
لماذا تنتشر ظاهرة الانتحار في هذا البلد؟
أجواء برس
تتفاقم ظاهرة الانتحار في إقليم شفشاون بالمغرب بشكل ملحوظ، وهو الإقليم الذي توفى فيه الطفل ريان إثر سقوطه بالبئر حيث تصل الأعداد إلى نحو 50 حالة سنويا على مستوى الإقليم فقط.
فإن مسؤولون من الإقليم حذروا من غياب آليات معالجة الظاهرة المستمرة منذ فترة طويلة، التي تتفاقم دون معالجة فعالة للأزمة، على الرغم من تحذيرات سابقة من الحقوقيين بشأن تفاقم الظاهرة.
كما وفي تصريحات سابقة أكدت رئيسة فرع شفشاون لجمعية السيدة الحرة، حميدة جامع لـ”سبوتنيك”، أن الإقليم سجل في الفترة في السنوات السبع الأخيرة 240 حالة، وهو رقم كبير، خاصة أن شفشاون كان يعرف بأنه قبلة السياحة.
بحسب الأرقام الأولية التي رصدت في الإقليم فإن نسبة الذكور سجلت الرقم الأعلى في حالات الانتحار، حيث سجل انتحار 8 ذكور مقابل 8 إناث، إلا أن المؤشر الأخطر ارتبط بانتحار بعض الأطفال في سن 8 سنوات.
غياب الاهتمام بالشباب
حيث تختلف أسباب الانتحار في الإقليم، حيث يرتبط بعضها بالفقر، وبعضها بحالات الاكتئاب، في ظل غياب ملحوظ للخدمات الأساسية لفئة الشباب في المنطقة والمرتبطة بالرياضة أو الترفيه والقراءة، بحسب مسؤولين.
كما أشارت دراسة للباحث المغربي يونس الجازولي، إلى أنه من أصل 22 حالة انتحار سجلت وطنيا في الفترة ما بين 20 مارس و20 أبريل 2020، تضم جهة الشمال أكثر من 54 بالمئة من مجموع الحالات، 70 بالمئة منها سجلت في إقليم شفشاون.
أرقام مخيفة
فيما بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن ضحايا الانتحار يقدرون بنحو 700 ألف شخص حول العالم كل عام، وشخص واحد يفقد حياته، بسببه كل 40 ثانية.
فرق خدمات الطوارئ المغربية تنقل جثمان الطفل ريان أورام إلى سيارة إسعاف بعد أن سحبه من بئر سقط فيه في 1 فبراير/ شباط في قرية إغران النائية في ريف شفشاون الشمالي، 5
غياب المواجهة.
اما من ناحيته قال عبد الحي الطيار، عضو المجلس الجماعي بتمروت بإقليم شفشاون، إن مؤشرات الانتحار مرتفعة بدرجة ملحوظة في إقليم شفشاون.
كما وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن معدل الحالات يصل إلى 60 حالة سنويا في بعض الأوقات، في ظل غياب العوامل الأخرى التي تحد بدورها من ارتفاع مؤشرات الانتحار والتي تتمثل في الخدمات والملاعب وكل ما يتعلق بالشباب، حيث أن هذه الجوانب تساعد الشباب على الانخراط بشكل أكبر في الحياة والابتعاد عن العزلة والاكتئاب والانتحار.
فيما أوضح أنه في جماعة “تموروت” تم التصويت ضد الموافقة على إنشاء ملعب للأطفال والشباب كان يستفيد منه المئات من الشباب، إلا أن البعض صوت ضد القرار ما يطرح علامات استفهام حول الأمر.
تباين الأرقام
فيما أكد مسؤول محلي طلب عدم ذكر اسمه، إن الأعداد تتراوح بين 30 و40 حالة سنويا.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الأمر لا يقتصر على فئة عمرية محددة، حيث تتضمن الأعداد جميع الفئات من الأطفال والشباب وكبار السن.
أسباب ودوافع الانتحار
اما في الإطار قال يونس الجزولي، باحث في التربية وعلم الاجتماع بالمركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية، إن الأسباب متعددة مع اختلاف الدوافع أيضا والأهداف.
وفي مقال له في “هسبريس” أشار الباحث إلى أن العدد الإجمالي للمنتحرين بلغ 22 حالة في شهر واحد؛ أي تقريبا حالة انتحار كل يوم، نسبة الذكور منهم 18 حالة، بمعدل 81.81%، والمثير أن من بينهم قاصر لا يتعدى سنه 12 سنة، وهذا يعني أن الظاهرة تشمل جميع الفئات العمرية، بينما عدد الإناث بلغ 4 حالات، بنسبة 18.18%.
كما كشفت دراسة الباحث أنه “من أصل 22 حالة انتحار سجلت وطنيا في الفترة ما بين 20 مارس و20 أبريل 2020، تضم جهة الشمال أكثر من 54 بالمئة من مجموع الحالات، 70 بالمئة منها سجلت بإقليم شفشاون”.
حيث تعد نسبة انتحار النساء في المغرب فيما مضى أكثر من الرجال بناء على تقرير لمنظمة الصحة العالمية 2016، حيث وصل عدد المنتحرات بالمغرب 613 مقابل 400 حالة من الذكور حينها.
أدوات الانتحار
وبحسب الخبراء فإن الأداة المستعملة الأكثر شيوعا في الانتحار في الوسط القروي أو الحضري هي الشنق بمعدل 86.36 بالمئة مقابل نسبة 13.63بالمئة، تقفز من الأدوار العليا.
ضمن الأدوات الأخرى أيضا “سم الفئران” و”المبيدات الحشرية”، والتي تراجعت مؤخرا بشكل ملحوظ.
قضايا الشرف
كما ترتبط حالات انتحار الفتيات دائما في أذهان سكان المنطقة بالشرف، حيث يواجه الأهل صعوبة كبيرة في الاستمرار في نفس المنطقة حال انتحار ابنتهم وذلك بسبب الحديث الذي يتبادله أهل المنطقة من تلقاء أنفسهم.
فيما بعض الأسر تضطر لترك المنطقة، وبعض الأسر تدخل في أزمات متعددة، وبعضها تفضل الصمت تجاه كل ما يقال.