حرب غزة: جولة أم حرب وجود ومصير؟
ميخائيل عوض
طوفان الاقصى العجائبية وقعت كالصاعقة على الرؤوس وفاجأت الجميع بوقائعها وبنتائجها بما فيهم المخططين والمنفذين.
وقع المفاجأة طبيعي فكل الاحداث الكبرى والحروب بما فيها العالمية اشعلتها احداث عابرة جاءت مفاجئة وغير متوقعة وتسببت بالحريق الواسع كعقب سيجارة يشعل غابة او كصاعق يفجر اطنان المتفجرات.
المنطقي ان محور المقاومة وفصائله تحت وقع المفاجأة تعاملوا مع ما اطلقته من حرب بداية على انها جولة فهو قد اعتاد وبرمج عقله على استراتيجية حرب الجولات وترصيد النقاط.
ويحسب أن الزمن واستحقاقاته ومساراته يسير على هواه ورؤياه وحاجاته وتوقيته وبارادته.
أما وقد تحولت الحرب الى حرب وجودية كما تخوضها إسرائيل والتزمها قادتها وقال غالانت؛ حرب وجودية اذا هزمنا فيها فلا مكان لنا في المنطقة.
ولأنها وجودية لإسرائيل نجد نتنياهو يخوضها بلا هوادة وبلا حسابات ويدير ظهره للضغوط والتصريحات ولحاجات بايدن الانتخابية ولحلفاء إسرائيل في النظام الرسمي العربي والاسلامي والعالمي.
وفي الوقائع الميدانية وتأكيداً لكونها اصبحت حرب وجودية فقد طالت لثمانية اشهر ودخلت التاسع وليس من جولة قبل اتخذت هذه المدة وتسببت بتدمير غزة وبنيانها وبنيتها التحتية وقتلت وجرحت واخفت قرابة 10% من سكانها اي ما يوازي ٣٥ مليون امريكي او ١٥٠ مليون صيني او هندي.
وادت الى وحدة الجبهات بعد ان وحدت الساحات الفلسطينية وتسببت بحرب البحار والمضائق واشتبكت ايران مع أميركا والأطلسي واسرائيل وحلفائها.
فهل يعقل ان توصف حرب بهذه الشدة والمدة والكلفة واتساع المسارح وتعدد الجبهات والدول والاطراف المشاركة فيها بانها جولة؟!
وهل يعقل ان محور المقاومة وفصائله يستمرون بتوصيفها والتعامل معها على انها جولة؟
إذن:
ما الحرب وكيف تفهم وما هو توصيفها؟. وما الفرق بين جولة في حرب/ معركة وحرب فاصلة.
اسرائيل تخوضها كحرب فاصلة لا مكان لها اذا هزمت فيها.
السيد حسن نصرالله القائد الاستثنائي الشامل والاستراتيجي اعلنها في اطلالته الاخيرة؛ حرب وجود وزاد انها حرب مصير.
حرب وجود ومصير يا سادة ليست جولة ومساراتها ونواتجها تجب وتختصر ما سبق من جولات لترتقي بنتائجها الى مستويات الحروب الكبرى بل المصيرية والوجودية وتقرر جديد ينهي القديم ويلقيه في سلة الذكريات بما في ذلك الجولات.
حقا وبحسب كل المدارس والمذاهب العسكرية وعلوم الجيوش والحروب هذه حرب كبرى بمسارحها واسلحتها وجيوشها ومساراتها والقوى والدول المنخرطة فيها وكذلك ستكون في نواتجها.
اما الذين تستهويهم حالة التكرار واجترار المقولات دون تحديثها لتطابق الجاري وما سيكون فلينتظروا على الرصيف وليتفاجؤوا ثانية وثالثة …
الحرب الجارية بحسب السيد حسن نصرالله وجودية ومصيرية وكذا بحسب نتنياهو وغالانت والقائلون بانها حرب وجودية على الضفتين هم قادتها والمقررين بمساراتها ونتائجها.
والحروب الكبرى والاقليمية على حافة العالمية كما يصفها ايمانويل طود بالحرب العالمية ويربط دوغين بين مسرح اوروبا/ اوكرانيا وغزة/ الشرق الاوسط والحرب الاقتصادية والحشود في بحر الصين ليستنتج ان حربا عالمية جارية بمسارح وجغرافية ممتدة وواسعة
فالمنطقي توصيف حرب غزة بانها نوعية وتاريخية ومؤسسة بما سيكون من ولادة عالم جديد موسوم ببصمات غزة وأرواح أطفالها ونسائها وشيوخها.
الحق ان المقاومة في لبنان استعدت وتخوضها بحساب انها حرب مصير ووجود كغزة ومقاومتها وكما يبلي فيها اليمن بلاء فائق الاهمية والتأثير.
حرب وجودية ومصيرية وبنتيجتها سيتقرر مصير العرب واقليمهم والعالم كما يتقرر مصير ومستقبل إسرائيل والعالم والنظام الانجلو ساكسوني.
انها حرب كبرى وليست باي حال مجرد جولة وترصيد نقاط فيها فنتيجتها ستقلب القائم رأسا على عقب وستكون في صالح المنتصر وتمكينه لقرون وليس لعقود فقط.
فحرب الجولات اصبحت خلفنا وقد اسست للحرب الفاصلة الوجودية والمصيرية الجارية تحت ناظرينا.
والميدان يتحدث عنها وله القرار والتوصيف.
اما سوى ذلك فتكرار لما كان وما كان ماض وانقضى.