
غزة تحترق… ماذا عن الجولان؟
ميخائيل عوض
يعلو الصراخ والجعجعة والقرقعة، التي تتهكم على محور المقاومة ويتذاكى كثير من الأغبياء والحمقى بصراخهم الغوغائي للتهجم على المحور وسوريا، ويطالبون بفتح الجولان ودخولها الحرب دفاعاً عن غزة التي تدمر وتحترق وينهب الموت المتوحش أطفالها ونسائها والعزل والعدوان الإسرائيلي- الاطلسي لا يوفر الكنائس والمساجد ويصب حممه الحارقة المصنوعة في أميركا والأطلسي على المستشفيات وفرق الاسعاف والمراكز الصحية، والخدمية، ويستهدف تجمعات العزل والنازحين في العراء، وقطعت عن غزة كل سبل الحياة وأبسط حاجاتها من الماء والكهرباء والغذاء والدواء…
والبعض عاد إلى نغمة يا وحدنا – ورطونا وحطونا بنص البير وقطعوا الحبل فينا…
الحملة مفبركة في الغرف السوداء مفبركة وظالمة وعدوانية تستهدف محور المقاومة وسورية ومصداقيتها وجاهزية المحور للحرب ولتحرير فلسطين من البحر إلى النهر التي كررها السيد حسن نصرالله وقادة المقاومة كثيراً في السنوات الأخيرة.
الجعاجعة والحرتقجية الذين تعلو أصواتهم في العالم الافتراضي وفي فضائيات ووسائط وشبكات هي كاذبة ومعادية لفلسطين من أصله ومتآمرة عليها وعلى المحور وفصائله ودوله، وتعمل وتمول من أجهزة إسرائيلية أطلسية، أو من عملائها، وتالياً الوسائط والوسائل والمتطاولين عبرها، أهدافهم معروفة وحملاتهم مفبركة ومقاصدهم مرة أخرى بعد الألف تستهدف طعن غزة بخناجرهم المسمومة ودس السم بالعسل، وجهودهم ودورهم لتصفية القضية ونصرة الظالم المتوحش والتغطية على جرائمه التي جاوزت في صلفها وشدتها حروب الإبادة التي قامت ونشأت عليها أميركا ونموذجها المصغر والقزم “إسرائيل” التي أخذت طبائعها وممارساتها من سيدها أميركا. والمحاولات للتغطية والإشغال عما ترتكبه إسرائيل واضحة في أهداف الحملة على سورية ودورها في نصرة غزة.
حرب إسرائيل على غزة هي من صنف الحروب على البشر، والشجر والحجر، التي تتعارض مع كل وأي من الشرائع الأرضية والسماوية، وقواعد وقوانين الحروب وتتعارض مع كل القوانين والعدالة الدولية وقرارات شرعياتها على مر الأزمنة، وبدل أن ينصرها الحرتقجية والجعاجعة بتركيز الحملات على ممارسات إسرائيل وحلفها، يحاولون التغطية وحرف لاهتمام بمحاولات التطاول على سورية والمحور…
التعرف إلى الأهداف الحقيقة التي يبتغيها هؤلاء ووسائطهم وفضائياتهم لا تحتاج إلى كثير من الحجج، والتوثيق، فقط تحتاج إلى تفعيل الذاكرة وتنشيطها.
فهم أنفسهم بدمهم ولحمهم ونبرات أصواتهم، من قادوا وأيدوا قوى الإرهاب الأسود والدول والجماعات والأجهزة التي استهدفت سورية بحرب ظالمة لتدميرها وتقسيمها وإسقاط دولتها وتفكيك جيشها، عقاباً لها على رفضها التفريط والخيانة ولحفاظها على قيم الأمة والتزاماتها والدفاع عن الحق بفلسطين كلها، ولتأمين إسرائيل والمشروعات العدوانية التدميرية الأميركية والأطلسية في العرب والاقليم.
ذاتهم دافعوا عن الإرهابيين وأمنوهم وسلحوهم وشاركوهم أعمالهم المتوحشة، وما زالت الجيوش التركية وفصائل الإخوان المسلمين والإسلام الأميركي المسلح والأسود يحتلون أجزاء من سورية وينهبون ثرواتها ويفرضون الحصار والتجويع على شعبها، ويمارسون الإعتداءات الغادرة ويرتكبون المجازر بشعبها، وأقرب دليل المجزرة التي ارتكبتها العصابات الإرهابية بالكلية العسكرية في حمص، وأدت إلى مئات الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء والعزل، وكأنها كانت تمرين إسرائيلي لقصف مشفى المعمداني في غزة.
ما بعد، فالوقائع الجارية، والأحداث والمعطيات، بذاتها، وكما هي، تصفع بل تبصق في تلك الوجوه الكالحة وفضائياتهم ومنابرهم وشبكاتهم ووسائطهم، وتكذبهم وتعري أهدافهم.
الجولان ليست صامتة، بل لم تصمت أبدا وكان صمتها أشد بلاغة من أكاذيبهم وفبركاتهم. ولم تتخل عن فلسطين وعن غزة في ساعة أو يوم، ولأن سورية وشعبها وجيشها هم العروبة الحقة، فاوضت ولم تتنازل ولم توقع. وهي وبقرارها، ولأن فلسطين جنوبها وقضيتها الأساسية وهي قضية حياتية واجتماعية ووطنية وقومية في العقل السوري، أنشأت المقاومة وطورت محورها وتشكلت دولة قاعدة قائدة لها.
وعندما طردت حماس وفصائل المقاومة وحوصرت من قطر وتركيا وعواصم الإخوان المسلمين والنظم التطبيعية، لم تجد ملجأ حافظاً وضامناً ومقبرة تظم رفاة شهدائها إلا الشام وسورية، وسورية لم تبخل بصواريخها وبسلاحها لغزة والضفة والفصائل، ولم ترتهب. وقدمت كل ما استطاعت لغزة وعادت وصالحت حماس بعد أن اعتذرت على مشاركة بعضها الإرهاب الأسود لتدمير وتفكيك سورية ودولتها وجيشها، ودوما كانت بوصلة سورية فلسطين والمقاومة ودونها جاوزت كل الطعنات.
عيب ولا منطقي وغير عادل، بل كاذب ومفبرك كل من يتهم الجولان وسورية بالصمت أو بالحياد في الحرب الجارية لحماية غزة ووقف العدوان لتدميرها بل تتعامل سورية بثقة وإكبار وتثمين للعبور الأسطوري لكتائب القسام، وترى التطورات الجارية بالحد الأدنى ستكون جولة نوعية فاصلة في حرب سورية ومحور المقاومة لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر.
والشواهد قاطعة، فجبهة الجولان مفتوحة وسورية منذ 2012 في حالة حرب مع الكيان الصهيوني وتساند غزة، ولا تأبه لصمت غزة الأخريات، ولا سألت عربها المساندة والاسناد، ولا لامت أحدا على حياده او تأمره أو صمته.
الجولان وسورية في حربها المفتوحة بين الفينة والأخرى تتحرش بالقذائف والصواريخ والمسيرات، وتجري الاستعدادات والحشود تحضيراً لعصف الحرب من الجولان، عندما تحين الفرصة أو يتخذ المحور قراره بإطلاق حرب التحرير والشروع بخوضها وحسمها بالجولة الحاسمة والضربة القاضية.
وظيفة الجولان اليوم المشاغلة الناعمة والتسخين وإلزام إسرائيل بحشد ثلاث فرق في الجولان وتجميدهم في مواجهة سورية.
والجولان تقاتل على جبهة تصفية الإرهاب حلفاء وأدوات قتلة غزة، في إدلب وإلزام العثماني التركي الإخواني الانسحاب من الأراضي التي احتلها وتقاتل قوى التقسيم في شرق الفرات، كما تقاتل الاحتلال الأميركي والأطلسي في الشرق والجنوب وقاعدة التنف وتمطر قواعده وابل القذائف والصواريخ يومياً لإشغالها عن دعم إسرائيل التي بات الضباط الاميركيون هم من يقودونها ويقودوا جيشها.
والمحور وفصائله بعد فتح جبهة الجنوب وكسر قواعد الاشتباك التي تكرست في حرب تموز وبعد غزو بيروت 1982، وتشريع حق الفصائل الفلسطينية من الإنطلاق من الجنوب والمشاركة في حرب إسناد غزة، وباتت الجبهة ممتدة من الناقورة إلى باب المندب ومضيق هرمز امتداداً إلى الهضبة الإيرانية وجغرافيا العراق وسورية، تشكل سورية قوة وجبهة محورية في هذه الحرب، وقد آمنت موجباتها وتحشد قواها وأسلحتها لتلعب الدور المحوري والريادي في الحرب الكبرى وبتحقيق التحرير بالجولة الحاسمة عندما تزف ساعتها، وحتى ذلك الزمن الذي قد يكون غداً أو بعده، أو بعد أشهر تبقى سورية جبهة مفتوحة تقاتل وتصمد وتقاوم وتنتصر في الحرب العالمية العظمى التي استهدفتها ودارت فيها ومعها، لأنها التزمت فلسطين ولم تساوم وما زالت منذ 12 سنة، وتحقق فيها سورية وحلفها الانتصارات وما معركة غزة النوعية والاستراتيجية الجارية، إلا بصفتها جولة من جولات حرب تحرير فلسطين بالحرب طويلة الأمد التي شكلت سورية الجغرافية والشعب والجيش القوة المحورية فيها، وما زالت واليوم تشكل منصة التحولات الكبرى في الحرب وفي مستقبل الصراع العربي- الصهيوني وفي صياغة مستقبل العرب ومكانتهم ودورهم ومن بوابة غزة وفلسطين.
الجولان لم تصمت يوماً، ولم تخذل غزة وهي على سلاحها والأصابع على الزناد، وقد تكون المفاجأة الصاعقة بعد عبور غزة الأسطوري عبور الجولان العجائبي.
إن غداً لناظره قريب…
وسورية كانت وتستمر راية العروبة المرفوعة وقبضتها تحمل الراية التي لم ولن تنكسر، وكل القلوب تهتف للقدس حرة عربية وقريباً ستعود.