
من يشرع الشذوذ الجنسي ولماذا؟ 2/2
ميخائيل عوض
بداية لا بد من معرفة أسباب ظاهرة الشذوذ الجنسي وبيئاتها ومقاصد مروجيها…
بما تقدم يمكن تفسيرها بأحد عاملين: اما لحكمة الخالق، وحكمته لإبراز اهمية الرجل والأنثى وتأكيداً للقاعدة، أو منتج اجتماعي وفي بيئات خاصة ومحددة.
إذا كانت منتج الخالق فلا بد من التعايش معها وقبولها والسعي للحد منها ومحاصرتها والتعامل معها بمثابة الاستثناء لتأكيد القاعدة.
وهذه تقتضي رفض تشريعها ورفض تأمين الحمايات القانونية والتشريعية لها ومحاصرتها وترذيلها وعزلها ومنع الدعاية لها ومنع تزيينها ومواجهة مخططات تسويقها لتعميمها.
إذا ثبت أنها منتج بيئات وظروف بعينها يمكن محاصرتها واجهاضها وتحرير البشرية من مثالبها.
وذلك عبر وسيلتين العلم والحث على اكتشاف مسبباتها والجينات المسؤولة عنها ومداواتها، وعبر العلم والعمل بالسعي لإعادة صياغة التوازنات الطبقية والاجتماعية ومواجهة الحفنة الفاجرة التي نهبت وتنهب ثروات البشر ومنتجاتهم وتتقصد حرمان شعوب وأمم ومجتمعات من حقها بالحياة الكريمة ومن تحقيق انسانيتها وغايات الخالق والإنسان بالعدالة الاجتماعية وتأمين البشر بتوفير حاجاتهم المادية والروحية، وهذا جهد تشترك به الإنسانية جمعاء وبكل حال جار في الحرب العالمية العظمى المشتعلة على مسارح مختلفة وممتدة على وجه البسيطة،ةوفي شتى مجالات الحياة والحروب، وكانت توطنت الحرب في بيئة العرب والمسلمين منذ نصف قرن وما زالت.
وبانتقالها إلى أوروبا من أوكرانيا وتحولها إلى حرب شاملة تتشكل نذر وارهاصات تؤشر إلى أن عالماً جديداً يولد من رحم القديم الذي هرم وتأكل، وبلغ ذروته وتعسفه ومن أواخر منتجاته ثمار العجز بتسويق وتشريع المثلية الجنسية. فالسعي لدفن العالم الأنكلو- ساكسوني وتسريع ولادة عالم جديد بطابع وبصمات آسيوية وعربية يؤمن الأمم والشعوب والأقوام، ويعزز حقوقها في الحياة والثروات والسيادات والعدالة العالمية والمحلية من شانها أن تصفي ببيئات توليد الشذوذ وترويجه على الضفتين: بيئة الفقر والتخلف واضطهاد المرأة وتجريم العلاقات الجنسية، وبيئة الغنى والبطر عند الأقلية الناهبة والجالسة على رأس الهرم العالمي بعجرفة وشذوذ.
أما في الدوافع والجهات الساعية إلى ترويج وتعميم الشذوذ الجنسي يمكن ضبط المعطيات التالية:
– هي ذاتها فلسلفة الليبرالية الفردية والاقتصادية التي هيمنت وساقت العالم إلى تمركز الثروة وتشريع النهب والحروب والبلطجة وإبادة الأمم والشعوب، وهي صاحبة نظرية المليار الذهبي، وتسعى لتحقيقه بتحديد النسل، وابتلاء البشر بالفيروسات، والامتناع عن تأمين الأدوية، وتصنيع كل ما يؤذي الإنسان والاعتداء على الطبيعة وتدميرها والتسبب بالاحترار، والاختلالات البيئية، وصناعة وترويج الأطعمة الضارة والتي تتسبب بالعقم، وبالحروب النارية وحروب العقوبات والحصارات التي تحجب الحاجات وترفع الأسعار فلكيا، وتخلف المجاعات، ويأتي تشريع المثلية وتعميمها من بين مقاصد تقليص عدد البشر على ظهر الكوكب، فزواج الشاذين لا يبني أسرة ولا يؤمن تجديد البشر عبر التلقيح والولادة.
– وتعميم الشذوذ يتقصد عن سبق إصرار وتصميم كسر أهم القيم الإنسانية واثبتها وأعقدها، فأول قيمة يكتسبها الإنسان بعد الولادة معرفته لنفسه ذكرا أم انثى. وبكسر هذه القيمة يتحول الإنسان إلى شيء، يمكن التحكم به وبممارساته وبحاجاته، واولوياته، ما يسهل على الفاعلين تحويله إلى رقم ينتج ليربحوا ويستهلك ليجنوا أرباحا من دون أن يسهم في رفض إجراءاتهم، أو التمرد على أنماط حياتهم وعلى قيمهم ورفض منتجاتهم التي لا توافق جنسه وقيمه، فالحرب على الرجولة والأنوثة والأسرة هي صنوف الحرب على الأديان وقيمها وحدودها ومحرماتها وعلى قيم آسيا التضامنية اجتماعيا، وليس صدفة أن قيادة هذه الحروب هي ذاتها ولنفس الغايات، والقصد بتحويل البشر إلى قطعان يسهل السيطرة عليها وتشغيلها في خدمة الحفنة والأقلية الباغية والنهابة.
– حاجة القلة لقطعان بشرية بلا قيم وبلا حدود وبلا محرمات وبلا أديان وعقائد، تفترض كسر القيمة الإنسانية الأولى بأن البشر يخلقون ذكرا وأنثى ليتكاثروا.
هكذا تفسر الجهود القمعية والإرهابية التسلطية التي تمارسها دول في أوروبا، على الأسر وعلى رافضي الشذوذ، وبلغ بها العدوانية والقمع بالامتناع عن تسجيل جنس المولد ذكرا أم أنثى عند ولادته وإصرارها على دفع الأولاد والفتية، وتحفيزهم على ممارسة الشذوذ أولاً وحتى البلوغ لاختيار النوع، بذريعة الحرية الشخصية وبفرية اكتمالها بعد التجربة والمعروف أن كثيراً من الشاذين اكتسبوا صفة الشذوذ بعد تعرضهم للاغتصاب مرات ومرات ما يحفزهم على الاستمرار بالشذوذ الجنسي ذكورا وإناث.
ففي هذه الإجراءات الجرمية والتعسفية، تكتشف غايات وممارسات واستهدافات المروجين للشذوذ، وتتأكد نظرية أن الشذوذ أمر يكتسب من البيئات وليس بالضرورة أنه من صنع الخالق ولحكمته. وإلا لماذا منع الأهل والأولاد من تسجيل الجنس عند الولادة؟ ولماذا التحفيز على تجربة المثلية وحتى سن البلوغ ال18؟ ولماذا لا تبذل الجهود والعلوم لتعزيز الذكورية والأنوثة عند الاولاد المولودين طبيعياً؟ ولماذا قسر العائلات والأسر ومنعها من تربية الأولاد على اديانها وقيمها الاجتماعية والإنسانية؟ ولماذا تجريم رفض الشذوذ الجنسي؟
تلك الممارسات القهرية والقمعية والمخالفة للطبيعة البشرية تسقط كذبه الحرية الشخصية والحريات العامة والاجتماعية والسياسية وتكشف عسف النظم والحكام وقمعهم وغاياتهم الجرمية.
– ليس أمراً عابراً أو صدفياً أن الدول والمجتمعات والأمم التي التزمت التصدي لآحادية القطب والترويج الليبرالية الاقتصادية المتوحشة، والتي رفضت الخضوع والاستسلام للأوامر والتمثل بالنموذج الأنكلو- ساكسوني هي نفسها التي تتنكب مهمة التصدي لفرية ترويج وتعميم الشذوذ والتفلت من القيم والأديان والمحرمات، وتتركز الجهود للمواجهة وتقودها اوراسيا بمثلثها الذهبي روسيا الأرثوذكسية وإيران الإسلامية- الشيعية والصين الكونفشيوسية والحريات الدينية، وتساندها شعوب الكاريبي وأميركا اللاتينية وأفريقيا ودول الجنوب. وتكتسي الحرب والتصدي للعدوانية الليبرالية المتوحشة الأنكلو- ساكسونية صفة الحرب الشاملة والحرب العقائدية والقيمية، وحق الإنسان بالحياة وتأمين الحاجات ومنع التدخلات العدوانية القسرية بتقرير خيار الجنس ذكر أم أنثى، وبطبائع الحياة وقيمها ومساراتها فالنصر مكتوب للشعوب والمقاومات ويقترب موعد انهيار العالم الأنكلو- ساكسوني الذي هيمن لأربعة قرون واثخن البشرية والطبيعة بالجراح والتقيحات وربما اعتماد الغرب لأولوية تعميم المثيلة يكون بمثابة ثمار العجز التي تنتجها الشجرة آذانا باليباس والموت.
– تلازم حروب المقاومة في وجه العسف والعدوانية الليبرالية المتوحشة مع مقاومة فرض الأجندات الساعية لازدراء الأديان، والاساءة للرموز الدينية والمقدسات والمترافقة مع السعي لإبادة البشر وتقليص عددهم وتدمير الاسر وتحويل الناس إلى عبيد يساقون برغبات الحفنة النهابة وتدمير الطبيعة وتغير قيم وأنماط الحياة البشرية، امر تفرضه الحقائق والخالق والاديان والشرعيات الارضية والدينية والقيمية، وباتحاد البشر وسعيهم للارتقاء في انماط حياتهم وتشكيلاتهم الاجتماعية والمجتمعية يسعون إلى العصر الثالث للحضارة البشرية بعد ان استنفذ العصر الثاني الذي دشنته واطلقت عفاريته معاهدة وستفاليا 1684 ميلادية .
وعليه يفهم ويفسر الجاري في العالم وعلى وجه الكوكب كمرحلة مخاض قاسية تستوجب الولادة القيصرية الجارية والحقائق والمعطيات تقطع بان النموذج الرأسمالي في حقبته المتوحشة والليبرالية قد استنفذ القدرة على الاستمرار والترقيع وتضرب دوله ازمات هيكلية وبنيوية اقتصادية وسياسية وهوياتيه وانماط حياة بلغت رفض العلاقات الجنسية الطبيعية لاستبدالها بالشذوذ، وشتى المجتمعات الانكلو ساكسونية ودولها تبدو لأزماتها قابليات الانفجار وتسارع الانهيار، ما يبشر بولادة العالم الجديد ونظامه المختلف، الاقدر على ادارة الحياة البشرية بلطف وتفاعل وتبادل المنافع وحماية الطبيعة وتامين الانسان وتحقيق حاجاته الروحية والمادية والحفاظ على خاصيات البشر والمجتمعات والهويات ومساعدتها على تحقيق ذاتها والتفاعل مع الاخرين باحترام واقرار بالحقوق والخصائص.
هكذا يبدو العالم والبشرية في حقبة الاضطراب والمخاض ولا ينتقص من حقوق البشر وسعيهم الى الحرية والحياة الكريمة ان الاقلية المهيمنة والمازومة تبذل اخر واخطر عدوانيتها بحق الجنس البشري بمحاولاتها تشريع وتعويم المثلية والشذوذ الجنسي وفرضها كقيمه انسانية ومن طبائع البشر قسرا وعدوانا وبما يخالف الطبيعة البشرية ذاتها.
جهود لن يكتب لها النجاح ومحكومة بالسقوط وخسارة الحرب فلن تستقيم الحياة البشرية الا على طبائع الخلق وحقائق وقيم الحياة وعلى عامودي تجديد البشرية الانثى والذكر، وقد وهبهم الخالق والطبيعة الحق بممارسة الجنس والتلقيح والولادة من ذكر وانثى لا من ذكرين او انثيين.
الحياة تقوم وتستمر وتتجدد على ثنائية الذكر والانثى والرجل والمرأة ولن تقبل ثالثة بتكريس وتعميم الشذوذ الجنسي بديلا وطريقا لإفناء البشر.
احفظوا أولادكم واحفظوا اسركم وتمسكوا بقيمكم وعاداتكم وعقائدكم الحميدة.
البشرية ليست على عتبة الموت والفناء انما الرأسمالية واقتصادها الحر وليبراليتها العدوانية والمتوحشة هي من دخل طور الموت والفناء غير مأسوف عليها وعلى مثالبها وجرائمها.
تستمر الحياة وتتجدد وترتقي بالعلاقة بين الذكر والانثى، هكذا بدأت وهكذا ستكون وكل طارئ زائل.