
كيف نعزز علاقاتنا المجتمعية؟
كتب محمد حسن العرادي – البحرين
أرسل لي أحد الأصدقاء الذين أعزهم كثيراً فيديو طائفي مستفز جداً، يصف فيه أحد رجال الدين المنتمين لمعتقدي الديني بالإرهابي المنتمي لعصابة إجرامية، ورغم إيماني بحق الإختلاف في الإنتماء العقائدي وحرية العبادة وإختيار المذهب الذي ينتمي اليه اي إنسان، إلا إنني أعتبر ذلك شأناً خاصاً ليس لنا أن نجعله معياراً أو مقياساً لعلاقاتنا المجتمعية، والتي أرى أنها يجب أن تقوم على أساس صفاء القلوب وبعدها عن الشحناء والبغضاء من اجل تكريس المواطنة العادلة، والفرص العادلة، والكفاءة التي يتمتع بها كل منا، وليس وفق اي إنتماءات طائفية.
لكنني أجبته بكل هدوء قائلا: أخي العزيز أنا لم أستمع للفيديو الذي أرسلته لي، لأنه لايهمني ولا يشغل بالي أبد .. كما إنني لا أعرف هذا الشيخ الذي تتحدث عنه .. لكني أعرف أن الكلام والتعليق الطائفي المرفق بهذا الفيديو لا يشبهك ولا يليق بك نشره وأنت في هذه المكانة المجتمعية وهذا السن .. ولم أكن لأرد عليك بهذا الكلام لو لا معزتك ومحبتك وعلاقتي الخاصة بك التي لا أريد أن يخدشها كلام أو تعليق بذيئ او متطرف أيا كان قائله ..
ولو كنت مكانك لأعدت النظر في كل ما يرسل إليّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي دمرت الكثير من الصداقات والعلاقات الإنسانية، وإتخذت قراراً قاطعاً بعدم إعادة إرسال أي رسالة أو فيديو أو مداخلة تسيء للآخرين أو تستفزهم … لأنني بذلك أسيء لنفسي قبل أن أسيء للآخرين … وإعلم يا أخي العزيز بأن الحياة ليست معركة مستمرة مع الآخر الذي قد نختلف معه في أي مجال وقد نتفق معه في مجالات آخرى … وفي جميع الأحوال … أنا لا أمثل العدو لمجرد إختلافي معك مذهبياً … كما أنني لست بحاجة لأن تنقذني من نفسي أو مذهبي … أو عقيدتي، كما أنني لست مسؤولاً عن اختياراتك واختيارات الآخرين في إنتمائهم المذهبي أو الفكري أو السياسي، فالناس فيما يعشقون مذاهبُ.
لقد كبرنا ومر بنا الكثير الذي شكل وعينا ونُضجنا .. وتجاوزنا العقد السادس من العمر فهل تعتقد بأن هذا التعليقات المتطرفة أو الحادة ستهزنا أو تجعلنا نرتجف خوفاً أو طمعاً؟ لست أعتقد ذلك، فلقد مر على معرفتنا وصداقتنا حتى الآن عشرات السنين… ولم أكن خلالها أنظر لك سوى بعين الأخوة والصداقة والوفاء والشراكة في الوطن … فهل يعجبك أن تستفزني كلما حلا لك ذلك ؟ لمجرد هوى في نفسك، أو ميل لا ينفعك ولا يفيدك … سامحك الله.
لقد حرصنا على إستمرار علاقتنا وتعزيزها في جميع المنعطفات والأزمات التي مرت بنا وبوطننا العزيز، لكننا تجاوزناها بحمد الله، من خلال تكريس محبتنا وانتمائنا للوطن، وأرجو أن نستكمل ما تبقى لنا من عمر ونحن على وفاق وعلاقة طيبة، نخدم هذا الوطن والمجتمع بكل ما نستطيع بعيداً عن المناكفات وتبادل اللكمات والاستفزازات، والله الموفق لكل خير