بعد جنين… ماذا يفعل السفراء العرب في تل أبيب؟

كتب محمد حسن العرادي

قالوا إنهم يمدون ايديهم للسلام مع دولة الكيان من أجل تشجيع حل الدولتين والقبول بالمبادرة العربية، وها هم الصهاينة يعلنون العمل على اجتثاث حل الدولتين ووأد فكرة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على لسان رئيس وزراء العدو الذي لم يكتف بمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وتهويدها بإقامة مشاريع إسكانية صهيونية داخل الضفة الغربية، وبؤر استيطانية على تلالها ومرتفعاتها تمهيداً للاستيلاء عليها بصورة نهائية.

إضافة إلى الإمعان في تقسيم وتفتيت وتقطيع أوصال ما تبقى من أراضي الضفة الغربية، من خلال قيام قوات الاحتلال العنصرية بشق الطرق والشوارع الالتفافية الخاصة بالصهاينة، وبناء وتشييد جدران الفصل العنصري التي تجعل التواصل بين المدن والبلدات الفلسطينية شبه مستحيل، خاصة مع وجود الحواجز ونقاط التفتيش العسكرية التي تُمعن في إذلال وإهانة الفلسطينيين.

كل هذا وأكثر حصل ويحصل أمام أعين السفراء العرب والدبلوماسيين المتواجدين في تل أبيب، المقامة على أراضي مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة منذ 1948، ورغم كل ما يشاهده السفراء العرب ويصلهم من أخبار الانتهاكات الحقوقية الصارخة، من التهجير والحرق والاعتقال والاغتيال وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتجريف الحقول والمزارع، إلا أنهم يواصلون الصمت ويستمرون في أداء أدوارهم كشهود زور.

إن كل ماحدث من قبل وخلال العقود الأربعة التي مرت على اتفاقيات الذل والمهانة المسماة (اتفاقيات التطبيع) منذ وقع الرئيس المصري الأسبق اتفاقيات كامب ديفيد في العام 1979، مروراً باتفاق أوسلو في العام 1993، واتفاقات وادي عربة 1994، وصولاً إلى اتفاقات ابراهام في العام 2020، كل ذلك لا يقاس بما قاساه الشعب الفلسطيني البطل في الأيام الماضية حين أطبق الجيش الصهيوني على مدينة ومخيم جنين، وحاصر سكان المخيم المقدر عددهم باكثر من 15000 فلسطيني في مساحة لا تتجاوز نصف كم2، ثم أجبرهم على الخروج من منازلهم تحت أصوات المدافع وأزيز الرصاص وقذائف الطائرات، في مشهد ترانسفير جديد يُذكرنا بالمجازر والتي حدثت في النكبة الاولى 1948، نكبة جديدة تتم أمام أعين الجميع وتنقل بالصوت والصورة حتى لا يتعذر أحدِ بأنه لم يسمع أو يشاهد، فلماذا يستمر السفراء العرب في تقديم الغطاء الدبلوماسي لهذه الاعتداءات الهمجية.

وإذا كان البعض يعتقد بأن الاجتماع الذي عقدته الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين لديها، وما قاموا به من إدانات واستنكار شفهي كاف لرفع العتب عن هذه الدول العربية التي وقفت متفرجة، فإنهم واهمون، لقد آن الأوان لقطع العلاقات الدبلوماسية المُذلة مع هذا النظام العنصري وتمزيق اتفاقيات التطبيع المهينة الموقعة مع هذا الكيان الصهيوني، أو تلك التي في طريقها للتوقيع، مع المطالبة بوقف كافة أشكال التنسيق الأمني والسياسي معه، ولتكن البداية سحب السفراء العرب، وطرد السفراء الصهاينة من عواصمنا العربية، ووقف كافة الرحلات الجوية فوراً والبدء بتعزيز الدعم الكامل لفلسطين وإعادة إعمار مخيم جنين، مع توجيه الشكر والتقدير للإمارات والجزائر اللتان بادرتا بتخصيص المساعدات لإعادة اعمار المخيم، المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى والمناضلين من أبناء فلسطين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى