بيروت التي نحبها… لا تزال واقفة  

كتب محمد حسن العرادي

لأول مرة أزور مدينة بيروت ولا يكون الأخ العزيز المرحوم الدكتور حيدر الدقماق طبيب وجراح القلب في مستشفى الرسول الأعظم حاضراً في إستقبالي، فقد إنتقل إلى الرفيق الأعلى في 11 ابريل/نيسان 2022 بعد أن باغته السرطان فلم يمهله طويلاً، لكنه خلف أبناء وبنات لا يقلون روعة عنه، وأصدقاء واخوة يحملون المشعل من بعده، فقد كان ناشطاً كبيراً في مجال مقاومة التطبيع مع الصهاينة من خلال جمعية القدس الثقافية، لقد زاد غيابه هذا من ظلام بيروت بالنسبة إلي.

بيروت الضحية التي أستفرد بها الذئب حين ذهب إخوتها يتسابقون لكسب روقهم وتحسين مكانتهم، سمعوا صوتها وهي تئِن وتستغيث، لكنهم تظاهروا بالصمم والصمخ، بعضهم كان يختلس إليها النظر بين فينة واخرى، ويرى الذئاب تمزق ثيابها بمخالبها وأذرعها الصهيونية الكثيرة، لكنه أشاح بوجهه ناحية أخرى وادعى العمى وضعف النظر، بعضهم كان واضعاً في آذانه وقراً لكي لا يسمع الصراخ والعويل، لكنهم جميعاً كانوا شهود زور، لم يدلوا بشهاداتهم في محكمة الضمير.

من نافذة الطائرة رأيت بعض من بنايات وبيوت بيروت ترسل وميضاً خفيفاً يزرع الأمل وينتظر الإنقاذ من قوافل عربية كانت تعبر الصحراء محملة بالماء والغذاء، او سفناً وشاحنات معبئة بالمازوت والفيول لتشغيل الكهرباء، لكن ايٍ منها لم يأت في هذا الزمن الأغبر، لأن سيدها أصدر الأوامر بحصار بيروت، وتدمير مرفأها الذي كانت تتنفس منه الصعداء، فإذا بها تصبح غارقة في الظلام المدلهم.

عندما عدت إلى بيروت وجدتها قد استهلكتْ في بعد ثمان سنوات عجاف، أكلت كل ما ادخره شعب لبنان العزيز من القمح والطحين والدولارات والبنزين، وجدتها تبكي على ليلها الحزين، وشبابها الذي صرفته دفاعاً عن العرب والمسلمين وحقهم في استعادة فلسطين، لكنها وعلى رغم كل شيء صابرة تنظر للمستقبل بثقة وحنين.

بيروت لا تزال صامدة واقفة على قدميها، تقاوم التجويع وترفض الإذلال والتركيع، تنقلت ليلاً برفقة صديقي العزيز الدكتور حبيب

رمال الذي إستقبلني في مطارها على رغم المعاناة، جُلنا بين بعض شوارعها في حي الحمراء فوجدت شباب لبنان يشع بالأمل، وللوفاء بحق بيروت وفضلها على العرب جميعاً أوجه دعوتي للجميع، عودوا إلى لبنان بسياحتكم ومؤتمراتكم وفعالياتكم، علّ ذلك يضخ فيها النبض من جديد، ندعو الله ان يحمي ويحفظ لبنان الحبيب من المؤامرات ويحفه بالسلام والامان، وأن يحفظ الله بحريننا الغالية من كل مكروه.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى