
تداعيات حرية ابداء رأي صائب
محاكمة الفكر واملاءات مفروضة وإلا...
كتب صباح الشويري
فوجئت بتداعيات إبداء الرأي في لبنان، البلد الذي يدعي إعلاميوه المطالبة بـ “حرية التعبير” وكأن حالة الفصام تسيطر على اللبنانيين عامة وبعض الاعلاميين على وجه الخصوص، فللسعوديين حرية كتابة يما يناسب وطنهم ومواطنيهم دفاعاً أو هجوماً، الاعلان عما يمس بسلمهم ومعتقداتهم، وهذا أمر من المفترض بنا احترامه لأنهم حقاً يريدون الحفاظ على مجتمعهم ومعتقداتهم، ولكن أن يصير اللبناني (متسعود) دفاعا عن مصالح الساسة والزعماء اللبنانيين؟ فهذا أمر مستغرب.
في لبنان يرفض الاعلام ان يحجّم او يحد من حريته “في الشتم والسباب” ويطالب بحرية إبداء الرأي وحرية التعبير واحترام فكر الآخرين، وفي المقابل يحاسب انسان عما سلف من فكر الحميع يعرفه مسبقاً.
فبعدما شكّلت تصريحات وزير الاعلام اللبناني (قبل أن يصير وزيراً) ضمن برنامج “برلمان الشعب” حالة خاصة من خلال ردوده التي لم يغيرها منذ الأزمات العربية العربية وما قبلها، والجميع يعرفه، فلماذا اليوم شكّلت أزمة دبلوماسية، ويحاسب على ما قبل الوزارة ممن يعرفونه جيداً ويعرفون مواقفه التي لم يحزح عنها قيد أنملة. إلا أن الهجوم الذي يتلقاه الوزير جورج قرداحي من بعض الاعلام اللبناني قبل الخليجي والسعودي شجع رفع وتيرة الشتائم والسباب، أو بالاحرى فتح الباب ليتحول ابداء الرأي قبل التكليف الى أزمة دبلوماسية لا حلّ لها.
فكم من انسان عربي شتم اللبنانيين، وكم من انسان غربي دافع عن اسرائيل، فلم نجد أحدداً من هؤلاء دافع عن مواطنه اللبناني وبشراسة كما تهجم على طرح رأي مسبق، وصل بعضهم الى حد مطالبته بالاستقالة قبل أن تطالبه تلك الدول التي ذكرها. فيما كان الوزير قرداحي واضح بطرحه
استعداد سعودي مسبق
لم يكن تصريح الوزير قرداحي هو السبب المباشر لهز العلاقات اللبنانية- السعودية، بل كما يقول المثل “القصة مش عين الرمانة بل قلوب مليانة” فقد طفح كيل السعودية من احباط عمليات تهريب المخدرات بشكل متكرر، وانذر الحكومة اللبنانية مرات عدة وبقيت سلسلة التهريب قائمة بأفكار متبكرة، الى أن عرضت حلقة “برلمان الشعب” التي قضمت ظهر البعير بين لبنان والسعودية، ونكرر ان رأي قرداحي معروف ولم يتغير لأن قناعته واضحة من الحرب العربية- العربية وعبثيتها، وسبقه في هذا الطرح النائب والوزير السابق وليد جنبلاط (ولم تقم وقتها الدنيا). ولكن مع الاعلامي جورج قرداحي اختلف الموضوع، ودمج ما صرح به قبل أن يصير وزيراً ليعاقب شعب ودولة، وصوّر الأمر وكأن ما قيل من خلال مسؤوليته الحالية كوزير للاعلام.
فقد باتت العلاقات اللبنانية السعودية مهددة بعد سلسلة شروط أملتها المملكة على الدولة اللبنانية منها ما هو محق كمكافحة المخدرات، وغيرها من الشؤون الدستورية القانونية، ومنها:
بدءاً بأعلان المملكة يوم أمس استدعاء سفيرها في بيروت للتشاور، وإمهال السفير اللبناني في الرياض 48 ساعة للمغادرة، مقررةً وقف جميع الواردات اللبنانية إلى المملكة؛ لحماية أمن المملكة وشعبها، مبينة أنه سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لتحقيق تلك الأهداف.
وأشارت السعودية في بيان، إلى التصريحات المسيئة لها الصادرة من وزير الإعلام اللبناني، والتي تمثل حلقة جديدة من المواقف المستهجنة والمرفوضة الصادرة عن مسؤولين لبنانيين تجاه المملكة وسياساتها فضلاً عما تتضمنه التصريحات من افتراءات وقلب للحقائق وتزييفها.
وأعربت عن أسفها لما آلت إليه العلاقات مع بيروت بسبب تجاهل السلطات اللبنانية للحقائق واستمرارها في عدم اتخاذ الإجراءات التصحيحية التي تكفل مراعاة العلاقات التي طالما حرصت المملكة عليها من منطلق ما تكنه للشعب اللبناني العزيز من مشاعر أخوية وروابط عميقة.
ولفتت إلى عدم اتخاذ لبنان الإجراءات التي طالبت بها المملكة لوقف تصدير آفة المخدرات من لبنان من خلال الصادرات اللبنانية للمملكة، لا سيما في ظل سيطرة حزب الله الإرهابي على كافة المنافذ، وكذلك عدم اتخاذ العقوبات بحق المتورطين في تلك الجرائم التي تستهدف أبناء الشعب السعودي، وعدم التعاون في تسليم المطلوبين للمملكة بما يخالف اتفاقية الرياض للتعاون القضائي.
وأكدت الرياض أن سيطرة حزب الله الإرهابي على قرار الدولة اللبنانية جعل من لبنان ساحة ومنطلقاً لتنفيذ مشاريع دول لا تضمر الخير للبنان وشعبه الشقيق الذي يجمعه بالسعودية بكافة طوائفه وأعراقه روابط تاريخية منذ استقلال لبنان، وكما هو مشاهد من خلال قيام حزب الله بتوفير الدعم والتدريب لميليشيا الحوثي الإرهابية.
وحرصاً على سلامة المواطنين في ظل ازدياد حالة عدم استقرار الأوضاع الأمنية بلبنان، شددت السعودية على ما سبق أن صدر بخصوص منع سفر المواطنين إلى لبنان، مؤكدة في الوقت ذاته حرصها على المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة الذين تعتبرهم جزءا من النسيج واللحمة التي تجمع بين الشعب السعودي وأشقائه العرب المقيمين في المملكة، مبينة أنها لا تعتبر ما يصدر عن السلطات اللبنانية معبراً عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في المملكة والعزيزة على الشعب السعودي.