
كيف تحفر أميركا قبر الكِيان الصهيوني بأيديها – 5
بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
اعتقدت أميركا بأنها قد انتهت من تدجين كافة الدول والشعوب العربية، وأن الوقت قد حان لوضع اللمسات الأخيرة على الخارطة الجديدة لما تسميه الشرق الأوسط، تكون فيها دولة الكيان الصهيوني السيدة المدللة التي تعطي الأوامر فيستجاب لها دون قيد أو شرط، خاصة بعد أن نجحت الضغوطات الاميركية في تحقيق اختراقات التطبيع الخادعة مع 6 دول عربية وازنة إضافة إلى السلطة الفلسطينية التي وقعت إتفاقية أوسلو معها في العام 1993، متوهمة تحقيق حل الدولتين الذي روجته أميركا طويلاً، لكن الحسابات الصهيوأميركية سقطت في إمتحان الصبر الإستراتيجي الذي مارسته فصائل المقاومة الفلسطينية وهي تعُد العُدة لفجرِ السابع من أكتوبر 2023، فما الذي حدث يومها؟
استفاقت أميركا وربيبتها الصهيونية على زلزال سياسي وعسكري واستخباري غير متوقع، عدد محدود من المجاهدين الفلسطينيين، لا يزيدون عن 1200 فدائي مقاوم تمكن من تحقيق ضربة ساحقة للمنظومة العسكرية الصهيونية في عقر دارها، فسقط جدار الوهم الصهيوني بالتفوق العسكري والاستخباري، ومعه سقطت إلى الأبد أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وانهارت أحلام التطبيع والسيادة الصهيونية على الدول العربية، حين دُكت القواعد الصهيونية العسكرية والاستخبارية المحيطة بقطاع غزة المحاصر على مدى 17 عاماً الماضية، وأقتيد الضباط والجنود الصهاينة للأسر أذلاء خانعين.
جُن جُنون آلة القتل والدمار الصهيونية وبدأت في إرتكاب المجازر والفضائع ضد أبناء الشعب الفلسطيني الصامدين في قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته 360 كم2، عبر الزج بأكثر من 300 الف عسكري إرهابي صهيوني لمحاصرة وتدمير القطاع وتجويعه، وعبثاً بحث الغزاة عن صورة للنصر تُعيد لهم توازنهم المفقود طوال أكثر من 110 أيام، لكنهم لم يحصدوا سوى الإخفاق والخيبة التي كشفت حقيقتهم الارهابية أمام العالم، الذي عرف مدى وحجم الإجرام الذي مارسه هؤلاء السفاحون المتعطشون للدماء والهدم والتهجير والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين بالقوة.
ومرة أخرى سقطت الأكذوبة وانهارت الرواية الصهيونية، أمام الرواية الفلسطينية التي ثبتت مظلومية الشعب الفلسطيني وحقه في استعادة أرضه ووطنه وبناء دولته المستقلة ذات السيادة، فهل بدأت مرحلة التفكك لهذا الكيان المصطنع الغريب بعد عقود من الدعم والإسناد الأميركي والغربي اللامحدود؟ الذي جعل قادة الكيان يصابون بالغرور والغطرسة ويتصرفون بوقاحة تجاوزت كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، ضمن مسلسل الحسابات الخاطئة، ذلك ما سنناقشه المقال التالي.