
حكايات موجعة وصور مفجعة من حياة اللبنانيين… وصرخات غضب
على امتداد الجغرافيا اللبنانية، تتوالى الحكايات الموجعة والصور المفجعة التي تصيب المواطنين، تختلف في عناوينها ولكنها تتوحد بأنها نتيجة الضائقة المعيشية والازمة الاقتصادية التي تستولد يومياً ازمات “متحورة”، تبدأ بالتقنين القاسي بالتيار الكهربائي ومولدات الاشتراكات الخاصة، وأزمتي البنزين والمازوت، ولا تنتهي بفقدان الادوية من الصيدليات والغلاء وارتفاع الاسعار ارتباطاً بسعر صرف الدولار الذي حلق الى ارقام لم يصل اليها من قبل.
في منطقة صيدا، فوجئت عائلة متوفٍ حديثاً أودع جثمانه براد مستشفى، بجسده متعفّنا بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتركه بدون تأمين التبريد او التهوئة، الأمر الذي اثار سخط وغضب عائلته. وتم ابلاغ المراجع “الشرعية” المختصة التي اشارت الى نقل الجثمان الى مقبرة صيدا ودفنه بوضعه الذي وجد فيه.
وفي المدينة ذاتها، دفعت طوابير الانتظار الطويلة امام محطات الوقود بالمواطن عبد المقصود ليضرم النار بسيارته وهي من نوع جيب “لادا” أسود بعدما ركنها في منتصف الطريق عند الكورنيش البحري قبالة منتزه “النور”، اثر نفادها من البنزين، فسكب ما تبقّى من ليترات على مقاعدها واضرم النار فيها، في تعبير غضب واحتجاج على الازمة، وسارعت اطفائية صيدا القريبة من المكان الى اخماد النيران التي ارتفعت منها سحب الدخان السوداء.
والحاجة والعوز جراء الفقر المدقع وانعدام القدرة الشرائية، دفعا بسيدة الى الوقوف وسط شارع رياض الصلح الرئيسي تحت اشعة الشمس الحارقة، وهي ترفع “وصفة طبية” والى جانبها ابنها، تطلب الغوث لشراء دواء غالي الثمن او المساعدة في اجراء عملية عجزت عن تأمين كلفتها المالية، من دون ان تنطق بكلمة واحدة، في مشهد بدأ يتكرر لسيدات يقفن امام مداخل بعض الابنية، ويطلبن المساعدة لمواجهة ضنك العيش او تأمين سداد ايجار منزل او طعام وشراب.
والصور الموجعة لا تتوقف في الفضاء الخارجي، داخل كثير من المنازل معاناة صامتة، تتحول في بعض الاحيان مأساة، حيث يؤكد بعض أبناء المدينة ان اللحوم والدجاج لم يدخلا الى المنازل منذ اشهر نتيجة ارتفاع اسعارهما بشكل جنوني، فيما البرادات فرغت من محتوياتها من المواد الغذائية حتى من اللبنة والبيض والخبز، بسبب التقنين القاسي بالتيار الكهربائي والمولدات من جهة، والغلاء من جهة اخرى، حيث يجري تأمين قوت العيش كل يوم بيومه، وتتنقّل بين الاحياء الشعبية صرخات غضب لمواطنين امام صيدلية فشلوا في تأمين الدواء او سوبرماركت او مستشفى عجزوا عن دفع فاتورة الاستشفاء”.
وامتداداً، فضّل الكثير من أبناء المدينة الغاء اقامة حفلات الخطوبة او الزواج نتيجة الازمة ورغبة بتوفير الاموال الى احتياجات اكثر أهمية، معطوفة على تفشي وباء “كورونا”. وبعيداً من الاعلام والاعلان، تبرّع البعض بمصاريف الحفل لعائلات متعففة او مستورة ومحتاجة، كتعبير عن التكافل الاجتماعي الذي ارتفع منسوبه تماشياً مع ارتفاع الحاجة.
والحاجة نفسها، دفعت تجمع المؤسسات الاهلية في منطقة صيدا الى عقد اجتماع موسع في مطعم “زهرة الليمون”، ناقشوا فيه أهمية رسم خريطة طريق للمزيد من تقديم المساعدات الاغاثية والصحية على أبواب عيد الاضحى المبارك والإقتراحات العملية التي يمكن العمل عليها خلال المرحلة المقبلة في ظل توقع المزيد من تدهور الأوضاع المعيشية والحياتية.
محمد دهشة – نداء الوطن