
بين مصر وتركيا تقاطعات وازمات طاحنة واختلاف بالخيارات 5/5
التحديات، الاخفاقات والانجازات...
ميخائيل عوض
رشح الرئيس بوتين وزير الدفاع المصري السيسي للرئاسة من منزله الريفي في سوتشي، وأول زيارة قام بها السيسي كرئيس إلى موسكو، وفي هذه لغز وسر، تعزز بمستوى العلاقات الشخصية الخاصة بين الرئيسين وآخر الأدلة ارتدائهما نفس ربطة العنق من ذات اللون والقماش والصناعة في القمة الروسية الأفريقية.
قبض الجيش على السلطة في مصر وهي في بيئة مضطربة والاقليم والعرب في الفوضى والحروب، والإرهاب يضرب في كل جنباتها، وحركة الإخوان التي أسقطت في مصر قوية وفاعلة وتحالفها مع أميركا قائم وبقوة، فانتصبت أمام الجيش والرئيس السيسي مهام نوعية وعلى درجة عالية من الخطورة، في السودان وتونس الإخوان المسلمين، وفي ليبيا الأطلسي والإخوان وفصائل الإرهاب وداعش قتلت بدم بارد عشرات العمال المصرين في ليبيا، وفي سيناء داعش وفي غزة حماس الإخوانية وقد سلمت قياد القضية الفلسطينية لقطر وأردوغان بتحد فاضح لمصر. والأزمة لاقتصادية الاجتماعية بنيوية وهيكلية، وينقص مصر لإدارة شؤونها كل شيء؛ الاموال والاحتياطيات، المشتقات النفطية والقمح وحليب الأطفال والفروج، والطاقة الكهربائية وزحمة السير وتخلف البنى التحتية ومديونية عالية، وانهيار قطاع الاستشفاء والتعليم، وقد نهبت مصر وقطاعها العام وبيع بالفساد وبابخس الاسعار، وحولت الى مستهلك بعد أن أجهز الليبراليون والاولغارشيا على قطاعها الزراعي والصناعي وتحولوا بها إلى الاستهلاك والقطاع السياحي والاستثمار بهجرة أبنائها وتحويلات المغتربين.
وفي بيئتها المباشرة ليبيا في فوضى وعين أردوغان عليها وقد تعاقد مع الإخوان لنهب ثروتها وزج بمرتزقة وبضباطه ووحدات النخبة وطائرات البيرقدار، ومع أثيوبيا أزمة النيل وسد النهضة، والسودان مضطرب وتحت سلطة الإخوان ومفتوح كمسرح وساحة للإرهاب والعصابات، وسورية الاقليم الشمالي والجيش الأول في حرب وفوضى وتحت الاحتلالات، وقد طردت من الجامعة العربية والعرب في ذيل الأمم، والنكتة أن قطر تقود مجلس التعاون والجامعة العربية وتستدرج الأطلسي إلى ليبيا والعراق وسورية، واليمن في حرب اهلية وللإخوان وقطر والإمارات والسعودية أطماع تاريخية… ومصر مخترقة بعشرات آلاف منظمات المجتمع المدني الممولة من أجهزة الغرب ومن الإسلام الأميركي والوهابي والسلفي… والإعلام بيد الحفنة والليبراليين الذين نهبوا مصر وقطاعها العام ويتحكمون بكل شيء بالشراكة مع اولغارشيا النظام القديم وعائلة مبارك … “أردوغان صرح علناً أن بنغازي وطرابلس الغرب هي أرض وحقوق عثمانية….”
يسجل للجيش والرئيس السيسي الايجابيات النوعية في الظروف والحالة السائدة حين تسلم السلطة “كلامي لن يعجب الكثيرين لكني أراه الواقع المعاش، وأدعو لمقارعة الحجة بالحجة والواقعة بالواقعة والوثيقة بالوثيقة” وتميزوا بقدرة ممتازة في معرفة الواقع والحال وتوازنات القوى والظروف المحلية والاقليمية المؤثرة.
تصرف الجيش والسلطة بالكثير من العقلانية والبراغماتية وضبط الاعصاب، فأنجز أولوية حماية مصر، وتصفية جماعات الإرهاب التي استهدفت القاهرة والضباط والقضاة، والكنائس والأقباط… وتوطنت في سيناء وليبيا والسودان، وخاض الجيش حرب في سيناء مرفق مع خطط الإعمار والتطوير، وأمن حماية الحدود الغربية والجنوبية، ووفر كل أسباب الاستقرار ومنع سوق مصر للفوضى التي تم التخطيط لسوقها إليها.
أنجز توسعة القناة بأموال وأيدي مصرية وبسرعة قياسية، واطلق خطة بناء العاصمة الإدارية وبناء 220 مدينة لإنهاء ظاهرة المدن والأحياء العشوائية، وأصلح بنى الطرق والكباري وشق أكثر من 9 آلاف كيلو متر، مع تحديث المترو، ووسائط النقل والأهم امن الكهرباء 24/24، وتركز الجهد على ترميم وإصلاح قطاع التعليم والاستشفاء، وتم تأمين أكثر من 3 مليون فرصة عمل. وتم التعاقد على محطة الضبعة النووية مع روسيا، ومع الصين وقعت عقود طويلة ونوعية ومجزية، بما فيها إقامة المدن الصناعية المشتركة الروسية الصينية المصرية. وتحول بالسلاح من أميركي الأوروبي إلى روسي صيني وافتتحت قواعد عسكرية نوعية وامتلكت مصر حاملات طائرات، وأحدث الطائرات والسلاح الروسي، واطلقت مشاريع قومية كبيرة في الزراعة والري والطاقة الشمسية، وتسييل الغاز، وتمت اكتشافات نوعية من حقول الغاز والنفط، ومناجم الذهب، ووقعت تعاقدات مع المانية ودول اوروبية لإنشاء مصانع إنتاجية ذات منتجات نوعية، كما شرعت بالتحول شرقاً في علاقاتها الاقتصادية وتبادلاتها وفي دبلوماسيتها…. ولتأمين إسقاط الإخوان وتمويل مصر بالضروريات تفاهم مع الإمارات والسعودية وأمن مصر بالنفط وبالودائع الخليجية وتعزيز الاستثمار الخليجي فيها، وفي سورية تصرف بحكمة فرفض السيسي حضور القمم العربية إذا كانت المعارضة تشغل مقعدها. وبهدوء استعاد الجامعة من قيادة قطر، وعطل دورها في الحرب على سورية وليبيا والعراق، وتوافق مع محمد بن سلمان وبن زايد على تشكيل محور ضد الإخوان وقطر وتركيا وإيران، ووصفهم بيان مشترك بدول الشر، ولم يستجب لطلبات محمد بن سلمان وبن زايد لتوريط مصر في الحرب اليمنية، وتحمل وقف الدعم المالي والنفطي وسدد الودائع في مواعيدها، وتبنى الجيش الليبي والعشائر خاصة عشائر شرق ليبيا ودربها وسلحها، وكادت مصر تشتبك مع تركيا بعد معارك طرابلس ومحاولات تركيا والإخوان السيطرة على قاعدة الجفرة والمثلث النفطي، وتحالفت مصر مع روسيا في ليبيا وأمنت بالتفاهم مع بن سلمان وبن زايد ومع الروسي تسويات وتصفية بؤر توتر في القنيطرة ودرعا، وغوطة دمشق، وتلبيسة وحمص، وأوقفت السعودية والإمارات تمويل فصائل إرهابية كانت محسوبة عليها، وحلت غرفة الموك في الأردن بتدخل ودور مصري فاعل، واعلنت مصر وعلى لسان السيسي رفض تقسيم سورية والحفاظ على وحدتها واستعادة سيادتها ورفضت الاحتلالات والتدخلات الخارجية. كما لعبت دورا محوريا في اسقاط النهضة في تونس والإخوان في السودان ولعبت دوراً محورياً في رد المحاولات التركية للسيطرة واستعادة العثمانية في العرب والمسلمين على أعقابها، وبعد حالة عداء أردوغان لمصر اضطر نفسه لاستجداء عودة العلاقات ولقمة مع السيسي.
في هذه يمكن استعراض الكثير، والنوعي، وقد تحققت الإنجازات بهدوء وبلا ضجيج، وعلى مهل، وقد أفصح كتاب وباحثون مقربون من السلطة عن قرار وتخطيط استراتيجي لاستعادة مصر لمكانتها ودورها والعودة الى مكانتها العربية والاقليمية والعالمية، إلا أن الخطط تبنى على الإفادة من أسباب إخفاقات محاولاتها مع محمد علي ومع التجربة الناصرية، وكلتاهما لم تنجح لأنهما استعجلا دوراً مصرياً عربياً واقليميا وعالمياً قبل تأمين مصر أولاً، فالجهد والخطط بحسبهم تركز على تأمين مصر أولاً ثم إعدادها وتأمينها لاستعادة دورها ومكانتها التاريخية
… / يتبع
غداً: وماذا عن الأزمة المالية والتضخم وانهيار العملة الوطنية والاستجابة لضغوط صندوق النقد… هل من مفر..
أين تفترق الخيارت المصرية عن التركية؟
٠٠٠/ يتبع