شيخ العقل يدعو المسؤولين لاعتماد مبدأ الكفاءة في التعيينات:

الحماية لا تكون من العدوّ المتربّص شرّاً بالأوطان والشعوب

دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى “المسؤولين للعمل معاً على إعادة بناء المؤسسات بمسؤولية وإرادة، وباعتماد مبدأ الكفاءة والاستحقاق في التعيينات، ومبدأ الشفافية والوضوح في التعاطي مع المال العام ومع أموال الناس وحقوق المواطنين”، محذّراً من “المخطّطات العدوانية التوسُّعية، ومن الإغراءات المتكررة والوعود المعسولة القائلة بالحماية والرعاية، ومنبّها إلى خطر الانزلاق في الأفخاخ”. ورأى ان “الحماية لا تكون من العدوّ المتربص شرّاً بالأوطان والشعوب، بل من الوطن الذي نَستظلُّ سماءه وتاريخَه وتراثّه”.

كلام شيخ العقل جاء خلال رعايته الإفطار الرمضاني السنوي الذي أقامته “جمعية إسهام – صندوق دعم المريض” في قاعة جمعية النهضة الاجتماعية الخيرية في شانيه، بمشاركة شخصيات دينية واجتماعية وحزبية وبلدية وأهلية وجمع من المشايخ.

وألقى رئيس “جمعية إسهام” الدكتور حسام ربح كلمة خلال الإفطار شكر فيها سماحة شيخ العقل، مقدّراً دوره الروحي والوطني العام، وقال: “رمضان فرصة لكل منا ليتقرب من الله، وليعمل للخير، وليعيش قيم التسامح والتآخي التي تشكل أساساً لمجتمع متماسك وقوي”.

أضاف، “لقد آمنا بقدرتنا كأفراد متّحدين بالمحبة، شعارنا الإنسان والإنسانية، تكاتفنا واستمرينا مع أهل الخير والأيادي والقلوب البيضاء محاولين تحويل الألم إلى فرح عطاء مستدام”.

شيخ العقل
كما ألقى صاحب الرعاية سماحة الشيخ أبي المنى كلمة قائلاً:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على سيِّد المرسَلين وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيِّبين….
أصحابَ الفضيلة، حضرة المشايخِ الكرام، الأخوةُ الأعزَّاء في جمعية إسهام، أيُّها الأحبّة،
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ…﴾
تتجلّى فضيلةُ هذا الشهر المبارَك في ما أُنزل فيه من وحيٍ أضاء العالَم بنورِه المبين: ﴿وَأَنـزَلْـنـا إلَـيْـكُم نُـوراً مُـبِينا﴾، وفي ما فُرضَ فيه من أصولٍ وعبادات وما كثُر فيه من أبوابٍ للخيرات، وفي ما تيسَّر فيه من لقاءاتٍ طيِّبة على موائدِ البِرِّ والإحسان والمعروف، كلقائنا المبارَكِ اليومَ بدعوةٍ من جمعية إسهام، وفي اللقاء ثلاثُ حسناتٍ على الأقلّ:
أوّلُها وأهمُّها كونُ رمضانَ مناسبةً حافلةً بمعاني الرحمة ومؤاساةِ الفقراء والمساكين، حيث يشعرُ المؤمنُ في رحاب هذا الشهر الفضيل بأنه في حمى الله سبحانه وتعالى الذي هو أقربُ إليه من حبل الوريد، وأنّ الفرصةَ سانحةٌ في أيام رمضان ولياليه للتقرُّب أكثرَ وأكثر، بالقيام والصيام، والارتقاء بالعبادات إلى غاياتها المُثلى، شهادةً وصلاةً وزكاةً وصياماً، وفي ذلك سبيلُ نجاةٍ لمن صدق في عبادته، ولمن صام وقام وتلا خاشعاً ما تيسَّر له من كتاب الله العزيز، وزكَّى من علمه ووقته وماله في سبيل الله، في المكان الذي ينبغي وفي الزمان الذي ينبغي وبالمقدار الذي ينبغي، لتنوير طالب علمٍ أو لإغاثة ملهوفٍ أو لفضِّ نزاعٍ أو لإعانة عاجزٍ أو لمعالجة مريض أو لبلسمة جراح موجوعٍ أو لإنقاذ عائلةٍ محتاجة.
وثانيها أننا نلتقي هنا بدعوة من جمعيةٍ خيرية إنسانية يَشهد لها مجتمعُ الجرد والجوار بالفضل والعطاء، ويذكرُها بالخير مئاتُ المرضى والمصابين من أبنائه، لما تقدّمه لهم من دعمٍ ومساندة، وصاحبةُ الدعوة هي واحدةٌ من تلك المؤسسات الخيرية التي يرعاها الأستاذ تيمور بك جنبلاط، لكنَّها ليست فقط للعائلات التي تدورُ في فلك الحزب التقدميُّ الاشتراكيُّ، بل هي لجميع العائلات الجردية، وتستحقُّ الدعمَ من قبل الخيِرينَ أمثالِكم.
وثالثُ حسنات هذا اللقاء أنه يَتمُّ في بلدتنا الغالية شانيه، كما درجت العادة، وشانيه، كما قرى الجبلِ جميعُها، موئلٌ للمحبة والأخوّة والإلفة، وواحةٌ للتعاضد والتكافل وجمع الشمل، وهذه هي صفاتُ أبنائها الموحِّدين الذين يعتزُّون بتاريخهم وتراثهم وأصالتهم، ويضيفون إلى سماتِ هويّتِهم اللبنانيِّة العربيِّة المعروفيّة الأصيلة الموسومة بالشموخ والإباء والعنفوان، سمةَ الرحمة والمحبة والأخوَّةِ الإنسانية”.

أضاف: “من هذا المنطلق وقفنا بالأمس إلى جانبِها من موقعِ الصداقة والمسؤولية الاجتماعية، ونقف اليومَ إلى جانب جمعية إسهام، ونحن نغتنمُ الفرصة في رمضانَ لعمل الخير وجمع الشمل، راجين أن ينسحب ذلك على كلّ الشهور، فوجهُ رمضانَ هو وجهُ الخير والسلام والوئام، إذ هو سيِّدُ الشهور وإمامُها، كما قلنا في هذه القاعة منذ إحدى عشرة سنة:
رمضانُ وجهُكَ في الحياةِ سلامُ​​ولَأنتَ ما بين الشهورِ إمامُ قد أُنزِلَ القرآنُ فيكَ على هدىً​​فهَدَى الأنامَ الوحيُ والإلهامُ بُوركتَ يا رمضانُ بوركَتِ الليــا​​​لي البيضُ والساعاتُ والأيامُ
الأخوةُ الكرام،
في رحاب هذا الشهر المبارَك، ومنذ أيّامٍ استضافت دارُ الطائفة في بيروت نخبةَ الوجوه اللبنانية في لقاء وطنيّ جامع أكَّدنا خلاله على رسالتِنا التوحيدية الوطنية، رسالة الجمع والتضامن والشراكة، وكنّا قد أطلقنا من قبلُ فكرةَ اللقاء الوطنيِّ الجامع تحت عنوان “الشراكة الروحية الوطنية”، وقلنا لفخامة الرئيس إن هذه المظلَّةَ الرئاسية هي التي تَقي لبنانَ وتحتضن أبناءه، بعيداً عن التجاذبات والتناقضات، ولأنّ فخامتَه مؤتَمنٌ على سلامة البلاد ونهضتها، وإلى جانبه أركانُ الدولة، رؤساء ووزراء ونواباً ومدراء، فقد تمنّينا عليه رعايةَ تلك الشراكة، وقلنا له إنَّ الرؤساء الروحيين، بما يمثِّلون، هم جزءٌ أساسيٌّ منها ولن يتخلَّوا عن دورهم الروحي والوطني، بل هم إلى جانبِكم ومعكم في مهمة الإصلاح والإنقاذ.
واليومَ نكرِّر القولَ ونؤكِّدُ أننا سنظلُّ نسعى لتجاوز العقبات وإقامة دولة المواطَنة، دولةِ العدالة والمساواة، وما علينا إلَّا أن نستنهضَ القوى الحيَّةَ في المجتمع لتعزيز ثقافةِ الولاء للوطن والتضامن لإنقاذه والتشارك في نهضته، وأن نستصرخَ العالَمَ كلَّه لمساعدتنا في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمرّ والتصدّي للخروقات المتمادية ولكلِّ ما يُخلُّ بالأمن وبالاتفاقات المبرَمة، وأن نشجِّعَ أبناءنا على التطوُّع في الجيش وخدمة الوطن ليكون قادراً على صيانة الأمن وحماية الحدود ومواجهة الاعتداءات، داعين لتحصين المؤسسة العسكرية سياسياً ودعمِها ومساندتِها، وأن نَحثَّ المسؤولين ونعمل معاً على إعادة بناء المؤسسات بمسؤولية وإرادة، وباعتماد مبدأ الكفاءة والاستحقاق في التعيينات، ومبدأ الشفافية والوضوح في التعاطي مع المال العام ومع أموال الناس وحقوق المواطنين”.

وتابع: “على صعيد آخر، فإننا حذّرنا ونحذّر من المخطّطات العدوانية التوسُّعية، ومن الإغراءات المتكررة والوعود المعسولة القائلة بالحماية والرعاية، ونبَّهنا ونُنبِّه إلى خطر الانزلاق في الافخاخ، ودعونا وندعو للتمسك بالهوية التوحيدية الإسلامية والعربية للموحِّدين الدروز والمحافظة على التراث والجذور، وقلنا ونقول إنّ الحماية لا تكون من العدوّ المتربص شرّاً بالأوطان والشعوب، بل من الوطن الذي نَستظلُّ سماءه وتاريخَه وتراثّه، واذا كانت نوايا أهلِنا المعروفيين الشرفاءَ في فلسطين المحتلَّة سليمةً وحريصةً علينا وعلى إخواننا المعروفيين الموحدين في سوريا، إلا أن النوايا الإسرائيلية ليست كذلك، بل إنها تصبُّ في خدمة مصالح الكيان الغاصب. أمَّا أبناءُ سوريا الأحرار فيُدركون أن حمايتَهم تكونُ بتعلُّقهم بدينهم وقِيمِهم وأرضهم وتاريخهم، وبوحدتهم المعروفية والوطنية، وبانخراطهم جميعاً في بناء دولتهم الحديثة الواحدة الموحَّدة، وبعمقهم العربيّ والإسلاميّ، وليس بغير ذلك. إنَّنا كأبناء مسلكٍ توحيديٍّ عرفانيّ وكطائفةٍ أساسيّة في بلاد الشام، على قلّة عددنا، نفتخرُ بأنَّنا ثبتنا في إيماننا وتوحيدنا، وفي قيمنا الأخلاقية والاجتماعية، وفي أرضِنا وأوطانِنا، وواكبنا التطورَ والحداثة، وبرز منَّا قادةٌ أفذاذٌ وشخصياتٌ وطنيةٌ وعلمية وأدبية، وحافظنا على بقائنا بالرغم من التحديات الوجودية، وبالرغم من تشكيك بعض أبناء الطائفة المهووسين كغيرهم بشاشات المواقع الإخبارية، والمنقلبين على التاريخ والإنجازات وتصويرها وكأنها وهمٌ وسرابٌ، ويا ليتهم ينخرطون في عملية البناء لا الهدم، ويحافظون على الإرث الوطني والعربي الذي صنعه الأجدادُ والآباءُ منذ مئات السنين، وعلى الوجه الإسلامي والتوحيدي الذي تميَّزنا به وحافظنا عليه وعلى أنفسِنا من خلاله”.

وختم شيخ العقل: “الأخوةُ الكرام، فليكن عملُنا الإنسانيُّ اليومَ حافزاً لنا لإثبات ما قلناه، وللتأكيد بأننا متضامنون وقادرون على حماية مجتمعِنا، والأوفياءُ إلى جانبِنا ما دمنا إلى جانب أهلِنا وطائفتِنا والوطن. بارككم الله، عشتُم لعمل الخير وعاش الوطن”.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى