
أهمية إعادة مأسسة العمل الخيري – 5
كتب محمد حسن العرادي
لم يعد مناسباً أن تركز الجمعيات الخيرية التي نُطالب بتحولها إلى جمعيات اجتماعية تنموية، على لعب دور الوسيط بين أصحاب الخير والأيادي البيضاء وبين أصحاب الحاجة، كما لم يعد الاهتمام بتقديم المساعدات الصحية والتعليمية والتموينية كافياً لتطوير الدور الريادي لهذه الجمعيات، إنها مطالبة بتغيير نمطيتها وآليات عملها ومواكبة التغير السريع في احتياجات المجتمع البحريني واحتياجات الشباب على وجه الخصوص.
لقد بدأت الطبقة الوسطى في المجتمع في التآكل والتقلص بشكل متسارع لتنظم إلى الطبقات الفقيرة والأشد فقراً وهذا مؤشر على اختلالات اقتصادية وقيمية وتنموية مربكة، وهنا يأتي دور هذه الجمعيات في تبني مشاريع نوعية تخفف الأعباء والاحتياجات وتسهم في تعديل أوضاع المعوزين ليتمكنوا من الالتحاق بالطبقة الوسطى التي تدعم استقرار وامن المجتمع.
إن دور الجمعيات الخيرية سيتراجع وستكون برامجها غير ذات جدوى، وربما تجد نفسها مثقلة بالمزيد من الاعباء المالية والاجتماعية، إذا إستمر هذا الاختلال الاجتماعي والاضمحلال الطبقة الوسطى الخطير، لذا فإن الجمعيات مطالبة بابتكار مشاريع تنموية تعمل على تخليق وظائف مجزية للأجيال الشابة لمساعدتهم على مقاومة الضغوط الحياتية ومواجهة تغير أنماط الاستهلاك الاجتماعي الذي قد يُغرقهم في دوامة الاحباط بسبب عدم القدرة على تلبية الاحتياجات المعيشية.
وفي هذا المجال يلاحظ توجه العديد من المواطنين الى الحاق أبناءهم بالتعليم الخاص والطبابة الخاصة بسبب مزاحمة الوافدين على هذين القطاعين تحديداً والذي أدى لتدني خدماتها، هذا التوجه أضاف أعباءً مالية كبيرة جديدة على المواطنين تستنزف مواردهم المالية الشحيحة أصلاً، وأصبح المتوسط الحالي لمرتبات الخريجين من أبناء الوطن ( 450 دينار للجامعي و350 لحملة الثانوية العامة) غير قادر على توفير المصروفات الشخصية للشباب، فضلا عن تمكينهم من فرص تكوين أسر جديدة.
اننا هنا ندق ناقوس الخطر، ونطالب الجهات المعنية وخاصة وزارة التنمية الاجتماعية بأن تبادر الى تعديل قوانينها وأنظمتها من أجل افساح المجال للجمعيات الخيرية للتحول السريع الى جمعيات اجتماعية تنموية قادرة على ادارة المشاريع التنموية المناسبة، والسماح لها بالاستثمار المضمون في بعض القطاعات السريعة النمو القادرة على تخليق الوظائف المجزية لأبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة، وفق ضوابط يتم تحديدها لضمان نجاح هذه الجمعيات في تحقيق التنافسية المطلوبة في عالم لا يرحم، وللحديث بقية.