الحراك الطلابي العالمي وغياب حركات الإسلام السياسي والمسلح

تصويب للبوصلة وتعزيز لمنطق التاريخ

ميخائيل عوض
السؤال الذي لم يفارق غزة ومذبحتها من اليوم الأول، أين هي فصائل الإسلام السياسي والمسلح على اختلاف تشكيلاتها ومسمياتها التي تبلغ آلاف التشكيلات، وتحشد مئات آلاف إن لم يكن الملايين من منتسبيها للحروب العبثية ولتدمير عمران وبشر الأمة والشعوب…

أليست فلسطين إسلامية وسنية والقدس والأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين؟ ألا يستحق؟

الإخوان والوهابية والسلفية وشقيقاتها منذ عقود نفخوا الرؤوس وملؤا الإعلام والوسائط والمساجد والخطب وصدعوا الأدمغة بزعم صدقية دعواتهم وجدوى أفعالهم، وأن القدس والأقصى مبتغاهم ومقصدهم…

قاتلوا في أصقاع الدنيا من الشيشان إلى أفغانستان والجزائر ومصر وأفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، واثخنوا الشعوب العربية والإسلامية الجراح واورثوهم المعاناة والمآسي  والقتل والتدمير والتهجير، وأسهموا في تصنيع الإسلاموفوبيا في أوروبا والأميركيتين.. ولم نلمس لهم أثراً في فلسطين وفي رد السيف عن عنق غزة.

نفثوا كل سمومهم وموبقاتهم في ليبيا والسودان واليمن والعراق، وحشدوا مئات الآلاف في سورية، وما زالت تشكيلاتهم تقيم إمارات في ادلب وأرياف حلب وفي شرق الفرات بحاضنة القواعد الأميركية والأطلسية، وتحت سلطة جيش وأجهزة أردوغان الإخواني خليفتهم.

حتى جمعيات وتشكيلات الشيوخ الاقليمية والعالمية التي طالما عجقت الإعلام والوسائط ببياناتها وفتاويها ودعواتها للجهاد، ربطت ألسنتها ولم تفت بشرعة الجهاد ووجوبه في فلسطين ونصرة للأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين.  مسرى ومعرج رسول الله عليه السلام.

ولا جرت تحركات طلابية وشبابية وأهلية وشعبية بتنظيم أو بدعوة من تلك الجماعات برغم امتلاكها لوسائط إعلامية ومنصات وأموال لا تأكلها النيران.

ربطوا ألسنتهم واغمضوا عيونهم وصموا آذانهم عن نداءات النساء والأطفال والشيوخ يقتلون وتسلخ جلودهم وتبقر بطون الحوامل وتسرق أعضائهم. والمرضى دفنوا أحياء في المشافي مع الكوادر الطبية، ولم يتحرك لهم ضمير او احساس.
لا تنادي فلن تسمع إذا ناديت ضمائر ماتت وعقول باعت نفسها للشيطان وتاجرت بالدين والإيمان وخالفت كل الأصول والآيات البينات وسيرة الأنبياء والرسول.

يكذبون على الله عز وجل ويتاجرون بالأنبياء والرسل، فمن أنت ومن غزة وأطفالها عندهم إذا لم يستفيدوا من المتاجرة.
الحراك الطلابي والشبابي والشعبي العالمي الذي أطلقته الجامعات الأميركية، وتلعب الجمعيات والحركات والطلاب اليهود دوراً محورياً في التنظيم والتحريك والتمويل تشكل الصفعة على جبهات أولائك المتاجرين بالدماء والآمال والأرواح وبكتاب الله العزيز.

يهود ونصارى وملحدين ومن أتباع الديانات والدعوات الأرضية ينهضون ويتنكبون مسؤولية وكلفة أن يناصروا غزة وأهلها الصابرين الثابتين المحتسبين، وفي عقر دار أصحاب الكيان وحماته، وترتقي تحركاتهم وتجتاح مدن وشوارع وجامعات ومعاهد العالم. وعند العرب والمسلمين الآلاف منها وعشرات ملايين النخب وهيئات التدريس وملايين المساجد ومعاهد تحفيظ القران والتفسير والشريعة، ولا من يهتم أو يرتجف له جفن لما يجري من مذبحة في غزة.

هكذا هو الزمن والأحداث الكبرى والمغيرة في أزمنة البشر والمؤسسة في مستقبلهم أحداثها كاشفة وفاحصة كمختبرات عملية لفرز القمح عن الزيوان، وغربلة الجماعات والأحزاب والدعوات الطائفية والدينية والسياسية.

غربال غزة وطوفان الأقصى أسقط الكثير منها وعراها وكشف حقيقتها وسلعها التي تتاجر بها. كما ميز بين الحق والباطل. بين الإيمان والكفر. بين  الإنسانية والنزعات الحيوانية المتخلفة.

فغزة وطوفانها العجائبي وفصائلها المجاهدة التي تبلي حسانا وتعري الأطلسي والعالم الأنكلو- ساكسوني والنظام الرسمي العربي والإسلامي، والنخب ومن كانوا يملؤون الفضائيات والساحات صراخا ودجلا…. فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.

غزة بما أطلقته من ظاهرات وحراك شبابي عالمي أيضاً تعيد صياغة الأزمنة والثقافات، وتعيد تأصيل وقائع وحقائق شرعات حقوق الإنسان وقيم العدالة والمساواة والحرية.
فتصير عنوان وشعار النضال العالمي للبشرية بمختلف عقائدها وانتماءاتها واديانها وجنسياتها وجغرافيتها للتحرر والسيادة، وإرساء العدالة ونصرة الحق. وتالياً تثبت عملياً وبالملموس أن قضية فلسطين والصراع بين الشرق والغرب ليس بصراع ديني أو مذهبي أو دعاوى عقائدية، ولا هو صراع على جنس الملائكة ولا على ما في السماء، إنما هو صراع الحق مع الباطل.
والحق إنساني عالمي والباطل وقواه عالمية شيطانية.

فلتتحد الشعوب وطلائعها لنصرة غزة وتأمينها على طريق تحرير فلسطين وإعادة الحق إلى أصحابه، تأسيسا لتسريع ولادة عالم خال من الانجلو ساكسونية المتوحشة وثقافتها التقسيمية والمتاجرة بالحروب الدينية والطائفية الظلامية.
فجل دعاة التفرقة والتقسيم وصراع الأديان والطوائف والمذاهب أفكارهم وعقائدهم صناعة وتمويل انكلو- ساكسوني.
خلق الله الناس أحراراً ومتساوون كأسنان المشط.
الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.

غزة وطوفانها لا تغير في الأزمنة فحسب بل أيضاً، والأهم تعيد وضع الهرم على قاعدته لا على راسه وتؤصل الإخوة والتفاعل الإنساني. فليصمت دعاة الفتن والحروب الدينية والطائفية إلى الأبد وليذهبوا إلى جهنم صاغرين.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى