سنة على العملية القيصرية من الخاصرة الأوكرانية 3/…

ميخائيل عوض

الشعوب، واوراسيا وايران والعرب وأفريقيا وأميركا اللاتينية،

رابحون رابحون

شعوب العالم، الحضارة الإنسانية، مستقبل البشرية على وجه الكوكب، كلهم رابحون رابحون من الحرب الأوكرانية ومسارتها، وما تحقق من نتائج أصبحت راسخة وقواعد ارتكاز لتحولات مستقبلية واستراتيجية.

إن يتشكل نظام عالمي جديد انتقالي في سياق مخاض ولادة العالم الجديد وبزوغ العصر الحضاري الثالث للإنسانية، ينسجم مع حاجاتها ويطابق منتجاتها وما تحقق من فتوحات علمية، وتحولات في أنماط الحياة الإنسانية، لاشك أن الشعوب والإنسانية التي عانت البلطجة، والقسر، والحروب والتجويع ونهب الثروات والاعتداءات والغزوات لجغرافيتها وقيمها وهوياتها، تربح وربحها يتعزز كرابح. وتربح وتتوفر شروط امتلاك حريتها وسيادتها وأنماط حياتها وثقافاتها التي تعرضت للقسر والعدوان لترويج النموذج والقيم الأميركية الأنكلو – ساكسونية.

تعطل النظام الآحادي المتعجرف في 2013 عندما أخذت روسيا والصين فيتو مزدوج في مجلس الأمن بعد طول غياب، بخصوص الأزمة السورية، وبدأت ترتسم ملامح النظام المتعدد القطبية بديلاً عن الأحادية الأميركية البلطجية.

جاءت الحرب الأوكرانية لتثبت أصول وأركان التحولات العالمية الزلزالية، وتؤشر إلى انزياح القيادة والقوة إلى آسيا محمولة على المشروع الأوراسي القائم على أعمدة ثلاث: روسيا والصين وإيران.

وبناتج انكسار الهيمنة والتفرد الأميركي، وانشغال أميركا بأزماتها، وتركيز استراتيجياتها وخططها لتعويض خسائرها وانحسارها للاستيلاء على أسواق وقدرات حلفائها وإخضاعهم، كما في أوروبا، وبانكشاف أميركا على عدوانيتها، واهتمامها بمصالحها هي لا غير وعلى حساب حلفائها المخلصين، بدأت تتوفر شروط وفرص موضوعية لتمرد الشعوب والدول وتمكنها من حريتها وسيادتها. وبالتالي في سلم أول الرابحين- رابحين، الصين والهند وإيران، والخليج والعرب، والبرازيل وأميركا اللاتينية والكاريبي، وجمهورية جنوب أفريقيا والقارة السمراء، وكل ما هو جار يؤكد هذا المنحى والسياق الجاري والمؤسس بصلابة، ويتعمق ويدوم.

الصين والهند ربحت تعاملات مع بيئتها بالعملات الوطنية وبالنفط والغاز الروسي الرخيص وتعززت قدراتها على المنافسة في الأسواق على حساب أميركا وأوروبا واليابان. وتحررت من الدولار والإملاءات الأميركية، وتزيد كل يوم في رصيدها وتمكنها، وكسبت وتربح الصين بتأخير حربها مع اميركا الاقتصادية وحرب العملات، وحرب تحرير وتوحيد الصين. فالوقت يعمل لصالحها  وأزمة الاتحاد الأوروبي واستنزاف وانهاك الأطلسي يترصد عناصر قوة ونفوذ وسيطرة للصين التي بدأت تخرج على سلبيتها ومن دفاعيتها والانتظارية وتبدأ بدبلوماسية عالمية نشطة من بوابة الحرب الأوكرانية.

إيران، استثمرت ونجحت وتمردت على الحصار والضغوط وأمنت نفسها اقتصادياً وتسليحياً على نحو ممتاز، يؤهلها للعب دور اقليمي وازن ومؤسس في العالم الجديد الجارية ولادته من المخاض القاسي ومن الخاصرة الأوكرانية.

السعودية والإمارات ومصر والعرب رابحون- رابحون بشهادة تسارع الانفتاح على سورية،  فلولا الحرب الأوكرانية وحرب النفط والغاز وانشغال أميركا والأطلسي بالأزمات والحرب، لما استطاعت هذه الدول أخذ مسافة والتمرد على الإملاءات الاميركية ورفض الالتزام بأوامرها والانخراط بالحرب وبالحصار على روسيا وإغراق سوق النفط والغاز.

تركيا كانت من أبرز الرابحين، لولا الزلازل وتأثيراتها…

البرازيل وأميركا اللاتينية والجنوبية التي تنهض فيها حركات اليسار والتحرر وتهزم فيها أميركا ومخططاتها، وتنفرج أمور وأحوال فنزويلا، وتالياً كوبا والشقيقات يترسخ حضورها ومن الرابحون الرابحون…

أفريقيا وجنوب أفريقيا تزيد من مساحات تباينها مع أميركا وأوروبا وتجري تصفية النفوذ الفرنسي لصالح حكومات تحميها فاغنر الروسية، وتتجه شرقاً وتوسع علاقاتها باوراسيا، والشاهد المناورات العسكرية الروسية- الصينية مع جنوب أفريقيا.

الشعوب والحضارة الإنسانية رابح رابح، فانكفاء وانكسار الهيمنة الأميركية العالمية يحرر الشعوب وثقافاتها وقيمها من البلطجة والعدوانية الأميركية التي سعت لتعميم نموذجها وقيمها قسراً وبالقوة، ومع انهيار العولمة كأداة أميركية تدخلية قسرية للتحكم بحيات وغذاء وقيم الآخرين تتنفس الشعوب وحضاراتها، وتتوفر لها فرصة ذهبية لإنجاز مهام التحرر والاستقلال والسيادة واحتلال مكانتها تحت الشمس.

انكسار وتأزم النموذج الأنكلو- ساكسوني العدواني الذي أقام دوله ونماذجه على الحروب والهيمنة والبلطجة والقسر،  والاستعمار ونهب الثروات واستعباد الشعوب وخيراتها، وتوفر فرص واحتمالات لنشوء عوالم متعددة واقليميات واسعة وقادرة في عالم جديد يتشكل كيفما جاءت ولادته، وتشكله سيكون أفضل آلاف المرات من العالم الأنكلو- ساكسوني وعدوانيته الذي هيمن لقرنين وأدمى البشرية وابتلاها بكل الآثام والشرور.

وفي هذه التحولات شهادات وتأكيدات واقعية ومادية تؤكد أن أميركا تبدو أكبر الرابحين الآن، لكنها مرشحة لأن تكون أعظم الخاسرين في المستقبل.

بينما الكثير من الدول والأمم والشعوب تكسب صفة رابح رابح…

غداً روسيا رابح رابح ولو بكلفة عالية..

…/ يتبع

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى