
الأسباب الحقيقية التي تقف وراء استهداف موسكو
بقلم د. ريم حمود
بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له كروكوس في موسكو تعالت التحليلات عن تداعيات التي قد تشعل فتيلا أراده الإرهاب طويلاً وموجعا، إلا أن المحاولات على رغم قساوة الحدث إلا أن المسؤولين في روسيا على قدر من الادراك.
وفي ظل الحدث لا بد من الاطلاع على الأسباب الحقيقية التي تقف وراء استهداف موسكو في هذا الوقت، وأبعاد الاستهداف الداخلية والخارجية:
أولاً – بسبب الخسائر الكبيرة للقوات الأوكرانية والغربية وتقدم القوات الروسية على الجبهات مما يسبب إحراجاً كبيراً لسياسيّ الغرب أمام شعوبهم، فيما تستمر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حيث يحبط الجيش الروسي محاولات قوات كييف شنّ هجمات مضادة، ويتقدم على مختلف المحاور ملحقاً بالعدو خسائر فادحة بالعتاد والأرواح.
إضافة إلى تشكيك الأوكرانيين في قدرة كييف على النصر.
“هناك مؤشرات كثيرة تدل على أن أوكرانيا في طريق الهزيمة العسكرية وإلى أن هناك معنويات متدنية وفي حال انهيارها سيسيطر الجيش الروسي على معظم الجبهات. وزيلينسكي ورّط بلاده في حرب للآخرين على الأرض الأوكرانية وهي حرب أميركا بأيدي وعملاء “زيلينسكي”.
في هذا الصدد قال السيناتور الروسي أندريه كليشاس: إن الهجوم الإرهابي الذي وقع في مركز “كروكوس سيتي هول” بضواحي موسكو، هو جزء من حرب تخوضها أجهزة الاستخبارات الغربية ضد روسيا منذ سنوات.
و”سيتم حتماً التحقيق في الهجوم الإرهابي على كروكوس، وسنكتشف مرتكبيه، لكن ليس لدي أدنى شك اليوم في أن هذا الهجوم جزء من الحرب التي تشنها أجهزة الاستخبارات الغربية ضد روسيا منذ سنوات عدة. المستفيد من كل ذلك، واحد”.
لذلك رأينا تصريحات ماكرون بأن عليهم إرسال القوات الخاصة.
كما صرح رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، ألكسندر بورتنيكوف، الثلاثاء الفائت أن الاستخبارات الأوكرانية سهلت الهجوم الإرهابي على قاعة “كروكوس سيتي” في ضواحي موسكو، وأن الإرهابيين المتطرفين كانوا يعدون له.
وأكد بورتنيكوف أن “أجهزة الاستخبارات الغربية وأوكرانيا، كانت بحاجة لتنفيذ الهجوم الإرهابي في “كروكوس سيتي” من أجل زعزعة الوضع وإثارة الذعر في المجتمع الروسي”.
وتابع بورتنيكوف في مقابلة مع الصحافي بافيل زاروبين، بأن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وأوكرانيا كانت وراء الهجوم الإرهابي في “كروكوس سيتي”، وأن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي سيبذل قصارى جهده لتحديد هوية منظمي الهجوم الإرهابي.
وأشار إلى أن “الإرهابيين خططوا للهروب إلى أوكرانيا، وجهازنا الأمني بذل ما بوسعه لمنع حدوث ذلك”.
*في السياق ذاته، أكد سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، يوم الثلاثاء الفائت، أن أوكرانيا تقف وراء الهجوم الإرهابي على مجمع “كروكوس” في مقاطعة موسكو.
وقال باتروشيف للصحافيين رداً على سؤال عما إذا كانت أوكرانيا تقف وراء الهجوم، أم تنظيم “داعش” (المحظور في روسيا): “بالطبع أوكرانيا”.
ثانياً – الخسائر الكبيرة في السلاح الغربي، واليوم لم يعد طرف يقول عن السلاح الروسي إنه خردة واختفى ذلك من الإعلام. بل وثبت العكس أن الغربي هو الخردة في المعارك. هذا يشكل ضربة كبرى لكل الاقتصاد الغربي.
ثالثاً – عدم نجاعة العقوبات الغربية على روسيا مع أنه خلال عامين فرضت على روسيا 3 أضعاف العقوبات على إيران خلال 40 عاماً.
_وبحسب التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي، فإن نسبة نمو الاقتصاد الروسي لعام 2024 ستتجاوز 2.3 في المئة، وهي بذلك تفوق النسبة المعلن عنها داخل الاتحاد الأوروبي والتي لن تتجاوز 1.6 في المئة بحسب المصدر نفسه.
هذه التوقعات تعتبر، من طرف بعض المراقبين، إقراراً دولياً بعدم فعالية العقوبات الغربية التي كان من المنتظر أن تحقق أزمة داخلية عميقة يتراجع على إثرها الناتج المحلي الروسي إلى أكثر من 10 في المئة مما يؤدي للوقف الفوري للحرب.
ويجب التذكير بأن حزمة العقوبات الغربية على روسيا قد بلغت أكثر من 14 ألف عقوبة على الكيانات الروسية، فرضت أساساً من طرف الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا.
روسيا اليوم تعمل 3 ورديات عمل في مصانعها، وهي تنتج صواريخ بكل أنواعها أكثر من إنتاج كل دول العالم مجتمعة.
رابعاً – المشكلات الكبيرة داخل القيادة الأوكرانية، وقد تم تحييد وزير الدفاع الأوكراني الرجل الأقوى وتم إرساله سفيراً في بريطانيا.
خامساً – تراجع التمويل الغربي بشكل كبير وعدم القدرة على إمداد أوكرانيا بالسلاح بسبب ضعف الإنتاج وديون الغرب الكبيرة.
قارن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بين النفقات العسكرية لروسيا والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن ما تنفقه واشنطن يشكل نحو 40 في المئة من إجمالي النفقات العسكرية العالمية.
وقال بوتين خلال اجتماعه مع الطيارين العسكريين في مدينة تورجوك، يوم الأربعاء الفائت، إن “الولايات المتحدة تنفق على الحاجات الدفاعية نحو 40 في المئة من إجمالي النفقات العالمية على القطاع الدفاعي… وروسيا 3.5 في المئة”.
وأشار بوتين إلى أنه بحسب معطيات معهد استوكهولم لأبحاث السلام أنفقت الولايات المتحدة على الدفاع 3.5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2022، بينما أنفقت روسيا 4 في المئة وإسرائيل 4.5 في المئة وأوكرانيا 33.5 في المئة.
الهدف من العملية:
ضرب التوافق الداخلي المسيحي- الإسلامي، وبالأخص بعد أن قاتل بشراسة أكبر مسلمي روسيا في أوكرانيا وأثبتوا أنهم وطنيون أكثر من الروس أنفسهم.
كما أنّ كل خطوط التماس التي بها قوات إسلامية لم تستطع أوكرانيا والغرب اختراقها.
– تحوير الأنظار عن أن العملية خطط لها في بريطانيا وبعلم الأميركان وكان السلاح والعمليات اللوجستية من أوكرانيا.
وكان منفذ الهروب للمنفذين هو من الحدود الأوكرانية وهنالك تم القبض عليهم.
– هذا العدوان لا تخطئه العين كونه جاء مقترناً بالنجاح الباهر للرئيس بوتين للمرة الرابعة.
– ومعبراً عن فشل الغرب في الحرب التي يشنها حلف الناتو ضد روسيا وقد تأكد فشله المحتوم.
*ويأتي هذا الحدث الإرهابي الدموي على مدنيين بُعيد إحباط روسيا والصين بقرار الفيتو والجزائر التي تعبر عن الأمة العربية لمشروع قرار أميركي في مجلس الأمن الدولي يسوغ العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة وكل فلسطين.
– ستكشف جهات التحقيق الروسية حقيقة وتفاصيل حادث الإرهاب المشار إليه والذي حاولوا من طرف دنيء نسبته للمسلمين، ومعروف أنّ الجهة المتبنية هي من صنع التحالف الإمبريالي الصهيوني العنصري ضد العرب والمسلمين.
إن هذا الحادث الخطير سيزيد من توترات الأوضاع الدولية والتحديات التي تهز العالم فليستعد المقاومون ضد تحالف الشر في العالم.
نجاح الرئيس بوتين المتكرر رئيساً للاتحاد الروسي بنسبة عالية وحضور شعبي قوي ولافت في الانتخابات، حدث عالمي له معناه وتأثيره حالياً ومستقبلاً.
وتتحسب له قوى العدوان العالمي وهو مد لتطورات عالمية سترى مستقبلاً.
أبعاد الحدث:
قتل أبرياء في مسرح، لتفجير المجتمع من الداخل، لكن الإعلام الروسي قدم جرعة كافية من الوعي وحمل المسؤولية للغرب وابتعد جداً عن أسلمة الحدث.
وعلى رغم إعلان “تنظيم داعش” مسؤوليته عن الهجوم، فيما نسبه مسؤولون أميركيون إلى “داعش-خراسان”، وهو أحد فروع التنظيم، والذي ظهر في شرق أفغانستان أواخر عام 2014، وسرعان ما ذاع صيته بسبب وحشيته الشديدة، فقد أعلن بوتين، الإثنين الفائت موقف روسيا الرسمي: إن “الإسلاميين المتطرفين” الذين نفذوا الهجوم الإرهابي هم مجرد واجهة، يكمن خلفها لاعب مختلف تماماً لجأ إلى أسلوب “المؤامرة داخل مؤامرة” أو “عملية تحت راية كاذبة”. وإذا استطاعت موسكو أن تثبت بشكل مقنع أن شكوكها مبنية على حقائق لا يمكن دحضها، فسيشكل ذلك حدثاً يغير مجرى اللعبة جذرياً.
بينما نفت أوكرانيا أي ضلوع لها في الهجوم، ويقول مسؤولون أميركيون إنه لا يوجد دليل يربط كييف بالهجوم.
إذا تأكدت شكوك موسكو، فإن أردوغان هو الذي سيلعب بهذه الرهانات. تتضمن “عملية الراية الكاذبة” تمويهاً شاملاً لمنظميها وعملائها. لكن كل تمويه يعاني من نقاط ضعف. وفي ما يتعلق بما نناقشه الآن، فإن الخيوط المؤدية إلى هذه الثغرات تقع تحديداً في تركيا.
وأخيراً جاء هذا التفجير لوضع روسيا ضمن موضع التعرض للإرهاب ووضعها غير مستقر وأنها ستنهار في الإعلام الغربي هذا يعطي جرعة أمل للبسطاء أن الغرب سينتصر وعليهم الصبر وإعطاء مزيد من الأموال.