اليمن تنتصر لغزة هاشم وقناة السويس

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

حين فكر قادة الكيان الصهيوني في شق قناة بديلة لقناة السويس، كان الهدف الأكبر لهم هو التحكم في الاقتصاد العالمي ووضعه تحت رحمة قناة بن جوريون التي خططوا لشقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة لتصل بين خليج العقبة والبحر الأبيض المتوسط، مقدمين أنفسهم شركاء استراتيجيين على طريق التجارة العالمية، غير عابئين بما سيحل بالاقتصاد المصري من تدهور جراء إنخفاض إيرادات قناة السويس التي ستكون متخلفة جداً مقارنة مع الخدمات الحديثة التي ستوفرها القناة الصهيونية الجديدة، والتي قيل بأنها ستكون مزودة بمسارين بحريين يسمحان بمرور السفن في الاتجاهين واختصار وقت العبور بدل الانتظار .

كان الصهاينة ينظرون إلى قطاع غزة بإعتباره التحدي الأول لهذا المشروع الحيوي والأرض الموعودة لإنشاءها، لذلك كانوا يتحينون الفرصة من أجل مسح القطاع من على وجه الخريطة من البشر قبل الحجر، وهكذا عمد الجيش الصهيوني الى شن حرب قاتلة لا هوادة فيها من أجل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ليس انتقاماً لطوفان الأقصى فحسب، بل لتحقيق أمنية لطالما تطلعوا وخططوا لها طويلاً تقضي بتهجير الفلسطينيين من القطاع، بهدف عنصريتهم وتخطيطهم لإلغاء اي تأثيرات سلبية على مستقبل القناة لهذا التواجد الديموغرافي الكبير، وهكذا أمعنت القوات الصهيونية في القتل والتنكيل وقصف كل ما يتحرك على وجه الأرض الفلسطينية بالقنابل والأسلحة الأمريكية الفتاكة.

لكن الفلسطينيين الذين رفضوا التهجير وقاوموه بكل صمود واستبسال أفشلوا الخطط الصهيونية، فما كان من الصهاينة وأمريكا التي تقف ورائهم سوى إطالة أمد الحرب، والعمل على تدمير قطاع غزة على رؤوس أهله وساكنيه، طوال أكثر من عشرة أسابيع من القتل والإبادة تحت حماية ورعاية أمريكية بشعة جعلتها تقف بكل وقاحة ضد كل دعوات وقف إطلاق النار التي ضجت وصرخت بها كل شعوب ودول العالم.

حتى بعث الله عليهم أهل اليمن العربية الأصيلة، فإذا بالقوات اليمنية تعلن إغلاق مضيق باب المندب في وجه الصهاينة إنتصاراً لفلسطين وأهلنا في غزة عبر تنفيذ قرار منع كافة السفن المتجهة الى الموانئ الصهيونية بالمرور من المضيق، ورغم إمتلاك الصهاينة موانئ بديلة على شواطى البحر الابيض المتوسط، إلا أن المعضلة الرئيسية التي واجهتهم هي “سقوط مشروع قناة بن جوريون” وهكذا ضرب اليمن عصفورين بحجر واحد في لحظة فاصلة ومصيرية.

لقد إستطاع اليمنيون تشكيل ضغط إسترايجي غيَّر موازين القوى وقدم إسناداً كبيراً غير متوقع شكل دعماً ونصر المقاومين المقاتلين في قطاع غزة، لكنه في الوقت ذاته شكل انتصاراً استراتيجياً تاريخياً لقناة السويس موفراً لها حماية مستقبلية، فهذا اليماني العظيم الذي إستطاع منع السفن الصهيونية والسفن المتجهة للموانئ الصهيونية من المرور عبر مضيق باب المندب، سيكون قادراً على منع السفن المتوجهة لقناة بن جوريون عند الحاجة مجدداً وفي المستقبل.

وحين يسقط مشروع قناة بن جوريون تنتعش قناة السويس وتحافظ على دورها الاستراتيجي ويحفظ العرب حقهم وسيادتهم على الممر المائي العربي في “البحر الأحمر” الواصل بين مضيق باب المندب وقناة السويس تحت السيطرة والحماية العربية الخالصة، وربما قال بعض المحللين بأن ما تقوم به اليمن يؤثر على الملاحة الدولية في البحر الاحمر وخاصة المتجهة لقناة السويس حالياً، إلا أن هذا التأثير الصغير جداً، يشكل حماية مستقبلية لقناة السويس ويجعل الصهاينة يفكرون مراراً قبل الإقدام على تنفيذ مشروع قناة بن جوريون.

وهكذا فإن الحماسة الامريكية لتشكيل تحالف بحري من 40 دولة لحماية الملاحة في البحر الأحمر والبحر العربي مروراً بباب المندب، ما هو سوى خطة خبيثة لخداع العرب جميعاً من أجل حماية المصالح الاسترتيجية الصهيونية حاليا عبر السماح بانسيابية السفن للموانئ الصهيونية، ومستقبلاً عبر رعاية شق وإنشاء القناة الصهيونية البديلة لقناة السويس.

من هنا وجب علينا نحن العرب كل في مكانه وموقعه أن نتفهم الدور الكبير الذي يقوم به اليمنيين وأن نتوجه لهم بالشكر والتقدير وهم يحمون العمق العربي، ويساهمون في دعم أشقائنا الفلسطينيين، ويحمون الملاحة في قناة السويس من القرصنة الصهيونية الممولة من الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي يقومون بحماية الإقتصاد المصري من كارثة محققة ستؤثر ليس على القرار السياسي والسيادي لجمهورية مصر العربية، بل على الوضع الاقتصادي والمعيشي لأكثر من 100 مليون مواطن مصري عربي.

أن تشكيل هذه القوة الشيطانية هدفها الرئيسي تخفيف الضغط العالمي على الكيان الصهيوني الذي بات معزولاً ومنبوذا بسبب حربه القذرة ضد الشعب الفلسطيني، وبالتالي علينا أن ندعو الجميع للابتعاد عن المشاركة في هذه القوة البحرية التي تشكلها أمريكا لحماية مستقبل حليفتها وذراعها العنصرية الإرهابية في المنطقة، وليس حسب ماتدعي من حماية الملاحة الدولية، لانها سبق أن عبثت في القوانين الدولية في البر والبحر والجو، بل وأفشلت مجلس الأمن ومنظمة الامم المتحدة وجميع المنظمات المنبثقة عنها، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية، غير عابئة بمستقبل أحبتنا في فلسطين ومصر العربية العظيمة،
لقد ولى زمن الخداع والانصياع، وآن وقت إعادة رسم التحالفات والاتفاقيات بين دولنا بما يرعى ويحمي مصالحنا العربية، ولتذهب أمريكا ومصالحها الى الجحيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى