الى كمائن معدة كمقبرة لقواته المهاجمة وفي حروب المدن منذ بدء تاريخ الحروب وبالاشتباك المباشر من مسافة صفر تكون السيطرة والتحكم بيد المدافعين فكيف ونحن امام نموذج القسام وسرايا القدس واخواتهم وغزة التي بادرت وحققت معجزة وهاجمت وسيطرت في اراضي ال٤٨
وبكل الاحوال فقوة اسرائيل في ٢٠١٤ كانت اقوى بمئة مرة من اليوم وكانت غزة والمحور اضعف بمئة مرة وتاليا فالمنطقي ان الميزان يميل بقوة لصالح غزة.
كل ما هو جارفي غزة منطقي ومن تقاليد الحروب والتكتيكات والمعارك التكتيكية وكل المعطيات تجزم بان القوة التي دخلت شارع صلاح الدين في غزة اصبحت مكبلة وعاجزة عن التوسع واصبحت اهداف سهلة لصواريخ الكورنت وشقيقاتها وسنشهد بأم العين والكاميرات كيف ستدمر ويضطر قادة الجيش الإسرائيلي لسحبها اذا توفرت له الفرص والامكانات.
واعلى ما يستطيع الإسرائيلي تحقيقه منها وقد يكون هذا هدف العملية محاولات تحقيق مكاسب في المفاوضات الجارية لوقف النار واطلاق الاسرى، وفي هذه ايضا لن يحقق اهدافه.
اما والمنطقي ان تنتهي العملية بخسائر إسرائيلية فادحة وبهزيمة مذلة، فلن يكون امام الجيش الإسرائيلي وقيادة إسرائيل الا السعي للهدنة ووقف الاشتباك والاستجابة لشروط غزة وعندها تبدا الحرب بوضع اوزارها وتتحقق اختلالات فاضحة ونوعية في موازين القوى ستفتح الصراع على خيارات اخرى في اولها واساسها ومساراتها تثبيت حقيقة ان حرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر جارية ولو اتخذت مسار الحرب الطويلة وكسبها بالجولات وبمراكمة الانتصارات والنقاط فعدد من الانتصارات الصغيرة تساوي نصرا كبيرا.