
مصر السيسي… تقدر
كتب د. هاني عمر الناظر
قبل سنوات تعالت أصوات أهل الشر منتقدة قيام الرئيس عبدالفتاح السيسي بعقد عدد من الصفقات لشراء أسلحة ومعدات عسكرية، وعللت تلك الأصوات ذلك بضرورة توجيه تلك الأموال لأوجه صرف أخرى، ولكن هذه الأيام تثبت الرؤية الثاقبة للرئيس السيسي الذي أدرك منذ اللحظة الأولى لتوليه مسؤولية إدارة البلاد المخطط الشيطاني الذي يحاك لمصر لادخالها النفق المظلم مثل بلاد شقيقة دخلت دهاليز الظلمات والتفتيت والدمار ولا يعلم أحد متى تخرج منه ولا توجد حتى بارقة أمل لعودتها إلى ما كانت عليه قبل 2011.
الرئيس كأنه كان يرى المستقبل ويعلم أنه في هذا الزمان إن لم تكن قوياً فستأكلك الضباع وأنت عاجز عن تحديد مصيرك، وكان أكثر دهاء عندما اختار تنويع مصادر التسليح فلم يعد هناك اعتماد على السلاح الأميركي فقط بل عقد عددا من الصفقات منها الرافال والميسترال وغيرها التي لم تضع الجيش المصري فقط بين الجيوش الأقوى في العالم، بل خلصته من أي محاولات للي ذراعه، لأن هذا التنويع جعل أي دولة مهما كان حجمها تفكر قبل أن تقرر وقف بيع السلاح لمصر لأنه تهديد لم يعد له محل من الإعراب بعدما أصبح الجيش المصري يمتلك البدائل.
وخلال كلمته بالندوة التثقيفية الـ 40 للقوات المسلحة بمناسبة الذكرى 51 لنصر أكتوبر قبل نحو أربعة أشهر، أكد الرئيس أن الحفاظ على قوة الدولة الشاملة بكل معانيها، القوة العسكرية والقوة الاقتصادية والقوة الثقافية، أمر مهم وضروري مشددا على ضرورة أن يبقى الجيش والشرطة في أعلى جاهزية وقدرة لحماية الدولة المصرية ومقدراتها.
كل هذا أقوله الآن بعدما طالعت تصريحا للرئيس الأميركي المتغطرس دونالد ترامب الذي ظن أنه يستطيع أن يتحكم في مصير الشعوب بكل سهولة وأن يفرض الإملاءات على الدول، وقال ترامب إن خطته فيما يخص تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة جيدة لكن لن يفرضها، وإنه يوصي بها فقط.
هذا التصريح الذى قاله ترامب وإن رأه بعض المحللين تراجعاً عن تصريحاته السابقة أراه أنا انتصارا لمصر السيسي، الذي لن أبالغ إن قلت إنه تصدى بمفرده لهذا المخطط قبل قدوم ترامب وبعده تنصيبه، فرفض تهجير الفلسطينيين وكشف للعالم أجمع المخطط الصهيوني بتصفية القضية الفلسطينية مستغلين عملية طوفان الأقصى لإعمال الخراب والدمار وارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل والأبرياء من النساء والأطفال.
الرئيس السيسي رفض اقتطاع أي شبر من أرض مصر ومنحها لغير المصريين، ورغم كل الإغراءات التي قدمت لمصر في الكواليس رفض الرئيس رفضاً قاطعاً رؤية الرئيس الأميركي بمنح قطعة أرض للفلسطينيين وتحويل غزة لمنتجع أميركي، وتعامل الرئيس بكل شرف في زمن عز فيه الشرف وساند الاشقاء الفلسطينيين على مختلف الأصعدة، وأمام هذا الموقف الصلب وجد الرئيس الأميركي نفسه مجبراً على التراجع عن موقفه ويعلن أن خطته كانت مجرد توصية.
اليوم أثبت الرئيس السيسي- وإن لم يكن بحاجة إلى ذلك- أن رؤيته الثاقبة في تسليح الجيش المصري بأقوى الأسلحة كانت صحيحة، فدولة بحجم مصر تقع في منطقة ملتهبة وتحيطها المخاطر من كل حدب وصوب والمخططات تحاك لها ليلا ونهارا، كانت بالفعل تحتاج إلى جيش قوى درع وسيف يحميها من كافة المخاطر والتهديدات، ويمنع عنها أطماع القوى الاستعمارية في عالم أصبح لا يعترف سوى بالقوى، ولا أدل على ذلك من المجازر التي وقعت بحق الأشقاء في فلسطين على مدار أكثر من عام والضمير العالمي في ثبات تام.
لقد أثبتت السنوات الماضية أن لمصر قائداً حكيماً يخطط في هدوء لحماية إرادتها ومصالحها، لا يسعى للاعتداء، ولكنه قادر على حماية مقدراته، وعلينا جميعاً أن نساند الرئيس السيسي في كل ما يخطط له لحماية البلاد والعباد، ويجب أن ندرك أن تراجع الرئيس الأميركي ما هو إلا محاولة لكسب الوقت ثم العودة لتنفيذ المخطط الصهيوني الأميركي، والذي لن ينجح طالما ظلت مصر قوية وعفية لا تقبل بالإملاءات الخارجية، وقرارها ينبع من إرادتها السياسية… دامت مصر السيسي قوية وعفية.