جمهور المقاومة يؤمن بها وليس بالدولار

 

نزار فياض
عُرفت المقاومة في لبنان ببسالتها وإيمانها بقضيتها منذ ان أُسست، ومع اولى شرارتها حوربت من الداخل قبل الاعداء، والحجج واهية: العين ما بتقاوم مخرز، العدو سيرد متناسين ان العدو هو المعتدي والفعل استوجب الرد. يقولون ذلك بينما هم كانوا يسرحون ويمرحون ويسهرون ويغنون ويرقصون ويسحبون ويشربون، ومن كان يقاوم المخرز، هو من كان يتألم ويعتقل ويُخطف ويُعذّب ويُقتل ويدمر منزله.

البعض قد يرمي التهم على جمهور المقاومة بانه يقبض بالدولار، ولكن العكس صحيح، فكل المؤيدين يؤيدونها فقط لرد الجميل للذين بفضلهم عادوا الى بيوتهم وارزاقهم واملاكهم، مرفوعي الرأس دون منة من احد، حتى ممن اعاد اليهم الحق المغتصب، هؤلاء لا يعرفون حتى مكاتب الدولار، إنهم يؤمنون بعقيدتها وحكمتها وبدماء شهدائها التي اعادت اليهم الكرامة بعدما حاول عدو الخارج والداخل اذلالها ومرغها في التراب.

جمهور ومؤيدو المقاومة رأوا بأم العين كيف ان “اسرائيل” ركبت دواليب على السياج الحدودي المتاخم للأراضي اللبنانية لتدخل ساعة تريد وحينما تريد، تفجر بيتاً هنا وتحرق أرضاً هناك، وتخطف أناس وتمنع الرعاة من التجوال ولا احد يردعها، الآن بفضل هؤلاء الابطال ودماء الشهداء، صارت اسرائيل تحسب الف حساب قبل إقدامها على اي خطوة متهورة لأنها باتت تعرف حجم الرد، حتى إذا تجرأت وخطفت، الصبح يظهر السيد ليقول كلمته فيخرج المخطوف بعد الضهر.

من يحاول أن يشكك او يردد بأن جمهور المقاومة لا يفكر سوى بالدولار، وهو يقف الى جانبها بسبب المال، اتحداه ان يتوجه الى بيئة المقاومة، والى المناطق المحتلة ويسألهم عن ذلك، يسألهم اذا كانوا يتقاضون الدولار لقاء تأييدهم للحق في وجه الباطل، سوف يسمع ويرى بأم العين عشق هؤلاء لتضحيات الشرفاء وحفظهم الوصية. قد تقولون عن الملتزم حزبيا انه يتقاضى راتباً بالدولار، قد نتفق معكم في ذلك، ولكن المؤيد او المناصر او الجمهور، فهذا محض افتراء وجهل في فكر بيئة هذه المقاومة.

بكل أسف حين يمنع الجيش اللبناني من التسلّح بأمر أميركي، وحين يقدم لبنان منذ سنة 1945 لغاية الآن أكثر من 47 شكوى ضد اسرائيل الى مجلس الامن بسبب اعتداءاتها علينا وارتكابها بحقنا جرائم ضد الانسانية، وتُسقط اميركا “الحنونة” كل الشكاوى بالڤيتو، وحين نرفع الصوت ونقوي الصرخة “يا عالم يا هو، يا مجلس امن، يا امم متحدة، يا عرب” الاسرائيليون يقتلوننا ويدمرون بلدنا، لا أحد يرد علينا، أما دولتنا العلية وبسبب الحنونة أميركا ليست قادرة على ان تدافع عنا لأن جيشها ضعيف وممنوع أن يصبح قوياً ويصارع اسرائيل ويحمي شعب لبنان. عندما كان يحصل كل هذا، من إبادة للقرى الى قتل الناس وخطفهم وتعذيبهم أمام أعين العالم الذي كان يتفرج، ويأتي شباب ورجال ونساء ويقررون حماية أنفسهم وقراهم ويحررون أرضهم بالقوة، وبعقيدة وإيمان، يصيرون بنظر بعض الأقلام يتبعون الدولار؟ يا جهلة، البيئة كلها شاركت حين لم يكن هناك لا دولار ولا من يحزنون، شاركت ايمانا منها بعودة الحق لأصحابه ومن منطلق وإعدوا لهم ما إستطعتم من قوة.

انا ابن الجنوب والغلط أقول عنه غلط، وما لا أعرفه أقول لا أعرف، ولكن أولئك الشباب الذي يتكلم عنهم بعض الاعلام يحملون القلم بيد والسلاح باليد الاخرى دفاعاً عن أرضهم، فمعظمهم مهندسين وأطباء ومحامين وطلاب علم واصحاب مصالح، ليسوا هواة حرب وموت وقتل. لقد حصلت حادثة أثناء تواجدي في احدى المناسبات، فقد دُعيت منذ مدة من قِبَل الاعلام مع وفد من الفنانين لزيارة بعض عوائل شهداء الجيش والمقاومة. في احدى الزيارات التقينا بسيدة متشحة بالسواد، استقبلتنا ببسمة وبمعنويات عالية غريبة وكأنها آتية من معركة منتصرة، سألها احد الاعلاميين ويدعى ج أ: كيف استشهد ولدك؟
صارت تسرد تفاصيل مذهلة، ما اثار ذهولنا اكثر ان ولدها الشهيد هو مهندس، والآن ولدها الثاني وهو على باب التخرج، سيذهب ليغطي فراغ أخيه وطبعا ليس حبا بالدولار، ايضا حالة مماثلة حدثت عند عزائنا بالدكتور فتوني. هؤلاء ليسوا عباد الدولار ولا جمهورهم وبيئتهم،
من لا يعرف هؤلاء جيدا فليقرأ عن اهل البيت عليهم السلام، فليقرأ عن الامام علي والحسن والحسين وغيرهم عندها يعرف ان حبهم لآل البيت لا يعلوه مقام
في النهاية، ما يكتب عن ان الدولار يتحكم بالمقاومة ومناصريها اهانة لعوائل الشهداء الذين كانوا يدافعون عن قضيتهم ويدفعون من مصروفهم لقاء جهادهم. زوروا الجبهات تلمسون ذلك، والسلام

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى