مراسلون لبنانيون على الجبهة: “إسرائيل” لا تؤتمن
خليل العلي – العربي الجديد
يواصل مراسلون لبنانيون تغطية العدوان الإسرائيلي على البلاد، في ظل ظروف صعبة، واستحالة الوصول إلى مناطق كثيرة بسبب كثافة القصف والاستهدافات.
من جنوب لبنان إلى البقاع، ثم إلى الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، تنقّل مراسل التلفزيون العربي محمد شبارو لتغطية العدوان الإسرائيلي. في حديث مع “العربي الجديد” يؤكد شبارو أن هناك مخاطر عدّة يواجهها المراسل الميداني، تبدأ من المخاطر المهنية وصولاً إلى تلك الجسديّة والصحيّة والنفسيّة، وتختلف باختلاف مكان التغطية، “فلا شك أنه بالمعنى الجغرافي الأخطر هو جنوب لبنان حيث التنقل يُعدّ حالياً التحدي الأكبر للزملاء هناك مع القصف الواسع والعشوائي، خصوصاً مع تجرية غزة حيث استُهدف الصحافيون بشكل مباشر”. ويضيف “هذا بحد ذاته يفرض صعوبة على العمل الميداني عموماً، لأن إسرائيل تجاوزت كل ما هو متعارف عليه في أدبيات العمل الميداني الصحافي خلال الحروب، مثلاً يعتمد الصحافيون ومعهم فرق الإنقاذ والإسعاف على قاعدة التوجه إلى مكان الاستهداف بعد استهدافه، ولكن هذه القاعدة بعد حرب غزة لم تعد مضمونة، كل ما هو متعارف عليه سقط بعدما بات الصحافيون أهدافاً في غزة”.
ويقول شبارو: “خلال الحرب الحالية أكثر ما أثّر بي كان مشهد النزوح، الآلاف عالقون على الطرقات يبحثون عن مأوى، الآلاف تركوا منازلهم، قراهم ومدنهم هرباً من القصف، في اليوم التالي قصدت مدينة زحلة، هناك التقيت بهم، أغلبهم كان يرفض الحديث للكاميرا، يرفضون واقعهم الجديد، من تحدث كانت سيدة هربت مع ابنها من ذوي الاحتياجات الخاصة، تحدثت عن قريتها وكانت تجر عربة ابنها، كان يصرخ من الألم نتيجة وضعه الصحي وكذلك إرهاق النزوح ليلاً، خلف الكاميرا كانت خائفة، تسأل كما كثر هناك، حيث انقلبت الأدوار لأن الناس هناك كانوا يريدون أجوبة لا أسئلة، أجوبة لهواجسهم الكثيرة”.
الخوف وعدم اكتراث إسرائيل بحماية الصحافيين، تضاف إليهما مشكلات لوجستية مرتبطة بالتنقّل على الأرض. يقول الصحافي عصام حسين مواسي الذي يعمل مع قناة الجزيرة: “هناك مخاطر عدّة يتعرض لها الصحافي في المكان الذي يغطي فيه الحدث، خصوصاً عند الانتقال من مكان إلى آخر في ظل القصف وسقوط القذائف في أماكن قريبة جداً، وعدم قدرته على الاختباء، فنحن نعتبر أهدافاً متحركة”. ويؤكد مواسي أنه تعرض خلال العدوان الحالي لإصابة في الرقبة والفخذ نتيجة انفجار صاروخين أطلقتهما طائرة أباتشي إسرائيلية في منطقة مارون الراس، “ما يؤكد أن الصحافي عند تغطية معارك حربية فهو مُعرّض للخطر”. اللافت أن لا حماية للصحافيين ولا أي مانع من الاعتداء عليهم، هذا ما يؤكده مواسي، ويلفت إلى أن إجراءات الأمن والسلامة في قناة “الجزيرة” صارمة جداً من خوذة ودرع وتجهيزات أخرى، كذلك طريقة التنقل من مكان إلى آخر.
أما الصحافي محمد زناتي، وهو صحافي حر لصالح وكالات أنباء أجنبيّة عدّة وقنوات تلفزيونيّة لبنانية، فيقول: “بدأت العمل بمهنة الصحافة منذ تسع سنوات من خلال المواقع الإخبارية الإلكترونية، قبل 23 سبتمبر/ أيلول الماضي كنت أغطّي في مختلف مناطق الجنوب اللبناني، حالياً أًغطّي العدوان في مناطق صيدا وصور والنبطية.
يؤكد زناتي أن إسرائيل لا تحترم القوانين الدوليّة خصوصاً في مجال حماية الصحافيين: “لا حصانة لنا، ما يُعرّضنا للخطر بشكل دائم، علماً أن الصحافي يجب أن يكون مُحيّداً عن النزاع، ونحن نحيي الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الصحافي عصام العبد الله وجرح عدد من الزملاء الآخرين، وهذا يدل على الخطر الأمني الذي يهدد حياتنا، كذلك لا بيئة حاضنة لهم ومهيأة للعمل خصوصاً مع الغياب التام للأجهزة الرسمية في متابعة أمور الصحافيين”.
يلفت زناتي أن هناك معوقات عدّة، منها الاستقرار الوظيفي، لأن معظم الصحافيين يعملون مستقلين من دون عقود عمل ولا يستفيدون من الضمان الصحّي، ويتقاضون أتعابهم على القطعة ويعرّضون حياتهم للخطر لتأمين المادة الصحافية. أما عن المحتوى الذي يقدّمه الصحافيون في هذه الحرب فيقول “العمل خلال العدوان يتطلب الوعي ونقل الخبر الدقيق والصحيح وألا يكون الخبر يضر بالأمن القومي، فنفضح ممارسات العدو وننقل صورة إجرامه بحق المدنيين والدمار الذي يسببه القصف على الأحياء السكنية، وقد تعرضنا أكثر من مرة لسقوط قذائف بالقرب منّا، لكن لم نصب بأي أذى”.