
لبنان في معركتين كاسرتين… 5/5
ميخائيل عوض
خاتمة؛ على الرجاء والأمل…
حزب الله لم يفت زمن الفرص وما زال الوقت متاح…
حزب الله بما مثلته من تجربة مفتاحية وأسهمت محورياً بإعادة صياغة قواعد ارتكاز توازنات القوى والصراع العربي- الصهيوني، بما هو جوهر صراع الغرب والشرق، وبما حققته من أن تصارات اعجازية في زمن اللا معجزات، وبما تتمتع به من ذكاء حاد وقدرة على إدارة صراع معقد ومديد وبمسارح واسعة جداً، وبروحيتك وقيمك العقيدية التي تجلت بخدمة الناس بأشفار العيون وبانتصار شفاف نظيف غير مسبوق في تاريخ البشرية عام 2000، وبرفضك المطلق للفتن والحرب الأهلية، وبنظافة مقاومتك المشهود لها، وبكونك لم يكن لك يد في نهب الشعب والدولة اللبنانية. وجل تمويلك وتسليحك ودورتك المالية والاقتصادية من خارج الدورة الاقتصادية اللبنانية، ما زالت محط الرهان والأمل الباقي للغالبية، والفرصة متاحة للمساهمة بإنتاج مشروع إنقاذي خلاصي وأيضاً في الانتخابات النيابية إن جرت…
فلتكن معركتك، معركة الشعب اللبناني ظافرة لإنتاج أكثرية قادرة على فرض تطبيق الدستور ومقدمته، وإصدار المراسيم التطبيقية للفقرات الدستورية التطويرية للنظام ولفقرات الطائف المعلقة، والعبور بلبنان من دولة الفساد والتحاصص ونهب الثروات والشعب واغتيال الكيان، إلى دولة عصرية يتساوى فيها اللبنانيون كمواطنين أحرار، وليعاد إنتاج وظائف للكيان تتناسب مع ما حققته المقاومة من أن تصارات اعجازية بعقول وأجساد وتضحيات لبنانية، ويصبح لبنان شريكاً محورياً رائداً في إعادة هيكلة وتأسيس الشرق والاقليم الجارية.
المسؤولية كبيرة والفرصة سانحة لتعظيم التضحيات العظيمة والنهوض بلبنان وتجديد شبابه وكيانه، عبر إنتاج نظام ودولة عصرية ترث المتهاوية والمنهارة بعجاله، فكل شروط التغيير والنهوض الموضوعية متوفرة والحاجة للدولة العصرية القابلية للحياة والاشعاع ماسة وراهنة.
وليس ما يعيب حزب الله على لعب الدور المحوري في الانقاذ؛ فعقائديته ثروة وكنز ثمين، وقد اختبرت وكشفت عن إنسانيتها وحقيقتها الإيمانية في لبنان، وبشهادة تجربة الثورة الإسلامية الإيرانية وجوهرها وشعاراتها الاستقلالية السيادية؛ لا شرقية ولا غربية … والشعار الاجتماعي.
(وَنُرِيدُ أن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ)
وما حققته والتزمته الجمهورية في تجربتها المنيرة، وفي إسلامها العقيدي المختلف جوهريا ًعن إسلام الوهابية والإخوانية والسلفية الجهادية العالمية التي خالفت تجاربها التجربة الإيرانية وفصائل الجهادية الشيعية، فأنتجت تسيس الدين والطائفة السنية نماذج التوحش والارهاب الأسود واللا وطنية واللا قومية واللا سيادية واللا اجتماعية في تجاربها الممارسة، ما وفر وأمّن شروط هزيمتها وتسارع انحسارها واندثارها، وتصفية الحقبة الإسلامية بأسوء ما يكون.
لحزب الله بعقيديته وبعلاقته مع إيران وولاية الفقيه والقائد الخامنئي حوافز دينية ومحرضات من التجربة ومن آيات القران الكريم، ومنها دعوة الله المؤمنين للقتال في سبيل المستضعفين، وقد ساوى في الآية بين القتال في سبيل الله والقتال في سبيل المستضعفين ولم يخص الله المؤمنين ولا المسلمين ولا الشيعة أو السنة أو أتباع أي من المذاهب بل قالها صريحة؛ في سبيل المستضعفين ولم يصنفهم جماعات وشيع فخاطبهم من دون تفرقة أو تميز أو تحيز لدين أو عقيدة أو ولاء، فجاء نص الآية الكريمة صريحاً واضحاً لا يقبل التأويل: “وَمَا لَكُمْ لَا تُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا وَٱجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَٱجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرا”.
رسالة حزب الله والمقاومة لم تنتهِ بعد، فالقتال في سبيل الله والأوطان والأعراض ولتحقيق السيادة والاستقلال والكرامة، وتحرير القدس وحماية المراقد ودور العبادة، يتكامل ويسير جنباً مع القتال في سبيل المستضعفين، وشعب لبنان في واقعه وحالته الجارية مع المنظومة، يستصرخ من يقاتل معه ولأجله وقد استضعف بشدة وعسف، والقرية الظالم أهلها مجسدة بالمنظومة ونظامها الجائر والعنصري بمحاصصته، وقد أفلس ويسوق الكيان إلى الزوال والعباد إلى الجوع والذل.
قد تكون الانتخابات النيابية إن جرت آخر فرص التغير السلس والسلمي قبل فوات الأوان، والظفر فيها وتصفية النفوذ الأميركي في الدولة والمنظومة قد تكون بين المعارك التي تستعجل فرض الهزيمة على الأميركي في سورية والعراق، وتيسر تحرير القدس وتستعجله، وقد قالت العرب؛ عصفور باليد….
وقالت؛ صديقك من صدقك
على الأمل والرجاء؛ اللهم أشهد أني قد بلغت.
انتهى