غزة والحوثيون يتنصرون لمصر…

ميخائيل عوض
مصر في عين العاصفة، واسرائيل قادت وتقود مؤامرة تفكيكها وتدمير دولتها وجيشها، وهذا هدف محوري للغزوات الأميركية في العرب والمسلمين، وقد اعلنت على السنة كبار المسؤولين الأمريكيين وقالوا عند غزو بغداد؛  ان الهدف سبعة عواصم و الجائزة الكبرى القاهرة التي يسعى اليها الأميركي والاسرائيلي فمصر هي عين القصد والهدف.
وبرغم خروجها من الصراع بعد كامب ديفيد وتحولها من قوة محورية في العرب والمسلمين والعالم مع عبدالناصر تم تصغيرها وتحويلها الى جمهورية موز تحركها أميركا وإسرائيل لخدمة الكيان وادامة هيمنته وتطبيعه، وترك سورية والمقاومة التي اطلقت خيارها وأنشأتها تقاتل لوحدها وتعرضت للمؤامرات والحروب  وكان لمصر السادات وحسني مبارك والإخوان المسلمين أن تامروا على سوريا وسعوا لإسقاطها لتأمين المشروع الإسرائيلي بتفكيكها وتدمير جيشها ودولتها، ولم يخف مرسي الرئيس المصري الإخواني الأهداف، ودعى صراحة للجهاد في سورية من منصة استاد القاهرة وكان تعاقد الإخوان مع إسرائيل وأميركا لتصفية القضية الفلسطينية بإقامة دولة للفلسطينيين في سيناء، عين الهدف الذي تسعى له إسرائيل اليوم في حرب تدمير وإبادة وتهجير غزة . فكان للإخوان وولائهم للأميركي والاسرائيلي الجيش المصري بالمرصاد وبعيون يقظة وارادة وطنية صلبة لا تهادن، والجيش يمثل روح مصر ويجسدها، فقرر إسقاط الإخوان وانتزاع مصر من بين أنيابهم بعد أن تكشفت أهدافهم وتعاقداتهم مع أميركا وإسرائيل.
بضربة موفقة اسقط الجيش الإخوان والمؤامرة، وأمن مصر ونجح بتصفية الإرهاب فيها ومن سيناء وليبيا والسودان المتحالف مع الإخوان والعامل لإنفاذ تعاقدهم مع الاميركي والاسرائيلي.
اهتم الجيش وسلطته بمعالجة التركة الثقيلة، وركز الجهد على تنمية مصر وتعزيز وضعها الاقتصادي وركزت السلطة على الجيش واشترت حاملات طائرات وأسلحة حديثة وأنشأت القواعد العسكرية الكبرى، وكل ذلك تحت عنوان تأمين مصر ووحدتها وسيادتها وحريتها في التحالفات والمواقف وتأهيلها لاستعادة دورها المحوري.
ولعب الجيش وسلطته دوراً إيجابياً في سورية ولصالح تصفية بؤر الارهاب في الجبهة الغربية والجنوبية وفي الغوطة الشرقية لدمشق وحمص بتفويض من بن سلمان وبتنسيق مع الروسي والسوري، وبذلك أوفى بقسمه وأكد اعترافه بأن سورية الاقليم الشمالي وجيشها الجيش الأول.

المشكلة التي لم تجد لها حلاً والتي ترسم ألف اشارة استفهام على دور مصر والجيش وسلطته، وبعد أن أكمل عدته وأنفق مليارات الدولارات على السلاح والقواعد، برغم ما تعانيه مصر من أزمات اقتصادية واجتماعية ومالية، وبرغم اتضاح استهداف مصر من قبل إسرائيل وأميركا عبر تهجير غزة إلى سيناء، ولتمكين إسرائيل من بناء قناة بن غوريون لتجويع مصر وإسرائيل شريكاً محورياً في سد النهضة وتأمين حمايته بهدف تعطيش مصر. وعلى الرغم من أن غزة وحدودها تقع في صلب الأمن القومي والوطني لمصر والحدود والمعابر تحت السيادة المصرية والفلسطينية نرى مصر وجيشها وسلطته تقف عاجزة، بل صاغرة لأوامر الأميركي والإسرائيلي بفرض الحصار القاتل على غزة الجاري تدميرها لتهجيرها وإلى مصر لتفكيكها وتدميرها بعد تجويعها وتعطيشها لمصلحة إسرائيلية.

الغرابة بموقف مصر وجيشها من حرب تدمير غزة، بأن غزة ومحور المقاومة الذي هب لنجدتها وفتح الجبهات ويشتبك ضارباً عرض الحائط التهديدات والحشود الأميركية والأطلسية. وبدأ الحوثيون حربهم لإسناد غزة وتأمينها وفرض الحصار على إسرائيل وكسر واسقاط حرب الحصارات والعقوبات كآخر الأدوات التي تملكها وتستخدمها أميركا لتجويع الشعوب وتهديد مصر، وبهذا وبحتمية انتصار غزة والمحور في الحرب هم يؤمنون مصر ويسقطون التآمر عليها، فغزة المنتصرة وغير المهاجرة لن تسمح لإسرائيل ببناء قناة بن غوريون لتجويع مصر وانهاء دور قناة السويس وبهزيمة إسرائيل، لن تبقى شريكاً حامياً لسد النهضة لتعطيش مصر، وبنصر غزة والمحور والقبض على البحر الأحمر ستتأمن مصر من الإرهاب والتهديد بالحصار وستتمكن من معالجة أزماتها وترميم بنيتها .

السؤال: بينما تخوض غزة ومحور المقاومة حرب حماية مصر، وتأمينها وقد كشر الحوثين عن الانياب ووضعوا البحر الاحمر والعربي تحت السيطرة، فمتى تزمجر مصر وتكشر عن أنيابها، وتغادر حالة أن تعض عليها فحسب. ام أنها أصبحت في حالة عقم وعجز وشيخوخة، وليس لسلطة الجيش اذا لم ينتصر لمصر ويناصر غزة بفتح المعابر واسنادها وهو اضعف الايمان  الا ان يبدأ العد العكسي لأيامها العادية للبقاء في السلطة.

حرب غزة وحرب الحصارات والممرات والبحار ونصر غزة المؤكد والمؤدي الى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، تطور عاصف وغير مسبوق وفرط استراتيجي سيغير ما كان وينهي حقبة الهيمنة الغربية ويطيح بنواتج الحرب العالمية  الأولى وجغرافية سايكس- بيكو ووعد بلفور وبالنظم التي انشأت بقوة الغرب وهيمنته وحمايته، فالزمن سيفرض اعادة هيكلة وتصميم اقليم العرب والمسلمين جغرافية ونظم ومن يتخلف عن الركب سيحصد الريح وتذروه العواصف.
إنه زمن غزة وتحرير فلسطين والعاقبة على من تخلف وتآمر أو ارتهب.
إن لمصر أن تكشر عن أنيابها.

هناء حاج

صحافية لبنانية منذ العام 1985 ولغاية اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى