الحزب الشيوعي: انتخابات على وقع الفساد

قيادات وكوادر في الحزب الشيوعي
بيان حول الانتخابات النيابية

بعد عملية نهب وإفقار ، مقرونة بفساد فاضح، ضربت الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني، تجري الانتخابات النيابية منتصف أيار المقبل، في ظروف انهيار شامل للدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، وفي ظل عجز وتفكّك غير مسبوقين، كشفا عقم بنية النظام السياسي وسقوطه ومخاطر استمرار التمسك به، ليس فقط على فرص معالجة الأزمة، بل، أيضاً، على وجود وبقاء لبنان نفسه.

تجري هذه الإنتخابات وفق قانون انتخابي مشوًه: نسبي في الشكل، إلا أنه أكثري في المضمون.  فالقوة الرئيسية داخل كل طائفة تفرض مجريات ونتائج العملية الانتخابية، وبالتالي فليس من المتوقع أن تساهم هذه الانتخابات في ظروفها وقانونها وتحالفاتها وملابساتها إلى أي تغيير فعلي أو بداية خروج من الكارثة، لا سيما وأن الفرقاء الرئيسيين يتعاملون مع هذه الانتخابات وفق خيارات وفئويات أقل ما يقال فيها أنها بعيدة عن أي شعور بالمسؤولية حيال ما  يتهدد الوطن وما يعانيه المواطن.

وتحاول شبكة المصالح السياسية المالية المتنفذة والمرتبطة عضوياً بالمصارف والاحتكارات والوكالات الأجنبية والتابعة تاريخياً للقوى الغربية ومشاريعها بشأن لبنان والمنطقة، تحقيق عدة أهداف عبر الإنتخابات اللبنانية:

أولاً، تثبيت النهج الاقتصادي– السياسي والمالي المعتمد منذ “الطائف”، والذي أفضى الى الإفلاس الشامل الراهن.

ثانياً،  التمهيد لنقل لبنان الى ضفة مشروع التطبيع والمطبّعين، إضافة الى تحميل الشعب اللبناني وقواه المنتجة وفئاته المتوسطة كامل عبء الأزمة المدمرة الراهنة.  ولم يكن ما أعلنه الأميركيون، من ضمن تدخلهم الشامل والوقح في الإنتخابات، و عبر  سيل زيارات ممثليهم، من تخيير للبنانيين بين الجوع والعوز أو الرضوخ للإرادة الأميركية الغربية، سوى التأكيد المتكرر لخطتهم الانتخابية المشار إليها.

وتتركز أولوية هذه الخطة عل تحميل مسؤولية الأزمة الكارثية المستمرة، ليس للقوى الداخلية التي نهبت وأفسدت، ولنظامها ومنظومتها التحاصصية، ولمرجعياتها الخارجية، بل للمقاومة ضد العدو الصهيوني ولسلاحها، بعد أن فشل العدوان الأميركي الصهيوني عام 2006 بتحقيق هذا الهدف. ولم يكن الحصار الإقتصادي الأمني والسياسي، المفروض على لبنان، وآخر تجلياته تأجيل أو منع استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري، إلا وسيلة إضافية لفرض المشروع المستهدف للبنان ولإنجازات شعبه ضد العدو وحماته .

في سياق ذلك، انفرزت الساحة اللبنانية سياسياً وانتخابياً الى اتجاهات متناحرة: فريق المقاومة وحلفائها يريد تثبيت التوازن السابق لصدّ الضغوط القائمة والمتوقعة والهادفة لتحميله كامل مسؤولية الأزمة، من خلال تجديد شرعيته الشعبية، ولتحسّين شروط مشاركته في أي تسوية مقبلة، تعالج الأزمة الاقتصادية الاجتماعية، وتصوغ دولة ما بعد “الطائف”. لكنه، مرة جديدة، يقدم  تنازلات، ربما مضطراً، مؤلمة، على حساب الأكثرية الشعبية بما في ذلك في بيئته الحاضنة نفسها، ودائما لحساب قوى النهب والفساد والمحاصصة الطائفية التي لم يتورع بعضها، من أقرب حلفائه، لإستخدام المنع والقمع في مواجهة المرشحين المنافسين، كما حصل في بلدة “الصرفند” أخيراً !

اقرأ أيضا

بالفيديو: الاعتداء على وزير الطاقة اللبناني ليلا بالضرب


أما بعض اليسار الرسمي، فيسعى إلى إثبات حضوره في المشهد السياسي، آملاً استثمار بعض الغضب الشعبي المشروع ضد القوى والأطراف المسؤولة عن الانهيار، والرهان على إحداث خرق ما، يمكِّنه من إعادة إسماع صوته بعد خفوته نتيجة فشل حراك 17 تشرين الذي بالغ في الرهان عليه ولا يزال، وبعد أن قلًل من شأن وحدة الشيوعيين واليسار والقوى الديموقراطية التغييرية في بنار تيار تغييري واسع يلعب دوراً مهما في المعركة الإنتخابية، وفي التفاعل مع الأزمة وفي المساهمة في التاثير على معالجتها وعلى مستقبل البلد عموماً.  وعلى الرغم من عدم رفعه ،كالآخرين، “شعار نزع السلاح”، إلا أن بعض حلفائه ومسؤوليه يعلنون ذلك من دون مواربة.

اقرأ أيضا

لماذا يهاجم الحريري جعجع؟


الجدير ذكره ان النتائج المتوقعة بفعل الطبيعة الهجينة لبعض اللوائح، المشكّلة من مشارب سياسية متناقضة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وما بينهما من انتهازيين ووصوليين وراغبين بالبروز والوجاهة، ستساهم في الإساءة الى الصيغة المفترضة لمشروع التغيير المنشود.

إننا إذ  ندرك تناقضات المشهد السياسي وخلفياته، وندرك صعوبة الرهان على اي من القوى المتنافسة كرافعة للتغيير الجدي والوازن، نرى برغم ذلك، ضرورة المشاركة في الانتخابات، لأنها واجب طبقي ووطني ونضالي بغض النظر عن فرص التغيير غير المتوافرة للأسف.

فالمشاركة السليمة فيها، تعطي المعركة وظيفة مبدئية وعملية، وقد تساعد في تقليص الاستثمار الفئوي السياسي والمذهبي، ناهيك عن الاستثمار المشبوه. كما أنها تساهم في فضح المشروع الغربي المشار إليه سابقاً. فالغرب يحاول في مناخات التسويات الدائرة في المنطقة أن يعيد  إنتاج شروط الأزمة على حساب المقاومة والشعب اللبناني، بصيغة أكثر سوءاً.

لذا ندعو الشيوعيين والوطنيين والتقدميين الديمقراطيين إلى:
أولاً: خوض المعركة على مستوى مهمة الارتقاء بالوعي الاجتماعي والسياسي لفئات الشعب اللبناني المتضررة من الأزمة، وتحويل الغضب المشروع الذي تعيشه إلى فهم صحيح لأسباب الأزمة العميقة، الناتجة عن الطبيعة الرأسمالية الريعية التابعة للنظام اللبناني، وعن لاوطنية شرائحه الرأسمالية المرتبطة عضوياً بالرأسمال الإقليمي والدولي، والتي تستخدِم التعصب الطائفي والمذهبي سبيلاً لاستمرار نهبها وتسلطها وتبعيتها.

ثانياً: فضح تاريخ وأهداف لوائح الشبكة المالية السياسة المتنفذة المتنكر بعضها بقناع الثورة والتغيير والشفافية ومحاربة الفساد …

ثالثاً: المشاركة عملياً بصورة إنتقائية في العملية الانتخابية، وذلك بدعم اللوائح الوطنية الخالية من رموز شبكة الفساد والمنظمات المدنية المدعومة من الخارج الأميركي خصوصاً، والحاملة بصدق شعار الإستقلال الوطني والإصلاح السياسي والاجتماعي والإقتصادي  والصمود الوطني. واعتماد أولوية السعي الى إسقاط اللوائح المدعومة بصورة معلنة أو ضمنياً من قبل الشبكة المتنفذة وداعميها، والتي ترفع بصورة مباشرة أو مواربة شعارات نزع السلاح المقاومة والحياد والتطبيع.

رابعاً: العمل على عزل المشبوهين والوصوليين أنّا وجدوا، عبر حجب الصوت التفضيلي.
مثل هذه المشاركة، تضع اليسار في موقعه الصحيح كطرف ينبغي أن يكون أساسياً في معركة التغيير والإصلاح الحقيقيين، والتي من أيرز شروطها مواجهة المشروع الغربي وأدواته.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى