
مخاطر العمل التطوعي… في الميدان المجتمعي 4
كتب محمد حسن العرادي
يعود تاريخ تأسيس الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين الى ما قبل عهد الاستقلال بعقود، ورغم الكثير من الخدمات الجليلة التي قدمتها هذه المؤسسات للمجتمع والدولة على حد سواء، إلا أنها في نظر بعد المسؤولين والجهات المختصة، لا تزال قاصرة وبحاجة الى المراقبة الشديدة والمحاسبة المستمرة حتى تسير على السراط المستقيم.
ورغم سنوات طويلة من العمل التطوعي الذي ساهم في رفع اسم البحرين عالياً في مختلف المحافل الدولية، لا يزال البعض يعتبر هذه المؤسسات قاصرة وربما تحمل نوايا شريرة وسيئة، لذلك يتم تعقيد كافة طلباتها ومشاريعها وبرامجها، ويُضيَق الخناق عليها بشكل مستمر، بحجة تطبيق القانون رقم 21 لسنة 1989، وإذا صادف أن احدى الجمعيات راجعت الجهة المختصة، فإن الجواب يمون جاهزا ومكرراً، ما نحن الا جهة انفاذ للقانون، وليس باالامكان أفضل مما كان.
وفي الحالات التي تتعقد فيها أوضاع أي من الجمعيات التي تتعثر في استكمال اجراءاتها بسبب تقادم النظام الالكتروني الذي تعتمده الجهة المختصة المشرفة على هذا القطاع، فإنها قد تفكر في تكليف أحد مسؤوليها الاتصال بأحد المسؤولين في الجهة المختصة للاستفسار ، لكنه سيواجه بالعقبة المعتادة (لا أحد يرد على الاتصال) وإذا كان هذا المتطوع محظوظاً وتم إستقبال مكالمته، فإن عليه ان لا يستغرب اذا كان الجواب إدخل النظام الالكتروني وقدم طلبك مع البيانات اللازمة، وهكذا يعود لنقطة البداية، لكن (الحسابة بتحسب) والأيام تتوالى حتى تُثَبَت المخالفة بالتقصير على الجمعية، وتطبق عليها العقوبة.
أما اذا كانت الوزارة المختصة تريد تسليم أي جمعية أو مؤسسة أهلية رسالة ما، فإن من حق أي موظف في الجهة المختصة أن يستدعي أكبر راس في الجمعية لاستلام الرسالة – احضر حالاً للوزارة لاستلام خطاب رسمي باسم جمعيتكم، والذي قد يكون خطاب تحقيق وقد تكون وررقة غير مهمة كان يمكن إرسالها بالبريد الالكتروني، وكأن هناك من يريد إذلال الجمعيات ومعاقبتها على نشاطها.
ومع بالغ الاحترام والالتزام بالأنظمة والقوانين، وعدم التشكيك في نوايا المسؤولين، نتساءل أليس من حقنا المطالبة بعدم محاكمة نوايا المتطوعين والنشطاء أيضاً، بإختصار حافظوا على الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني من قبل ان ياتي يوم وتغلق ابوابها وتنتهي، خاصة وانها الخيار الأمثل والأفضل لتحقيق الشراكة المجتمعية، والوفاء باهداف التنمية المستدامة، حفظ الله بحريننا الغالية من كل مكروه.