لماذا نعارض مصطلح العمالة المهاجرة؟

بقلم محمد حسن العرادي *

شاركتُ في مؤتمر العدالة الإجتماعية والديمقراطية في عالم العمال الذي ينظمه الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين خلال الفترة 19 – 21 نوفمبر بفندق روتانا – داون تاون المنامة، وكان لافتاً أن المنظمين يتبنون مصطلح *” العمالة المهاجرة”* إقتداء بتعليمات وتوجيهات منظمة العمل الدولية وإتحاد النقابات الدولي، وقد أبديت في مداخلتي اعتراضاً شديداً على استخدام هذا المفهوم وترويجه خدمة لأجندات وأهداف أجنبية خفيه تعمل بعض المنظمات الدولية على تثبيتها ونشرها كثقافة عامة وأمر مسلم به.

ودعوني أشير إلى تفهمي لإقدام الإتحاد العام لنقابات عمال البحربن استخدام هذا المصطلح نتيجة الالتزامات الدولية التي وقع عليها، والتي تفرضها عليه عضويته في المنظمات الدولية التي ينتمي إليها أو يحمل عضويتها، لكننا كنشطاء مجتمعيين مطالبون بالتصدي لمنع نشر هذه الثقافة بعيدة الأمد التي تهدف إلى تهيئتنا للقبول باشتراطات المنظمات الدولية الرامية إلى توطين هذه العمالة الأجنبية الوافدة، ومنحها حقوقاً متساوية مع المواطنين إن لم تكن أفضل منهم.

وباعتبارنا من الدول الجاذبة للعمالة الوافدة، فإننا نتعرض للاستهداف الديمغرافي الرامي إلى إقناعنا بأحقية هذه الأعداد الهائلة من العمالة الوافدة في الإستيطان ولاحقا الحصول على الجنسية والتمتع بكافة الحقوق والصلاحيات التي يتمتع بها المواطن في دولنا الخليجية، بحجة تطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة، ربما لأن هذه المنظمات تطمح إلى تصدير المشكلات المجتمعية التي تعاني منها دول المنشأ المصدرة للعمالة إلى دولنا، من خلال الادعاء بأحقية هذه العمالة في الاستيطان والتمتع بالحقوق الاجتماعية الكاملة التي يتمتع بها المواطن، تحت مبرر أنها ساهمت في التنمية والبناء والتعمير، وبالتالي حقها في المطالبة بالمساواة في الرواتب والأجور والمزايا مع المواطن، مع حق التنافس الحر على الوظائف التي ينتجها السوق الوطني، فضلاً عن حقها لاحقاً في السكن والتعليم والصحة والتمتع بكافة الخدمات العامة أسوة بالمواطن.

وبعيداً عن أي توصيفات قد يطلقها البعض ضد الأفكار التي أنادي بها، فإنني أرى أن هذه العمالة هي عمالة وافدة جاءت مختارة وليست مجبرة لفترة محددة بهدف العمل وكسب الرزق ولا يجب أن يترتب على ذاك أي استحقاقات في المواطنة أو المنافسة مع الحقوق الخاصة بالمواطنين، خاصة وأنها حصلت مقابل الأعمال والخدمات التي تقدمها على رواتب وأجور إرتضتها وقبلت بها ضمن عقود العمل التي أبرمتها بمعرفة دولها وموافقتها أيضاً، وإذا كان ولا بد من الانتباه فإن دولنا مطالبة بسن القوانين التي تمنع هذه العمالة الوافدة من الاستقرار في بلداننا فترات طويلة للحيلولة دون تحولها إلى عمالة مهاجرة تطالب بحقوق الاستيطان كما تطرح المنظمات الدولية.

إننا نطالب بتنظيم استبدال هذه العمالة بشكل دوري يقطع أي تخطيط لها في المطالبة بالاستيطان، وتغييرها حسب الحاجة بعمالة بديلة من دول المنشأ التي تصدر العمالة وهي كثيرة، أو من خلال تقطيع الفترة التي تقضيها هذه العمالة في الإقامة المتواصلة، حتى لا تتحول هذه إلى عبئ على الاقتصاد الوطني والبيئة المجتمعية، وهذا لايعني اعتراضنا على تحسين ظروف عملها وإقامتها ورفع أو تحسين مستوى أجورها بشكل عادل ومنصف تستطيع من خلاله تأمين حياتها المعيشية في بلادها، لكن الهدف هو منع تبرير الإستيطان وإبعاد خطره وتأثيره على التركيبة السكانية للبلاد.

ولا شك أن هذه المخاطر مرتفعة جداً، خاصة حين تشكل العمالة الوافدة أكثر من 50% من السكان في معظم دول الخليج العربية (تصل نسبة الأجانب في البحرين إلى 56% من السكان وفي دول أخرى تتجاوز ذلك لتصل إلى أكثر من 80%)، وإذا كانت بلادنا تعاني من التجنيس خارج أطر القانون والمخالفات الكثيرة التي تم اكتشافها وما يشكله ذلك من هواجس بشأن التغيير الديمغرافي، فإن التساهل في التعاطي مع الدعوات الدولية بالنسبة إلى موضوع العمالة الوافدة يشكل خطراً وجودياً يجب الإنتباه إليه، بل يجب التحذير منه والتحذير من تبعاته فوراً وبدون تمهل.

علينا أن لا ننساق إلى تنفيذ أجندات الآخرين وخططهم التي لا تصب في مصلحتنا ومصلحة أوطاننا، بل هي تشكل أطماعاً في الإستيلاء على بلادنا من الداخل، خاصة إذا عرفنا بأن أغلب أفراد الجاليات الأجنبية في بلداننا منظمة ومنتمية إلى إتحادات عمالية ونقابية وأحزاب وتيارات سياسية في بلدانها الأم، وربما يتحدر أغلبها من خلفيات عسكرية أيضاً خاصة ان تلك الدول تفرض التجنيد الاجباري وتلتزم به، ولا يمكن لأي مواطن عندها مغادرة بلاده قبل ان يؤدي الخدمة العسكرية، وذلك يمكن أن تشكل خطراً كامناً أو (تنظيمات وخلايا نائمة) تنتظر الوقت المناسب للانقضاض على مفاصل القرار في بلداننا، ويمكن أن تكون البداية بالسيطرة على القرار في الشركات العامة والبنوك والمؤسسات والمصانع، والتحكم في قراراتها بدءاً من إدارات وأقسام التنمية البشرية والتوظيف إلى أقسام المحاسبة والشؤون المالية وصولاً إلى رئاستها والتحكم في ادارتها وسياستها العام، وقد أعذر من أنذر.

* البحرين

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى