دروس من الحياة – 10

تدخل في تحالفات غير متكافئة

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
لا بد من القول- بكثير من الصدق والمصارحة- إن التيار الوطني الديمقراطي في البحرين لم يكن جاهزاً أو مستعداً للتعاطي مع إفرازات حرب تحرير الكويت، وما نتج عنها من مسارات أو تداعيات، الأمر الذي جعله مجبراً على تحالف غير متكافئ مع التيارات الإسلامية الشيعية الصاعدة، بفعل إنتصار الثورة الإسلامية في إيران فبراير 1979 من جانب، وردة الفعل التي ترافقت معها وفتحت الباب للتيارات الإسلامية السنية لصد المد الإيراني الثوري المندفع.

وهكذا فإن القوى الوطنية والديمقراطية وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه، ورغم إمتلاكها الخبرات السياسية والكفاءات التنظيمية التاريخية، إلا أنها سلمت القيادة الجماهيرية إلى الكوادر الإسلامية التي كانت تسيطر على الشارع بصورة شبه تامة، وهكذا وجدنا أن الأفكار التي طرحتها القيادات الديمقراطية بإطلاق العريضة الشعبية 1992، ثم العريضة الجماهيرية 1994 تتسرب إلى أيدي التيار الإسلامي الشيعي، الذي أصبح المحرك والمتحكم الحقيقي في أحداث التسعينات.

لقد حاولت بعض القيادات اليسارية التحذلق على هذا الواقع الجماهيري بالترويج لفكرة العلاقة بين (العقل المدبر والعضلات المنفذة) لكن تلك المحاولات باءت بالفشل الذريع وأصبحت قيادة الشارع السياسي المعارض بيد قادة المبادرة ( الإسلام الشيعي) ولم يتبق للحراك الوطني الديمقراطي سوى حق التشاور غير الملزم، بينما زاد تحالف التيار الإسلامي السني مع الدولة، وهكذا انقسم المجتمع البحريني بصورة فاقعة إلى جناح معارض (ذو غالبية شيعية) وجناح موال (ذو غالبية سنية).

وكانت تلك نقطة التحول الرئيسية في العلاقات المجتمعية التي مهدت لإنشطار مجتمعي كبير في مراحل لاحقة، ومنذ تلك اللحظة بدأ الفرز والإنقسام في المؤسسات الرسمية الحكومية وحتى مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وربما المؤسسات الأهلية وجمعيات المجتمع المدني، لقد دخلنا بإرادتنا إلى دوامة طائفية لم نكن مستعدين لها، وضاعت كل التنظيرات التي طُرحت عن الوحدة الوطنية والعمل الوطني المشترك، وبدأ فصل جديد في تاريخ البحرين، وللحديث تتمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى